تشهد المنطقة العربية ظاهرة جوية استثنائية تجمع بين التطرف والتناقض، حيث تتعرض ست دول عربية لعاصفة مناخية مزدوجة تشمل أمطاراً رعدية غزيرة وحرارة قاسية تصل إلى 45 درجة مئوية في آن واحد. هذا التناقض المناخي الصادم يضع المنطقة أمام تحدٍ جوي لم تشهده منذ سنوات، مما يثير تساؤلات حول تأثيرات التغيرات المناخية العالمية على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تتصدر الجزائر قائمة البلدان المتأثرة بهذا الوضع المناخي الاستثنائي، إذ تواجه تبايناً جغرافياً حاداً في الأحوال الجوية. تتلقى الولايات الجنوبية كتمنراست وبرج باجي مختار وجانت وإن قزام كميات معتبرة من الأمطار الرعدية، بينما تكافح المناطق الشمالية مع موجة حر شديدة تتجاوز 44 درجة مئوية في عين تيموشنت ووهران ومستغانم وتيبازة والعاصمة وبومرداس.

يصل التطرف الحراري في الجزائر إلى ذروته في ولايات المعسكر وغليزان والشلف وعين الدفلى والبليدة، حيث تسجل أجهزة القياس 45 درجة مئوية. هذا الارتفاع الحاد في درجات الحرارة يتزامن مع هطول أمطار غزيرة في مناطق أخرى من البلاد، مما يخلق تبايناً مناخياً نادراً ما يحدث بهذه الشدة.
كما تعيش السودان وضعاً مشابهاً، إذ أصدرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية تحذيرات عاجلة من أمطار كثيفة مصحوبة بعواصف رعدية ورياح عاتية في عدة ولايات. يُعزى هذا التطور إلى استمرار تأثير منخفض الهند الموسمي الذي يغطي مساحات شاسعة من البلاد، بينما تسجل مناطق أخرى درجات حرارة مرتفعة في الوقت ذاته.

وتشارك المملكة العربية السعودية في هذا المشهد المناخي المتناقض، حيث يتوقع المركز الوطني للأرصاد استمرار تساقط الأمطار الرعدية المتوسطة إلى الغزيرة على أجزاء واسعة من مناطق جازان وعسير والباحة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية ونجران. وتتزامن هذه التساقطات مع تسجيل درجات حرارة عالية في مناطق أخرى من المملكة، مما يؤكد نمط التناقض المناخي السائد.
تنضم مقدونيا أيضاً إلى هذه القائمة الاستثنائية، حيث حذرت المديرية العامة للأرصاد الجوية من حالة عدم استقرار حادة في الطقس وهطول أمطار كثيفة وعواصف رعدية، مع توقعات بارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة.

يفسر خبراء الأرصاد الجوية هذه الظاهرة المناخية النادرة بتضافر عدة عوامل جوية متزامنة، أبرزها تأثير منخفض الهند الموسمي ونشاط الفاصل المداري، إضافة إلى تداعيات التغيرات المناخية العالمية التي تفضي إلى تطرف الظواهر الجوية وتناقضها الحاد. هذا التفسير العلمي يشير إلى أن هذه الأحداث قد تصبح أكثر تكراراً في المستقبل نتيجة التغيرات المناخية المستمرة.
وتُلحّ مصالح الأرصاد الجوية في البلدان المتأثرة على ضرورة اتخاذ المواطنين للتدابير الوقائية الصارمة، خاصة في المناطق المنخفضة المعرضة لمخاطر السيول، وتجنب أماكن تجمع المياه ومجاري السيول، بالإضافة إلى المتابعة الدقيقة للتحديثات الرسمية حول حالة الطقس لضمان السلامة العامة في ظل هذه الظروف الجوية الاستثنائية.