استمر جمهور مهرجان البندقية السينمائي في التصفيق لمدة 24 دقيقة متواصلة بعد العرض الأول لفيلم "صوت هند رجب"، الذي يروي قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب البالغة من العمر خمس سنوات والتي قُتلت في غزة عام 2024. هذه المدة من التصفيق تُعد الأطول في مهرجان البندقية هذا العام بفارق كبير عن جميع الأفلام الأخرى، مما يؤكد التأثير العميق للفيلم على الحضور.
أعربت المخرجة التونسية كوثر بن هنية عن امتنانها الشديد للحفاوة الاستثنائية التي لقيها الفيلم، مؤكدة أنها لم تتوقع هذا الاستقبال المذهل. وقالت في تصريحات للصحافة: "كانت لحظات حافلة بالمشاعر الفياضة الغامرة، أنا ممتنة للغاية لمهرجان البندقية لاختياره الفيلم ومنحنا مثل هذه البداية المذهلة لمسيرة الفيلم".
يوثق الفيلم اللحظات الأخيرة المروعة للطفلة هند رجب التي حوصرت داخل سيارة تحت القصف الإسرائيلي في 29 يناير 2024، حيث تحدثت عبر الهاتف مع فرق الإسعاف والدفاع المدني الفلسطيني لأكثر من ثلاث ساعات تستغيث وتصف ما حولها قبل أن ينقطع الاتصال. العمل يستخدم التسجيلات الصوتية الحقيقية لمكالمات الطفلة مع الهلال الأحمر الفلسطيني.
لم ينته التصفيق الحماسي إلا عندما اضطر المسؤولون في المهرجان إلى طلب مغادرة الجمهور لإفساح المجال لعرض فيلم آخر كان مجدولاً. وعبر الممثل عامر حليحل، الذي أدى دور متلقي مكالمات الطوارئ في الهلال الأحمر، عن مشاعر متباينة حيال هذا الاستقبال الحافل قائلاً: "هناك شعور بالذنب لأننا نحتفل في حين لا يزال الناس يعانون من المجاعة والقتل الجماعي".
اختارت تونس فيلم "صوت هند رجب" ليمثلها في فئة أفضل فيلم دولي في النسخة المقبلة من جوائز الأوسكار، مما يمنح القضية الفلسطينية منصة عالمية أوسع. منيرة منيف، مديرة السينما بوزارة الشؤون الثقافية التونسية، أشادت بالفيلم واصفة إياه بـ"العمل الفني الراقي والمميز" الذي "سيخدم القضية الفلسطينية".
يواجه الفيلم تحديات في الحصول على توزيع واسع في الولايات المتحدة، حيث تواجه الأعمال التي تنتقد إسرائيل صعوبات في الوصول إلى الجماهير الأمريكية. رغم ذلك، اجتذب العمل أسماء بارزة في هوليوود كمنتجين منفذين، منهم الممثلون براد بيت وخواكين فينيكس وروني مارا، مما يمنحه ثقلاً إضافياً في الصناعة.
عُثر على جثة هند رجب بعد 12 يوماً من انقطاع الاتصال، إلى جانب أفراد أسرتها والمسعفين اللذين ذهبا لإنقاذها، حيث مزقت 355 رصاصة جسدها الصغير. ونفى الجيش الإسرائيلي في البداية أن تكون السيارة في مرمى نيران قواته، لكن تقريراً من الأمم المتحدة أنحى باللائمة على إسرائيل لاحقاً.
أكدت المخرجة كوثر بن هنية أن أهم أهدافها هو وصول الفيلم إلى الجميع في أنحاء العالم، رافضة أي تلميح بأن العمل قد يكون مثيراً للجدل، وقالت بحزم: "قتل طفلة لا ينبغي أن يكون موضوع خلاف... إنه جريمة!". سيكون الفيلم متاحاً في قاعات السينما التونسية اعتباراً من 17 سبتمبر الجاري.