تصاعدت في الساعات الأخيرة الجهود الدبلوماسية المصرية والسعودية لحشد الدعم الدولي لوقف المجاعة المتعمدة في قطاع غزة، بينما تكدس أكثر من 5000 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية على الحدود دون السماح لها بالدخول.
تحرك وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي خلال يوم واحد لإجراء سلسلة اتصالات هاتفية مكثفة شملت نظراءه في إيطاليا وألمانيا وهولندا، محذراً من خطورة التدهور المتسارع للأوضاع الإنسانية في غزة التي وصلت إلى مرحلة المجاعة.
وفي تطور متوازٍ، شدد مجلس الوزراء السعودي على مطالبة المجتمع الدولي بالإسراع في التدخل لإنهاء ما وصفته بـ"المجاعة المتعمدة" ووقف حرب الإبادة، مؤكداً دعمه الكامل لمخرجات الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في جدة.
التنسيق المصري السعودي يتكثف
عكس الاتصال الهاتفي بين عبدالعاطي ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان عمق التنسيق بين البلدين لمواجهة التحديات المتصاعدة في غزة. أعرب الوزيران عن رفضهما القاطع للعدوان الإسرائيلي المتواصل والجرائم التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، مشددين على ضرورة التحرك الفوري لوقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات دون عوائق.
تناول النقاش بين الجانبين خطورة التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، خاصة التوسع الاستيطاني غير القانوني الذي يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. اتفق الوزيران على أهمية توحيد الموقف العربي الرافض لهذه الممارسات ومواصلة الجهود المشتركة مع المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل باحترام التزاماتها القانونية والإنسانية.
جهود دولية متعددة المحاور
توسعت الجهود الدبلوماسية المصرية لتشمل المحور الأوروبي، حيث أجرى عبدالعاطي اتصالاً مع وزير خارجية هولندا الجديد دافيد فان فييل، مطلعاً إياه على الجهود المكثفة التي تبذلها مصر بالتعاون مع قطر لوقف إطلاق النار وضمان دخول المساعدات الإنسانية.
أشار الوزير المصري إلى أن استمرار إسرائيل في ارتكاب الجرائم ضد المدنيين وعرقلة وصول المساعدات الإغاثية والطبية أدى إلى تدهور غير مسبوق في الوضع الإنساني حتى بلغ حد المجاعة، رغم تكدس ما يقارب 5000 شاحنة محملة بالمساعدات على الحدود بانتظار الإذن بالدخول.
موقف رئاسي حاسم
جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في القمة الاستثنائية لرؤساء الدول الأعضاء في تجمع "بريكس" رفض بلاده القاطع لأي سيناريو يتعلق بتهجير أهالي قطاع غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل تمارس أبشع صور القتل والتجويع بحق الفلسطينيين منذ نحو عامين.
أوضح السيسي أن مصر تبذل جهوداً مضنية للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الأسرى، تمهيداً لبدء ترتيبات اليوم التالي لإدارة القطاع وإعادة إعماره.
تصاعد الأزمة الإنسانية
كشفت البيانات الرسمية عن تفاقم مأساوي للوضع الإنساني في غزة، حيث خلفت الإبادة الإسرائيلية أكثر من 64 ألف شهيد و163 ألف جريح من الفلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.
أدت المجاعة المتعمدة إلى وفاة 393 فلسطينياً بينهم 140 طفلاً، بينما يواجه أكثر من نصف مليون إنسان مستويات كارثية من الجوع وسوء التغذية. هذه المجاعة التي أعلنت للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط ليست نتيجة ظروف مناخية أو كوارث طبيعية، بل مجاعة "مصنوعة" متعمدة تهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني.
دعوات أوروبية للضغط
في السياق ذاته، دعت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس إلى الضغط على إسرائيل بشأن سلوكها في غزة، مؤكدة أن "خياراتنا للتحرك واضحة لكن لا اتفاق بشأنها بين الدول الأعضاء".
تأتي هذه الجهود الدبلوماسية المكثفة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، حيث استشهد 1019 فلسطينياً وأصيب نحو 7 آلاف آخرين في الضفة منذ بدء الحرب، إضافة إلى اعتقال أكثر من 19 ألف فلسطيني.
تشهد المنطقة حالة ترقب لنتائج هذه التحركات الدبلوماسية المتصاعدة، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية لوقف ما يصفه المراقبون بـ"استراتيجية التجويع المنهجي" التي تنتهجها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين.