في تطور مذهل يعيد الأمل لقلوب آلاف اليمنيين، شهدت العاصمة صنعاء أمس تسليم مشاريع مائية ضخمة بقيمة 162 مليون ريال، لتصل خدماتها الحيوية إلى 6500 مواطن في لحظة تاريخية هي الأولى من نوعها منذ عقد كامل من الحرب المدمرة. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل شرايين حياة جديدة تضخ الأمل في عروق مدينة عانت طويلاً من العطش والحرمان.
المشاريع الثلاثة التي تم تسليمها تشمل شبكة مياه بطول 3000 متر في حارة بئر المعجوني لتخدم ألفي نسمة، والمرحلة الثانية من شبكة الصرف الصحي في حي السنينة الجنوبية بطول 2340 متراً لثلاثة آلاف نسمة، ومشروع صرف صحي في حارة السقاة بطول 1370 متراً لـ1500 نسمة. أم أحمد، ربة منزل من السنينة الجنوبية، تقول بدموع الفرح: "لسنوات عشنا كابوس طفح المجاري أمام بيوتنا، اليوم نشعر أننا نولد من جديد."
خلف هذا الإنجاز قصة كفاح استثنائية في ظروف استثنائية، حيث تمكنت الإدارة العامة لمشاريع المبادرات المجتمعية من تحويل حلم المياه النظيفة إلى حقيقة ملموسة رغم تحديات الحرب والحصار. المهندس صالح الإدريسي، مدير المشاريع، يؤكد أن "هذه المشاريع تمثل أول خطوة حقيقية لإعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها سنوات الصراع." الأمر الأكثر إثارة أن 100 مليون ريال إضافية تم تخصيصها لمشاريع أخرى، مما يشير إلى خطة طموحة لتحويل وجه العاصمة.
هذا التطور ليس مجرد إنجاز تقني، بل ثورة حقيقية في حياة الآلاف من الأسر التي ستودع معاناة البحث عن المياه النظيفة والخوف من الأمراض المعدية. أبو يوسف، تاجر من حارة بئر المعجوني، يصف اللحظة التي شاهد فيها تدفق المياه من الصنابير الجديدة: "كان صوت المياه كموسيقى السماء، بعد سنوات من الجفاف والعطش." الخبراء يتوقعون انخفاضاً حاداً في حالات الكوليرا والأمراض المنقولة بالمياه، مع تحسن جذري في نوعية الحياة لآلاف العائلات.
مع اقتراب موسم الأمطار، تكتسب هذه المشاريع أهمية استراتيجية في منع الكوارث الصحية وحماية الأرواح. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستصبح هذه المشاريع نواة لنهضة شاملة في البنية التحتية، أم ستبقى جزيرة معزولة في بحر من الاحتياجات اللامتناهية؟ الإجابة تكمن في قدرة المجتمع على الحفاظ على هذا الإنجاز وتوسيعه ليشمل كل أحياء العاصمة العطشى.