الرئيسية / محليات / صادم: "اليمن ينهار".. 8 رؤساء و0 كهرباء.. كيف تحولت "بلاد الشمس" إلى ظلام دامس وانهيار اقتصادي مميت؟!
صادم: "اليمن ينهار".. 8 رؤساء و0 كهرباء.. كيف تحولت "بلاد الشمس" إلى ظلام دامس وانهيار اقتصادي مميت؟!

صادم: "اليمن ينهار".. 8 رؤساء و0 كهرباء.. كيف تحولت "بلاد الشمس" إلى ظلام دامس وانهيار اقتصادي مميت؟!

نشر: verified icon بلقيس العمودي 22 يوليو 2025 الساعة 03:05 صباحاً

في بلاد كانت تُعرف يوماً بـ"بلاد الشمس الساطعة"، يعيش اليمنيون اليوم في ظلمة متواصلة تكاد لا تنتهي. المفارقة المؤلمة أن بلداً يتمتع بأشعة شمس دائمة على مدار العام، أصبح مواطنوه يتلمسون طريقهم في عتمة قاتمة لساعات طويلة كل يوم.

ويواجه الشعب اليمني واقعاً مريراً تتشابك فيه أزمات الكهرباء المزمنة مع انهيار اقتصادي حاد، بينما تتعدد القيادات السياسية دون أن تتمكن من تقديم حلول ملموسة. ثمانية رؤساء تعاقبوا على حكم البلاد، لكن لا يزال المواطن البسيط يتساءل: متى ستعود الأضواء إلى منزله؟ ومتى سيتمكن من تأمين لقمة عيش كريمة لأسرته؟

الوضع الحالي للكهرباء في اليمن:

تعاني اليمن من أزمة كهرباء خانقة أصبحت جزءاً من الحياة اليومية للمواطنين. في معظم المدن والقرى اليمنية، أصبح انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة يومياً أمراً اعتيادياً. وفي بعض المناطق، يمكن أن تمر أيام وأسابيع دون أن يرى الأهالي ضوء المصباح الكهربائي، مما اضطر الكثيرين للعودة إلى استخدام الشموع والمصابيح الزيتية كما في العصور القديمة.

وتشير تقارير محلية إلى أن محطات توليد الكهرباء الرئيسية في البلاد تعاني من نقص حاد في الوقود وقطع الغيار، فضلاً عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية نتيجة للصراعات المستمرة. أما المولدات الخاصة التي لجأ إليها المواطنون كبديل، فقد أصبحت هي الأخرى غير متاحة للكثيرين بسبب ارتفاع أسعار الوقود بشكل جنوني، حيث ارتفعت تكلفة تشغيلها بما يتجاوز قدرة معظم الأسر اليمنية.

الأكثر إيلاماً أن هذه الأزمة تمتد لتطال كافة نواحي الحياة؛ فالمستشفيات تكافح لتشغيل أجهزتها الحيوية، والمدارس تضطر لتعليق الدراسة، والشركات تغلق أبوابها، ومياه الشرب تنقطع بسبب توقف محطات الضخ. كما أشار معلمون محليون إلى أن طلابهم أصبحوا يستذكرون دروسهم على ضوء الهواتف المحمولة، وذلك في مفارقة صارخة تعكس كيف تحولت التكنولوجيا البسيطة إلى ملاذ أخير في وجه انهيار البنية الأساسية.

التدهور الاقتصادي وتأثيره على المواطنين

يتزامن انهيار قطاع الكهرباء مع تدهور اقتصادي غير مسبوق يضرب كافة مناحي الحياة في اليمن. فقد شهد الريال اليمني انخفاضاً دراماتيكياً في قيمته مقابل العملات الأجنبية، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية. ووفقاً لتقديرات اقتصادية محلية، فقدت العملة اليمنية أكثر من 75% من قيمتها خلال السنوات الأخيرة، مما جعل تأمين الاحتياجات الأساسية للأسرة تحدياً يومياً للغالبية العظمى من المواطنين.

وتتفاقم الأزمة الاقتصادية بسبب انقطاع الرواتب عن موظفي الدولة في العديد من المناطق، وارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية. وقد أفادت مصادر محلية أن العديد من الأسر اليمنية باتت تعتمد على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، في حين اضطر آخرون لبيع ممتلكاتهم الشخصية لتأمين لقمة العيش. أما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فقد أغلق معظمها أبوابه نتيجة عدم القدرة على تحمل تكاليف المولدات الكهربائية وارتفاع أسعار الوقود، مما فاقم من مشكلة البطالة وأضاف مزيداً من الضغط على الاقتصاد المنهار.

غموض المسؤولية وصمت القيادة

رغم فداحة الأزمة وتأثيرها المدمر على حياة الملايين، يسود صمت مريب من قبل القيادات السياسية المتعددة في البلاد. فعلى مدى العقد الماضي، شهدت اليمن تعاقب ثمانية رؤساء بين فعليين ومؤقتين، دون أن يتمكن أي منهم من تقديم حلول جذرية لمشكلات البلاد المتفاقمة، وخاصة أزمة الكهرباء التي تمثل عصب الحياة العصرية.

وتتنوع التصريحات الرسمية بين وعود متكررة بالإصلاح وإلقاء اللوم على الأطراف الأخرى، دون خطط عملية قابلة للتنفيذ. وكما أوضح محللون سياسيون، فإن تعدد مراكز القرار في اليمن وانقسام السلطات بين قوى متصارعة، جعل من الصعب تحديد المسؤول الحقيقي عن الأزمة، وبالتالي المساءلة والمحاسبة. ويرى خبراء محليون أن غياب الإرادة السياسية والفساد المستشري في مؤسسات الدولة، يشكلان عائقاً رئيسياً أمام أي جهود حقيقية للإصلاح.

ورغم المساعدات الدولية المخصصة لقطاع الكهرباء والتنمية الاقتصادية، إلا أن آثارها تبدو شبه معدومة على أرض الواقع. وتساءل مراقبون محليون عن مصير تلك المساعدات وآليات صرفها، في ظل غياب الشفافية وضعف آليات الرقابة. وتشير تقارير دولية إلى أن الصراعات المستمرة والانقسامات السياسية في اليمن، تحول دون وصول المساعدات إلى مستحقيها وتنفيذ المشاريع التنموية الحيوية.

يعيش المواطن اليمني البسيط بين مطرقة الأزمات المتلاحقة وسندان تعدد السلطات دون فاعلية، فيما تتصاعد الأسئلة: إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ ومن سيتحمل مسؤولية إنقاذ "بلاد السعيدة" من مصيرها المظلم، حرفياً ومجازياً؟

تشكل المأساة اليمنية صورة قاتمة لبلد غني بموارده وتاريخه، لكنه يغرق اليوم في ظلام دامس على كافة الأصعدة. أزمة الكهرباء ليست سوى عرض لمرض أعمق يتمثل في انهيار مؤسسات الدولة وتشظي السلطة وتراجع الخدمات الأساسية. ومع استمرار المعاناة اليومية للمواطنين، يبقى الأمل معلقاً على حلول جذرية تبدأ بتوحيد الجهود الوطنية وإعادة بناء البنية التحتية واستعادة هيبة الدولة ومؤسساتها.

لكن السؤال الذي يتردد صداه في كل منزل يمني اليوم: هل سيشهد هذا الجيل نهاية للمعاناة وعودة النور إلى "بلاد الشمس" التي غرقت في الظلام؟ أم أن اليمنيين محكوم عليهم بالاستمرار في البحث عن شعاع أمل وسط عتمة لا تنتهي؟

* نقلاً عن "وكالة الأنباء الحضرمية" بتصرف

شارك الخبر