شهدت شركة النفط اليمنية تخفيضاً تاريخياً في أسعار المشتقات النفطية يصل إلى 360 ريالاً للتر الواحد من البنزين المستورد، مطبقاً على أربع محافظات يمنية رئيسية، بينما تواجه محافظة لحج انقطاعاً كاملاً في التيار الكهربائي منذ أسابيع رغم هذا الانخفاض الاستثنائي في أسعار الوقود.
تعيش محافظة لحج في ظلام دامس منذ أسبوعين متواصلين، حيث تشهد مديريتا الحوطة وتبن انقطاعاً كاملاً للتيار الكهربائي، وفق ما أفاد المهندس منصر كرد، المدير التجاري لمؤسسة الكهرباء بلحج. وبرغم الإعلان الأخير عن تخفيضات ضخمة في أسعار الوقود، إلا أن هذا التطور الإيجابي لم ينعكس على تحسن وضعية الكهرباء في المحافظة الجنوبية.
يُعزى استمرار الأزمة الكهربائية إلى نفاد كميات الوقود المخصصة لتشغيل المولدات وعدم توفير أي كميات إسعافية للمحطات، حسب كرد الذي أكد عدم وجود مؤشرات على انفراج الأزمة إلا بتوفير كميات الوقود للمحطات بشكل مستمر. هذا الوضع يكشف عن تعقيدات هيكلية في منظومة توزيع الوقود تتجاوز مسألة الأسعار المعلنة.

ورغم إعلان شركة النفط اليمنية تخفيضات جذرية في أسعار المشتقات النفطية، حيث انخفض البنزين المستورد من 1550 ريالاً إلى 1190 ريالاً للتر الواحد، والديزل من 1550 إلى 1200 ريال بفارق 350 ريالاً، فإن هذه التخفيضات لم تصل بعد إلى محطات الكهرباء في لحج. كما شهد البنزين المحلي المحسن تراجعاً ملحوظاً بقيمة 335 ريالاً ليستقر عند 1015 ريالاً مقارنة بسعره السابق.
تواجه مؤسسة الكهرباء في لحج تحديات معقدة تتمثل في الزيادة الكبيرة في الأحمال الكهربائية مقابل عدم سداد فواتير الاستهلاك من قبل كثير من الأهالي، بالإضافة إلى الربط العشوائي للتيار الكهربائي الذي يهدر جزءاً كبيراً من الطاقة دون عوائد مالية. هذه العوامل تجعل من مجرد انخفاض أسعار الوقود غير كافٍ لحل الأزمة الكهربائية المستمرة.
تعتمد محافظة لحج، شأنها شأن المحافظات المجاورة، بنسبة 90% على الطاقة المستأجرة، مما يكلف الدولة مبالغ باهظة لتوفير الوقود وتكاليف عقود التأجير، في حين تتراكم على السكان ديون كبيرة لم يتم سدادها. وتكشف هذه الإحصائيات عن اعتماد مفرط على حلول مؤقتة بدلاً من استثمارات بنية تحتية مستدامة.
جاءت التخفيضات الأخيرة في أسعار الوقود نتيجة استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني للأسبوع الثاني على التوالي، مما مكّن شركة النفط من تمرير هذا الاستقرار إلى المستهلكين في محافظات عدن ولحج وأبين والضالع. وتطبق هذه الأسعار في جميع محطات الوقود الحكومية والأهلية بالمحافظات الأربع، وفقاً لسياسة الشركة المعتمدة لتعديل الأسعار بناءً على متغيرات سوق الصرف المحلي.
تشير معطيات تقرير لجنة برلمانية سابقة إلى أن 557 مليار ريال يمني أُنفقت في عام 2022 على شراء الوقود وقطع الغيار للكهرباء، وهي تمثل ما نسبته 98% من إجمالي مخصصات دعم الكهرباء للعام نفسه. هذا المبلغ الضخم لا يشمل المنح المجانية للمشتقات النفطية، مما يُظهر حجم الاستثمار المالي المطلوب لقطاع الكهرباء دون تحقيق نتائج مُرضية للمواطنين.
كشفت مصادر مطلعة أن شركة النفط اليمنية تستعد لإعلان تخفيضات إضافية مع نهاية الأسبوع الجاري، وذلك عقب عملية مصارفة سيقوم بها البنك المركزي لصالح الشركة. هذا التطور المحتمل قد يفتح نافذة أمل جديدة أمام سكان لحج للحصول على الوقود بأسعار أكثر انخفاضاً، شريطة أن تترجم هذه التخفيضات إلى توفير فعلي للوقود في محطات الكهرباء.
طالب المدير التجاري لمؤسسة الكهرباء بلحج الجهات المعنية بالعمل على توفير الوقود بشكل عاجل لإعادة التيار الكهربائي، مؤكداً أن التخفيضات المعلنة تبقى نظرية ما لم تتحول إلى إمدادات حقيقية تصل إلى المحطات. ويُتوقع أن تؤدي التخفيضات الحالية إلى تقليل الأعباء المالية على المواطنين وخفض تكاليف النقل والمواصلات، لكن تأثيرها على قطاع الكهرباء يبقى مرهوناً بآليات التوزيع والتمويل.