الرئيسية / شؤون محلية / كيف تؤثر حرب العملات بين بنكي صنعاء وعدن على جيوب اليمنيين؟ البنك المركزي يطرح حلولاً متناقضة
كيف تؤثر حرب العملات بين بنكي صنعاء وعدن على جيوب اليمنيين؟ البنك المركزي يطرح حلولاً متناقضة

كيف تؤثر حرب العملات بين بنكي صنعاء وعدن على جيوب اليمنيين؟ البنك المركزي يطرح حلولاً متناقضة

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 11 سبتمبر 2025 الساعة 07:10 مساءاً

تشهد حياة المواطنين اليمنيين تدهوراً مستمراً وسط صراع غير معلن بين البنكين المركزيين في صنعاء وعدن، حيث تتضارب القرارات النقدية وتتعارض السياسات المالية بشكل يعمق من أزمة العملة الوطنية ويضاعف معاناة ملايين اليمنيين الذين يواجهون تقلبات يومية في قيمة مدخراتهم وأجورهم.

أعلن البنك المركزي اليمني في صنعاء مؤخراً عن إدخال عملة معدنية جديدة من فئة خمسين ريالاً، بينما حظر في الوقت نفسه تداول العملة الورقية من فئة مائتي ريال من الإصدار الثاني. هذه القرارات المتناقضة تأتي في توقيت حساس، حيث يحاول البنك المركزي في عدن معالجة أزمة السيولة الخانقة من خلال قرار فتح مزادات لأدوات الدين العام المحلي بقيمة خمسمائة مليون ريال يمني وبعائد فائدة ثمانية عشر بالمائة.

الوضع الاقتصادي المتدهور ينعكس بوضوح على أسعار الصرف المتذبذبة، حيث يسجل الريال السعودي الواحد حالياً أربعة وستين ريالاً يمنياً، بينما يصل الدينار البحريني إلى ستمائة وخمسة وثلاثين ريالاً يمنياً. هذه التقلبات المستمرة تجعل المواطنين في حالة قلق دائم حول قيمة ما يملكونه من نقود، خاصة مع غياب التنسيق بين السلطات النقدية المتنافسة.

يكشف الخبير المالي وحيد الفودعي في تدوينة مفصلة أن خزينة البنك المركزي في عدن تواجه حالة "شبه فراغ"، مما يفسر العجز المتكرر عن صرف رواتب موظفي الدولة في المحافظات المحررة. هذا الوضع دفع البنك المركزي في عدن إلى اللجوء لحلول استثنائية مثل إصدار سندات خزينة طويلة الأجل لثلاث سنوات بعائد عشرين بالمائة.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو التأثير المباشر على جيوب المواطنين العاديين، الذين يجدون أنفسهم ضحايا لهذا التنافس المؤسسي المدمر. فبينما يسعى بنك صنعاء لتعزيز هيبة العملة من خلال طرح نقود معدنية جديدة ومنع تداول فئات معينة، يركز بنك عدن على حلول مؤقتة لأزمة السيولة دون معالجة جذرية للمشكلة الأساسية.

تشير التقارير الاقتصادية إلى أن كشف اسباب فراغ خزائن المركزي! يعود إلى عوامل متعددة منها السحب الحكومي بلا غطاء والمضاربة بالعملة. هذا الوضع يضع المواطنين في حيرة مستمرة حول مستقبل مدخراتهم، خاصة مع استمرار مستجدات عاجلة بشأن ازمة الرواتب التي تهدد بتأخير إضافي في صرف أجور موظفي القطاع العام.

المفارقة الصارخة تكمن في أن بنك صنعاء يدعي أن إصدار العملة المعدنية الجديدة لن يؤثر على الكتلة النقدية أو أسعار الصرف، بينما يحظر في الوقت نفسه تداول فئات نقدية أخرى. من جهة أخرى، يضطر بنك عدن لطرح أدوات دين عام بفوائد مرتفعة نسبياً، مما يشير إلى يأس شديد في إيجاد مصادر تمويل بديلة لمواجهة الأزمة الطاحنة.

يواجه المواطنون اليمنيون تحدياً مضاعفاً، حيث يتعين عليهم التعامل مع تقلبات أسعار الصرف اليومية بجانب عدم اليقين حول صحة وقبول العملات التي يحملونها. فالعملة التي قد تكون مقبولة في منطقة تحت سيطرة إحدى السلطتين قد تواجه رفضاً أو تقييماً مختلفاً في منطقة أخرى تحت سيطرة السلطة المنافسة.

أدت هذه الحرب النقدية إلى تفاقم معاناة الأسر اليمنية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن تحويل ألف ريال سعودي يساوي حالياً أربعة وستين ألف ريال يمني، بينما كان المبلغ نفسه يحمل قيمة شرائية أكبر بكثير قبل تصاعد الأزمة. هذا التدهور المستمر يجبر العائلات على إعادة تقييم ميزانياتها بشكل يومي تقريباً.

النائب العام للجمهورية تدخل مؤخراً بإصدار قرار للنائب العام بشأن الصرافين (وثيقة) يمنح البنك المركزي في عدن صلاحيات معززة لمواجهة شركات الصرافة المتمردة. هذا القرار جاء وسط الاطاحة بقيادة البنك المركزي بعدن من قبل جمعيات الصرافين المحلية التي تعارض السياسات الجديدة.

محافظ البنك المركزي في عدن، أحمد المعبقي، رسميا..الكشف عن جرعة سعرية قاتلة! في مؤتمر صحفي مؤخراً، مؤكداً أن خمسة وسبعين بالمائة من إيرادات الدولة تتعرض للنهب، مما يفسر العجز المستمر في توفير السيولة النقدية اللازمة لتشغيل الاقتصاد بشكل طبيعي.

الوضع المعقد يزداد تعقيداً مع استمرار البنك المركزي في صنعاء في سياسة مزدوجة تتضمن إصدار عملات جديدة من جهة ومنع تداول أخرى من جهة ثانية. هذا التضارب يخلق بيئة من عدم الثقة بين المتعاملين بالعملة المحلية، خاصة التجار والمستثمرين الذين يحتاجون لاستقرار نسبي في النظام النقدي.

تشير معطيات السوق إلى أن كشف اخطر اسرار سعر الصرف! يكشف أن التحسن الأخير في قيمة الريال اليمني كان "تحسناً اسمياً" فقط، ولا يستند إلى إصلاحات جوهرية في السياسة المالية. هذا الأمر يعني أن المواطنين قد يواجهون انتكاسات أكبر في المستقبل القريب إذا لم تتخذ خطوات حقيقية لتوحيد السياسة النقدية.

البنوك التجارية تجد نفسها في موقف حرج، حيث عليها التعامل مع تعليمات متضاربة من سلطتين نقديتين مختلفتين. هذا الوضع يؤثر سلباً على الخدمات المصرفية المقدمة للمواطنين، بما في ذلك التحويلات المالية وخدمات الصرف والاعتمادات التجارية التي تعتبر ضرورية لاستمرار النشاط الاقتصادي.

المؤسسات المالية الدولية تراقب الوضع اليمني بقلق بالغ، حيث إن استمرار هذا التشتت في السياسة النقدية يعقد من مهام تقديم المساعدات المالية والاقتصادية للشعب اليمني. الجهات المانحة تواجه صعوبة في تحديد الطرف الشرعي للتعامل معه في القضايا النقدية والمالية، مما يؤخر وصول الدعم للمحتاجين.

حملات التحريض التي تقودها اعلان خطير بشأن سعر صرف العملة من قبل بعض شركات الصرافة ضد السياسات الجديدة للبنك المركزي في عدن تضاعف من حالة عدم الاستقرار. هذه الشركات تتهم البنك بالتمييز في منح التراخيص، بينما يرد البنك بأن إجراءاته تهدف لحماية العملة الوطنية من المضاربة والتلاعب.

القطاع الخاص يعاني بشكل خاص من هذه الفوضى النقدية، حيث تجد الشركات صعوبة بالغة في التخطيط المالي والتجاري في ظل غياب سياسة نقدية موحدة وواضحة. تكاليف المعاملات ترتفع بشكل مستمر، والمخاطر المالية تتزايد مع كل قرار متضارب يصدر عن أي من البنكين المركزيين.

رغم المحاولات المتكررة من الطرفين لتبرير سياساتهما، تبقى الحقيقة الصارخة أن المواطن اليمني العادي هو الضحية الأكبر لهذا الصراع المؤسسي. أموال المعاشات والرواتب والمدخرات الشخصية تتآكل قيمتها يومياً، بينما تزداد أسعار السلع الأساسية ارتفاعاً مع كل تذبذب في سعر الصرف.

الحلول المطروحة من البنكين تبدو أشبه بمعالجات سطحية لمشكلة جذرية تتطلب رؤية استراتيجية موحدة وتنسيقاً عالي المستوى بين جميع الأطراف المعنية. الاستمرار في هذا النهج التنافسي المدمر لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور في الأوضاع المعيشية للمواطنين وتفاقم الأزمة الاقتصادية الشاملة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.

شارك الخبر