تمكن الألماني ماتياس يايسله، مدرب الأهلي، من إضافة فصل جديد إلى ملحمة الهيمنة الأهلاوية التاريخية على النصر في المباريات النهائية، بعد تتويج فريقه بلقب كأس السوبر السعودي على حساب النصر بركلات الترجيح، محرماً بذلك كريستيانو رونالدو من تحقيق لقبه الأول مع العالمي رغم تسجيله الهدف رقم 100 في تاريخه مع الفريق.

امتدت هيمنة الأهلي على النصر في النهائيات إلى خمسة عقود كاملة، إذ لم يتمكن فارس نجد من الظفر بأي لقب أمام القلعة منذ عام 1976، عندما توج بكأس الاتحاد السعودي بانتصاره 1-0. ومنذ ذلك التاريخ، خاض الفريقان 11 نهائياً مختلفاً، نجح الأهلي في حسم 7 منها لمصلحته، بينما اكتفى النصر بـ4 ألقاب جميعها قبل منتصف السبعينيات.
شهدت المواجهة الأخيرة في هونغ كونغ درامية استثنائية، حيث افتتح رونالدو التسجيل من ركلة جزاء في الدقيقة 40، محققاً إنجازاً تاريخياً بوصوله للهدف رقم 100 مع النصر، ليصبح أول لاعب في التاريخ يسجل هذا الرقم مع أربعة أندية مختلفة ومنتخبه الوطني. لكن الأهلي رد سريعاً عبر الإيفواري فرانك كيسييه قبل نهاية الشوط الأول بدقائق معدودة.

في الشوط الثاني، بدا النصر أقرب لكسر لعنة النهائيات عندما تقدم عبر الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش بتسديدة رائعة من خارج المنطقة في الدقيقة 83. غير أن القدر الأهلاوي تدخل مجدداً، حيث أدرك المدافع البرازيلي إيبانيز التعادل في الدقيقة 89 من ركلة ركنية، ليدفع المباراة إلى ركلات الترجيح المصيرية.
تحولت ركلات الترجيح إلى كابوس نصراوي جديد، إذ أضاع عبد الله الخيبري ركلته الحاسمة، بينما نجح جميع منفذي الأهلي في ترجمة ركلاتهم بنجاح، لينتهي الأمر بفوز القلعة 5-3 وتتويجها باللقب للمرة الثانية في تاريخها بعد نسخة 2016.

ما يضفي بُعداً إضافياً على هذا الانتصار هو استمرار الصراع الفني بين يايسله والبرتغالي خورخي خيسوس، الذي انتقل مؤخراً من الهلال إلى النصر. فعلى مدار 176 يوماً، تمكن المدرب الألماني الشاب من التفوق على نظيره البرتغالي المخضرم في ثلاث مواجهات متتالية، بدءاً من الدوري السعودي مع الهلال، مروراً بنصف نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة، وصولاً إلى نهائي السوبر الأخير.
يايسله، البالغ من العمر 37 عاماً فقط، نجح في تحطيم عرش خيسوس في مسابقة السوبر السعودي، بعدما كان الأخير قد توج بها في النسختين الماضيتين مع الهلال، ليصبح بذلك المدرب الأكثر تحقيقاً للقب بواقع ثلاثة ألقاب. هذا الإنجاز يمثل اللقب الثاني ليايسله مع الأهلي بعد دوري أبطال آسيا للنخبة، مما يؤكد نجاح مشروعه الفني مع الراقي.

عكست ردود الأفعال ما بعد المباراة حجم التباين في المشاعر بين المعسكرين. رونالدو، الذي بدت ملامح الخيبة واضحة على وجهه، رفض التحدث للإعلام وغادر الملعب بصمت رغم تحقيقه إنجازاً شخصياً تاريخياً بوصوله للهدف رقم 100. في المقابل، احتفل يايسله بحماس واضح، مسابقة كأس السوبر السعودي ونشر عبر حسابه على إنستغرام صوراً له مع الكأس معلقاً: "امنحونا تحدياً وسننجح، يا له من نادٍ، يا له من فريق".

رغم الخسارة المؤلمة، تلقى خيسوس إشادة واسعة من المحللين والإعلاميين لقدرته على بناء فريق منظم وقوي في فترة قصيرة لا تتجاوز الشهر الواحد. الإعلامي عبدالرحمن الفريح أبدى إعجابه الشديد بالمدرب البرتغالي، واصفاً إياه بالعظيم والذكي، مؤكداً أن اكتمال الصفوف والتعاقدات سيجعل النصر فريقاً لا يُضاهى في المستقبل القريب.
تشير الإحصائيات التاريخية إلى عمق الهيمنة الأهلاوية على النصر في المحافل الرسمية، حيث تمكنت القلعة من الفوز بألقاب كأس الملك أعوام 1971 و1973، وكأس الأمير فيصل بن فهد 2001، وكأس الأندية الخليجية الأبطال 2008، وكأس خادم الحرمين الشريفين 2012 و2016، وأخيراً السوبر السعودي 2025. في المقابل، اقتصرت انتصارات النصر على فترة السبعينيات بألقاب كأس الملك 1974 و1976، وكأس ولي العهد 1974، وكأس الاتحاد السعودي 1976.

يمثل هذا اللقب نقطة تحول مهمة في مسيرة يايسله، الذي بات يشكل عقدة حقيقية لخيسوس رغم الفارق العمري والخبراتي بينهما. فالمدرب الألماني الشاب استطاع في فترة وجيزة تحقيق ما عجز عنه كثيرون، وهو كسر الحاجز النفسي أمام أحد أبرز مدربي العالم وأكثرهم خبرة في الساحة السعودية.

بهذا الانتصار، يواصل الأهلي كتابة فصول جديدة من تاريخه العريق، مؤكداً مكانته كقلعة الكؤوس الحقيقية في الكرة السعودية. وبينما يحتفل الأهلاويون بلقب جديد يضاف إلى خزائن ناديهم، يبقى السؤال مطروحاً حول قدرة النصر على كسر هذه اللعنة التاريخية في المواجهات المقبلة، خاصة مع وجود مدرب بخبرة خيسوس ونجم بحجم رونالدو الذي لا يزال يبحث عن لقبه الأول مع العالمي.
