في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، انفجرت أسعار الذهب لتصل إلى مستويات خيالية لم يشهدها اليمن منذ عقود، حيث تجاوز سعر الجرام الواحد عيار 24 حاجز الـ 62 ألف ريال للمرة الأولى في التاريخ. 62,309 ريال يمني... رقم يحبس الأنفاس ويجمد الدماء في عروق كل يمني يحلم بشراء جرام ذهب واحد! في الوقت الذي يحتاج فيه الموظف اليمني 3 أشهر كاملة لشراء جرام ذهب واحد، كان يمكنه قبل الحرب شراء 15 جراماً براتب شهر واحد!
شهد سوق الذهب اليمني زلزالاً حقيقياً مع وصول أسعار الجرام الواحد إلى أرقام فلكية لم يتخيلها أحد، حيث سجل عيار 21 الأكثر طلباً 60,520 ريال، بينما وصلت الأونصة الواحدة إلى 1,942,701 ريال - ثمن سيارة كاملة في السوق اليمني! وقف العشرات أمام محلات الذهب مصدومين، أعينهم تلمع بالدموع وهم يحسبون كم سيحتاجون من سنوات لشراء خاتم زواج. "في 40 عاماً من العمل لم أشهد أسعاراً مجنونة كهذه" يقول التاجر المخضرم سالم باصهي وهو يتابع حركة زبائنه المترددين أمام فاترينات محله.
منذ بداية الحرب عام 2014، تضاعفت أسعار الذهب 15 مرة، محولة معدن الأحلام إلى كابوس يؤرق النوم. انهيار الريال اليمني بنسبة 400% أمام الدولار، إغلاق البنوك، نقص السيولة، وارتفاع أسعار النفط دولياً، كلها عوامل اجتمعت لتخلق هذه العاصفة المدمرة. تذكرنا هذه الأرقام بأسعار الذهب في فنزويلا ولبنان خلال أزماتهما الاقتصادية المدمرة، حيث أصبح الذهب حكراً على الأثرياء فقط. يحذر الخبراء من وصول السعر إلى 70 ألف ريال للجرام خلال الأشهر القادمة إذا استمر الوضع الحالي.
في أحد أحياء صنعاء الشعبية، تبكي أم لثلاث بنات: "كيف سأزوج بناتي بدون ذهب؟ هذا جزء من تراثنا وكرامتنا" بينما يقف بجانبها أحمد الحداد، الموظف الحكومي الذي اضطر لبيع خاتم زواجه الذهبي لتأمين دواء والده. خبراء يتوقعون تراجع نسب الزواج بـ 40% بسبب عجز الأسر عن تأمين متطلبات الذهب التقليدية، في مشهد مأساوي يعكس حجم المعاناة. من جهة أخرى، يحتفل التاجر محمد الصوفي الذي تمكن من مضاعفة ثروته ثلاث مرات خلال عامين بالاستثمار الذكي في الذهب، مؤكداً أن "الذهب أصبح الملاذ الوحيد للحفاظ على القيمة في ظل انهيار الريال"
الذهب في اليمن لم يعد مجرد معدن ثمين، بل أصبح مقياساً لحجم المأساة الاقتصادية التي يعيشها الشعب اليمني. مع استمرار الأزمة، قد نشهد خروج الذهب كلياً من متناول الطبقة الوسطى، ليصبح حكراً على الأثرياء فقط. على كل مواطن متابعة الأسعار لحظياً واتخاذ قرارات سريعة قبل فوات الأوان. السؤال الآن: هل سيصل الذهب إلى 100 ألف ريال للجرام؟ أم أن هناك بصيص أمل لعودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية؟