أثارت عملية تسليم رفات أربعة رهائن إسرائيليين فقط من قبل حركة حماس موجة من التوتر والقلق حول مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في وقت تتصاعد فيه الانتهاكات والاتهامات المتبادلة بين الطرفين. وأكد الجيش الإسرائيلي تسلم وزارة الدفاع الأميركية الجثامين الأربع عبر الصليب الأحمر، بينما تصف مصادر أمنية إسرائيلية هذا العدد بأنه "خرق فاضح" لبنود الاتفاق المبرم.
تواجه الاتفاقية تحديات جوهرية تهدد استمراريتها، حيث أوصت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بعدم فتح معبر رفح وتعليق إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع حتى تسليم جميع رفات الرهائن المتوفين المحتجزين لدى حماس. ويشير هذا القرار إلى تصعيد خطير قد يؤدي إلى انهيار الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها بجهود دولية مكثفة.

وفي تطور مثير للقلق، لوح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستخدام "العنف" لنزع سلاح حماس إذا رفضت الحركة القيام بذلك بنفسها، مضيفاً أن تسليم الجثث المتبقية للرهائن المتوفين خطوة ضرورية للانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق. هذه التصريحات تعكس تصاعداً في الخطاب الأمريكي وقد تؤثر سلباً على جهود الوساطة الدولية الجارية.
من جانبها، اتهمت حركة حماس إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة إلى مقتل سبعة فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية في اليوم الخامس لسريان الهدنة. وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم إن القصف الإسرائيلي وإطلاق النار على المدنيين يشكل "انتهاكاً صارخاً" للاتفاق، مطالباً الوسطاء بمتابعة السلوك الإسرائيلي وعدم السماح له بالتهرب من التزاماته.

رد الجيش الإسرائيلي بالقول إن قواته أطلقت النار على "مشتبه بهم" اجتازوا الخط الأصفر المحدد في الاتفاق واقتربوا من مواقعه العسكرية في شمال القطاع، مؤكداً أن هذا الاقتراب يشكل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار وأن القوات اضطرت لإطلاق النار "لإزالة التهديد". هذا التبرير يشير إلى تفسيرات متضاربة لبنود الاتفاق قد تؤدي إلى تصعيد أكبر.
تواجه عملية إدخال المساعدات الإنسانية عقبات جدية، حيث دعت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى فتح جميع المعابر المؤدية إلى غزة. وأكد ينس ليركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الحاجة الماسة لفتح "كل المعابر"، مشيراً إلى أن بعضها "مدمر جزئياً" ويحتاج إلى إصلاح ليصبح قابلاً للتشغيل.
وحذر وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير من قطع إمدادات المساعدات عن غزة إذا "فشلت" حماس في إعادة رفات الجنود المحتجزين في القطاع. هذا التهديد يضع المساعدات الإنسانية الحيوية للسكان المدنيين كورقة ضغط سياسية، مما يعقد الوضع الإنساني المتردي أصلاً في القطاع.

في محاولة لإنقاذ الاتفاق، تتواصل في شرم الشيخ المصرية مفاوضات فنية بين وفود من مصر وأمريكا وقطر وتركيا، بحضور ممثلين عن حماس وإسرائيل، لبحث تنفيذ المراحل التالية من الاتفاق وآلية تثبيت وقف إطلاق النار. هذه المحادثات تأتي في ظل أجواء متوترة تهدد بتقويض الجهود الدبلوماسية المبذولة لإنهاء عامين من الحرب المدمرة.
أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن بعثة المراقبة المدنية على معبر رفح ستعود للعمل اعتباراً من الأربعاء، مؤكدة أن البعثة يمكن أن تلعب "دوراً مهماً" في دعم استقرار وقف إطلاق النار رغم تعقيدات الوضع. ومع ذلك، لا يزال مدى التزام إسرائيل بإعادة تأهيل الجانب الفلسطيني من المعبر غير واضح، مما يثير تساؤلات حول فعالية هذه الخطوة.
تشير اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن انتشال جثث جميع الرهائن الإسرائيليين القتلى يمثل "تحدياً هائلاً" تحت أنقاض غزة المدمرة، محذرة من احتمالية عدم العثور على بعضهم أبداً. هذا الواقع المأساوي يضيف بعداً إنسانياً معقداً للصراع السياسي الدائر حول تنفيذ الاتفاق، ويفسر جزئياً صعوبات تسليم جميع الرفات المطلوبة في الجدول الزمني المحدد.
وفي إطار المرحلة الأولى من الاتفاق، استقبلت مصر 145 سجيناً فلسطينياً أفرجت عنهم إسرائيل شريطة إبعادهم عن الأراضي الفلسطينية، بينما أطلقت حماس سراح عشرين رهينة إسرائيلية أحياء كانوا محتجزين لديها. هذا التبادل الجزئي يوضح إمكانية تنفيذ بعض بنود الاتفاق، لكنه يبرز أيضاً الخلافات حول التفاصيل التنفيذية التي تهدد الهدنة الهشة. مع تصاعد التوترات والانتهاكات المتبادلة، تواجه المنطقة خطر العودة إلى دوامة العنف التي استمرت لأكثر من عامين وخلفت دماراً واسعاً في قطاع غزة.