في كل مرة يتم طرح ملف توريد إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، يثور الجدل في الأوساط الاقتصادية حول الأسباب وراء تعثر تنفيذ هذه السياسة.
ويبدو أن إشارات الخبراء والمحللين تركز بشكل خاص على المعوقات التي تقف عقبة أمام توحيد الإيرادات الوطنية في وعاء مشترك، وهي خطوات ترمي لتحقيق استقرار الاقتصاد وتعزيز الاحتياطيات النقدية.
ومن بين أبرز المتحدثين في هذا الشأن، الخبير الاقتصادي الدكتور علي المسبحي الذي أوضح أن هذا الملف ليس بجديد، حيث يتم إعادة فتحه من حين لآخر دون حدوث تقدم فعلي في التنفيذ.
ويؤكد المسبحي أن البنية المؤسسية والقانونية التي يفترض أن تدعم هذه السياسة تحتاج إلى تحديث وتعزيز لضمان فاعليتها في ظل التحديات الاقتصادية والمالية التي تواجه البلاد.
المعوقات الأساسية أمام توريد الإيرادات:
يبدو أن العقبات التي تحول دون توريد الإيرادات إلى البنك المركزي تراوح مكانها بين التقنيات المالية والنزاعات القانونية، إضافة إلى المقاومة السياسية لبعض الجهات التي تفضل الاحتفاظ بمواردها بشكل مستقل.
و يشير الدكتور المسبحي إلى أن عدم التنسيق بين مؤسسات الدولة المختلفة يشكل حجر عثرة في طريق تحقيق الأهداف المنشودة لهذه السياسة.
إلى جانب ذلك، يشير إلى التحديات الأمنية واللوجستية في جمع وتوحيد هذه الإيرادات، خاصة في المناطق التي تشهد عدم استقرار أمني.
من ناحية أخرى، يرى بعض الاقتصاديين أن التوجيه الكامل للإيرادات إلى البنك المركزي قد يعزز من الشفافية في التعاملات المالية للدولة ويساهم في تحسين التصنيف الائتماني للبلاد على المستوى العالمي.
ومع ذلك، تظل المخاوف من الاستغلال السياسي لهذه الإيرادات قائمة باعتبارها جزءًا من شرعية التمويل الحكومي.
توجيه مستقبلي للاقتصاد الوطني:
من الواضح أن النقاش بشأن توريد إيرادات مؤسسات الدولة للبنك المركزي يحتاج إلى خطوات جادة ومسؤولة تتجاوز مجرد الطرح الإعلامي.
وتلعب التشريعات دورًا رئيسيًا في وضع الأسس الصحيحة لتنفيذ هذه السياسة، وهو ما يستدعي تحديثها بشكل يتناغم مع المتغيرات الاقتصادية الراهنة. قد يكون تعزيز ثقافة التعاملات المالية الشفافة عاملًا مساعدًا في تحقيق هذه الخطوة، إلى جانب تقديم حوافز للمؤسسات التي تلتزم بتوريد إيراداتها بشكل منتظم.
كل المؤشرات تدل على أن تطوير آليات واضحة وملزمة من شأنه أن يسهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين، ويشكل قاعدة صلبة لتحفيز النمو الاقتصادي.
إنشاء بنية تحتية مالية قوية، أضف إلى ذلك الاستفادة من تجارب دول أخرى، قد تمنح الوطن فرصة أفضل في مواجهة التحديات الاقتصادية المقبلة، وستكون هذه القضايا محور النقاش في المستقبل عبر المنابر الرسمية والخاصة.