أطاحت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بشبكة إجرامية ضخمة ضمت 30 موظفاً حكومياً من وزارات حساسة، تورطوا في تسهيل عبور حجاج غير مرخصين عبر نقاط التفتيش الأمنية خلال موسم الحج الجاري. وكشفت الهيئة في بيان رسمي أن العملية المنسقة مع وزارة الداخلية أسفرت عن توقيف منظومة فساد امتدت عبر عدة مؤسسات حكومية، بما في ذلك موظف من الهيئة نفسها.
وتوزع المتورطون في هذه القضية الاستثنائية على نحو صادم، حيث شملت العملية موظفاً واحداً من منسوبي الفساد نفسها، إلى جانب 26 موظفاً من وزارة الداخلية المسؤولة عن الأمن والنظام العام، وموظفين اثنين من وزارة الدفاع، وموظف من وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، في مؤشر خطير على عمق اختراق شبكة الفساد للمؤسسات الحكومية الحيوية.
وبحسب التحقيقات الأولية، استغل هؤلاء الموظفون مناصبهم الحساسة لتمكين مواطنين ومقيمين من تجاوز الإجراءات النظامية وأداء فريضة الحج دون الحصول على التصاريح المطلوبة، وذلك عبر تمريرهم من مراكز الضبط الأمني المنتشرة حول المشاعر المقدسة. هذا التلاعب الممنهج يهدد سلامة وأمن الحجاج ويقوض الجهود الحكومية الضخمة لتنظيم أكبر تجمع ديني في العالم.
وتأتي هذه العملية ضمن استراتيجية شاملة تنتهجها القيادة السعودية لضمان تنظيم موسم الحج بأعلى معايير الأمان والانضباط، حيث تسخر المملكة إمكانياتها البشرية واللوجستية كافة لخدمة ضيوف الرحمن وضمان أدائهم مناسكهم في أجواء آمنة ومطمئنة. ويمثل كشف هذه الشبكة رسالة واضحة بأن أي محاولة لاستغلال هذا الموسم المقدس لأغراض شخصية أو مالية لن تمر دون عقاب.
وفي سياق متصل، كشفت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد عن مباشرتها عشر قضايا جنائية أخرى خلال الفترة الماضية، تورط فيها أكثر من 38 موظفاً في مختلف الوزارات والجهات الحكومية، في مؤشر على توسع نطاق عمليات مكافحة الفساد المالي والإداري. وتشمل هذه القضايا جرائم متنوعة تراوحت بين الاستيلاء على أموال عامة بقيمة تزيد عن 100 ألف ريال من حساب إحدى الجامعات، وقبول رشاوى لتسهيل إجراءات إدارية مخالفة للأنظمة.
وأكدت وزارة الداخلية السعودية في تصريحات سابقة على ضرورة التزام الجميع بالأنظمة والتعليمات المتعلقة بموسم الحج، مشددة على أنها لن تتهاون مطلقاً مع أي شخص يُضبط متلبساً بمحاولة أداء الفريضة دون تصريح رسمي، أو مع من يسهل لهم ارتكاب هذه المخالفات الجسيمة. وستطبق الوزارة العقوبات المقررة نظامياً بحق جميع المخالفين دون استثناء، بما يضمن الحفاظ على قدسية هذا الموسم الديني وسلامة جميع المشاركين فيه.
وشدد المتحدث الرسمي لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد على أن الهيئة ماضية في ملاحقة كل من يتعدى على المال العام أو يستغل وظيفته لتحقيق مصالحه الشخصية، مؤكداً أن جرائم الفساد المالي والإداري لا تسقط بالتقادم، وأن المساءلة ستطال المتورطين حتى بعد انتهاء علاقتهم الوظيفية بالجهات الحكومية.
