في هذا السياق، "الموت" هنا يشير إلى السجن الطويل والحرمان من الحرية، حيث قضى السجين أحمده حمود حسن الوجيه 34 عاماً خلف القضبان دون ذنب اقترفه، في قصة تحكي عن الظلم الجائر والأنظمة القضائية المهترئة. الرقم 34 ليس مجرد عدد، بل هو عمر جيل كامل، زمن طويل تعرض فيه أحمده للحرمان من الحرية، بسبب شهادة زور كانت كالإعصار المدمر الذي قلب حياته رأساً على عقب.
"ثلاثة عقود ونيف من الألم والمرارة، عاصر خلالها العالم وهو يواصل التغير والتطور بينما كنتُ أسير داخل أربعة جدران،" هكذا عبر أحمده بعد أن شهد الإفراج عنه أخيراً. العائلة الملتفة حوله بعد هذه السنوات تصف المشهد كحلم طال انتظاره، حلم قد يكلف أي منا حياته الطبيعية إذا لم تتحرك السلطات الآن لإجراء إصلاحات حقيقية.
32 عامًا من شقاء النفس وإفراغها من كل طاقة، حدث أحمده قضاء مؤلم وشاب خرج مسنًا. من السجن الشعور بثقل الأغلال وصوت صرير الأبواب كانا طعامه اليومي. وبالنظر إلى الأرقام، 34 سنة، أي أكثر من 12,400 يوم، فإن هذه الحالة تُظهر الخلل العميق في نظام العدالة الذي يمكن أن يودي بحياة الإنسان تمامًا كما فعل مع أحمده، مما يجعل مطالبات الإصلاح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
ارتبطت هذه القضية بضعف واضح في النظام القضائي، الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على الشهادات دون آلية تحقق متقدمة. "هذه قضية دريفوس اليمنية، إن صح التعبير، تفصح عن حالات مشابهة في العالم العربي حيث يكون الإنسان هو الثمن الأكبر للخطأ القضائي، وحيث تظل العدالة قيد الإمكانات التكنولوجية المتطورة"، هذا ما علّق عليه د. محمد العدالة، خبير القانون الجنائي.
التأثير اليومي على الشارع هو فقدان الثقة الكبرى في الأنظمة القضائية، والمواطنون الآن بين مطرقة الإدانات الخاطئة وسندان المؤسسات المتحجرة. مع نهاية هذه القصة الغامضة، تتواصل المطالبات بفتح قضايا مشابهة ومراجعتها لعل في ذلك درس مستفاد. السؤال المطروح للنظام القضائي اليمني الآن: هل سيتحرك لإصلاح مساره أم أن مثل هذه القصص ستظل تتكرر لتذيلها دموع العدالة المسلوبة؟
نحن الآن أمام فرصة لا تعوض لإعادة بناء الثقة في جهاز العدالة، وإلا فكم من الأبرياء ما زالوا ينتظرون خلف القضبان علّ أحد يشعر بهم كما حدث مع أحمده؟ الدعوة مفتوحة لكل الأحرار للمطالبة بإصلاح شامل وتعويض الضحايا على كل ما فقدوه في زنزانات الظلم هذا، فهل سنرى تغييرات ملموسة أم ستبقى هذه القصة نقطة في بحر من الأحزان؟