يتعرض يمنيون فروا من القتال بعدما سيطر متشددو تنظيم القاعدة على بلداتهم لضغوط من أجل العودة لكن الكثيرين منهم مترددون خوفا من نفوذ التنظيم رغم تأكيدات بأن المنطقة الواقعة شرقي عدن أصبحت آمنة الآن.
وغادر نحو 150 ألف شخص بلدتي جعار وزنجبار بعدما دخلهما متشددون يطلقون على أنفسهم اسم أنصار الشريعة بين مارس /آذار ومايو/أيار عام 2011 مستغلين فراغا أمنيا أثناء الانتفاضة ضد حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وبعد تخلي صالح عن السلطة في فبراير/شباط استطاع الجيش تدريجيا طرد المتشددين بمساعدة القوات الأميركية التي شنت هجمات صاروخية من الجو والبحر.
وقال علي يوسف القرنبي وهو رب واحدة من بين إحدى عشرة أسرة مازالت موجودة في الفناء البائس لمدرسة بلقيس في مدينة عدن "كان الجيش في جانب والقاعدة في الجانب الآخر ومنازلنا في المنتصف... قصفوا المنازل بالقذائف بعد الظهر وغادرنا. تركنا كل شيء. رحلنا بالملابس التي كنا نرتديها فقط وجرينا".
ومن بين نحو 70 ألف شخص لجأوا إلى عدن لا يزال نحو 30 ألفا في المدينة يعيش كثيرون منهم في مدارس تنتظر رحيلهم حتى تفتح أبوابها مرة أخرى.
لكن النازحين يقاومون ويقولون إن الكثير من منازلهم ما زالت أنقاضا وإن متشددي القاعدة ما زالوا ينشطون في بلداتهم مما يجعل تجدد الأعمال القتالية ممكنا في أي وقت.
وشكل متشددون سعوديون ويمنيون تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في عام 2007 وشنت الجماعة هجمات انتحارية ضد سائحين غربيين ومسؤولين أجانب وأرسلت انتحاريا إلى السعودية في محاولة لقتل أمير بارز كما حاولت إرسال طرود ناسفة على متن طائرات كانت متوجهة للولايات المتحدة.
وسيطر المتشددون على أراض في اليمن للمرة الأولى أثناء الانتفاضة. وخلال فترة سيطرتهم القصيرة على بلدتي جعار وزنجبار المتجاورتين بمحافظة أبين أعلنوا إقامة إمارتين إسلاميتين فيهما.
ويقول مسؤولون حكوميون إنه تم تطهير المنطقة حاليا من متشددي القاعدة.
لكن سكانا محليين يقولون إن متشددين انضموا إلى "اللجان الشعبية" التي شكلتها القبائل العام الماضي للعمل على إخراجهم.
وتولت اللجان مسؤولية الأمن في البلدات بينما يحرس الجيش نقاط الدخول البعيدة من الخارج.
وقال عضو في لجنة شعبية في جعار عرف نفسه باسم محجوب إن بعض أعضاء جماعة أنصار الشريعة الذين تفاوضوا مع الجيش على الاستسلام مقابل حياتهم لا يزالون في البلدة.
واضاف أن مخاوف السكان مبررة.
وأضاف "كرههم الكثيرون هنا لأنهم كانوا يحكمونهم بالقوة وأيضا بسبب جرائم محددة ارتكبها بعضهم عندما كانوا هنا".
وقال "والآن يوجد نفس الأشخاص الذين يفترض أنهم مطلوبون باعتبارهم زعماء 'القاعدة' لكنهم يديرون نقاط تفتيش ... سترون أنصار الشريعة أو غيرهم تحت اسم آخر هنا مجددا".
وسبب النازحون ضغطا كبيرا على مدينة عدن التي يعيش فيها مليونا شخص. ومن بين 140 مدرسة هناك 80 مدرسة خصصت للنازحين ولا يزالون يشغلون نحو 40 منها. وإلى أن يعود النازحون إلى بلدانهم يتزاحم التلاميذ في المدارس التي يمكنها فتح أبوابها.
وقال وحيد رشيد محافظ عدن إن النازحين تركوا المدارس في حالة يرثى لها.
وأضاف أن النازحين دمروا كل شيء في المدارس وأخذوا معهم مراوح الهواء وانتزعوا التجهيزات الكهربية.
وقالت جماعات مساعدة ونازحون إن السلطات تمارس ضغطا غير مباشر بتقليل حصص الغذاء وغيرها من المساعدات.
وتقول فطوم إحسان محمد وهي أم لخمسة أطفال يقيمون في مدرسة بلقيس "لم أعد أطيق العيش هنا في عدن... لا نحصل على ما يكفي لإطعام عائلة هنا".
وأضافت مشيرة إلى ثلاثة أطفال بصحبتها "إذا أعطتني الحكومة قدورا أو حتى خيمة لنعيش فيها سأرحل. الأسعار أرخص بكثير مما هي عليه هنا".
واتفق معها في الرأي موظف في مجال المساعدات طلب عدم ذكر اسمه لانه لا يريد انتقاد الحكومة صراحة.
وقال "بدأوا في قطع إمدادات الماء والكهرباء عن بعض المدارس وتوقفوا عن توزيع الحصص الغذائية خلال الأسبوعين الماضيين للضغط عليهم قبل الموسم الدراسي، لكن الوضع يثير تساؤلات. المواطنون يخشون من اللجان الشعبية. بعض أفرادها ليسوا من تلك المنطقة ويمكن أن يبدأوا في فرض أحكام 'الإسلاميين' مجددا'.
وفي جعار البلدة الزراعية المجاورة لمدينة زنجبار الساحلية التي تشتهر بزراعة الموز تدير ميليشيا من المتطوعين نقاط تفتيش.
وكثير من المباني ومن بينها المساجد نصف مدمر أو تحمل آثار إطلاق النار. ولا تزال هناك سيارات مقلوبة أو محترقة على الطرقات نتيجة الهجمات الصاروخية لطرد المتشددين.
وقال محمد عبدالله وهو مراهق عضو بإحدى اللجان الشعبية بينما كان يقود سيارة مارا بمبنى حكومي استخدمه المتشددون كمقر "كانوا يقصفون المباني الواقعة حولنا طوال الوقت من الجو وعادة أثناء الليل. قصفوا هذا".
وأضاف أن عدة مئات من المتشددين سيطروا على البلدة ومن بينهم أشخاص يعتقد سكان محليون أنهم مصريون وصوماليون وسعوديون وشيشانيون تحت قيادة يمني يدعى جلال بلعيدي.
ولا يزال علم القاعدة بلونيه الابيض والاسود على بعض الحوائط لكن من الواضح أن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها.
وكان الدمار أشد في زنجبار. ففي معركة دامية لاستعادة السيطرة على البلدة سويت مبان بالارض وزرع متشددون ألغاما قبل فرارهم أو مقتلهم في النهاية مما يجعل القيادة والسير على الطرق خطيرا.
وانقطعت امدادات الكهرباء والماء ويقول سكان إن الشبكة الرئيسية للأنابيب تضررت لدرجة يتعذر معها استخدامها مجددا.
وفي مبنى يطل على البحر تحدث محافظ أبين الجديد جمال العاقل عن محاولة منظمة لتشكيل حكومة إسلامية في البلدتين.
وذكر العاقل أن المتشددين عينوا مسؤولين لمراقبة العاملين في المؤسسات العامة مثل المحاكم والمساجد والمستشفيات والشرطة وخدمات البريد وجلبوا فريقا طبيا خاصا بهم.
وأضاف العاقل أن حجم الدمار والنهب الذي وجدته السلطات بعد القتال لا يصدق. وقال إن السلطات اضطرت لاحضار عاملين في مجال نزع الألغام وإن بعضهم قتل مضيفا أن المتشددين زرعوا أكثر من 12500 لغم من الأنواع الصعبة والخطيرة.
لكن المحافظ عبر عن ثقته في أن المتشددين ذهبوا بغير رجعة.
وقال العاقل إن القاعدة عادت الآن إلى عملها الأصلي وهو الخطف وشن الهجمات الانتحارية.
وأضاف أن القاعدة وجدت فراغا أمنيا في المنطقة بينما كان الجيش منقسما وقال إن اليمن لن يسمح للتنظيم بالعودة إلى المنطقة بأي ثمن.
"رويترز"
وغادر نحو 150 ألف شخص بلدتي جعار وزنجبار بعدما دخلهما متشددون يطلقون على أنفسهم اسم أنصار الشريعة بين مارس /آذار ومايو/أيار عام 2011 مستغلين فراغا أمنيا أثناء الانتفاضة ضد حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وبعد تخلي صالح عن السلطة في فبراير/شباط استطاع الجيش تدريجيا طرد المتشددين بمساعدة القوات الأميركية التي شنت هجمات صاروخية من الجو والبحر.
وقال علي يوسف القرنبي وهو رب واحدة من بين إحدى عشرة أسرة مازالت موجودة في الفناء البائس لمدرسة بلقيس في مدينة عدن "كان الجيش في جانب والقاعدة في الجانب الآخر ومنازلنا في المنتصف... قصفوا المنازل بالقذائف بعد الظهر وغادرنا. تركنا كل شيء. رحلنا بالملابس التي كنا نرتديها فقط وجرينا".
ومن بين نحو 70 ألف شخص لجأوا إلى عدن لا يزال نحو 30 ألفا في المدينة يعيش كثيرون منهم في مدارس تنتظر رحيلهم حتى تفتح أبوابها مرة أخرى.
لكن النازحين يقاومون ويقولون إن الكثير من منازلهم ما زالت أنقاضا وإن متشددي القاعدة ما زالوا ينشطون في بلداتهم مما يجعل تجدد الأعمال القتالية ممكنا في أي وقت.
وشكل متشددون سعوديون ويمنيون تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في عام 2007 وشنت الجماعة هجمات انتحارية ضد سائحين غربيين ومسؤولين أجانب وأرسلت انتحاريا إلى السعودية في محاولة لقتل أمير بارز كما حاولت إرسال طرود ناسفة على متن طائرات كانت متوجهة للولايات المتحدة.
وسيطر المتشددون على أراض في اليمن للمرة الأولى أثناء الانتفاضة. وخلال فترة سيطرتهم القصيرة على بلدتي جعار وزنجبار المتجاورتين بمحافظة أبين أعلنوا إقامة إمارتين إسلاميتين فيهما.
ويقول مسؤولون حكوميون إنه تم تطهير المنطقة حاليا من متشددي القاعدة.
لكن سكانا محليين يقولون إن متشددين انضموا إلى "اللجان الشعبية" التي شكلتها القبائل العام الماضي للعمل على إخراجهم.
وتولت اللجان مسؤولية الأمن في البلدات بينما يحرس الجيش نقاط الدخول البعيدة من الخارج.
وقال عضو في لجنة شعبية في جعار عرف نفسه باسم محجوب إن بعض أعضاء جماعة أنصار الشريعة الذين تفاوضوا مع الجيش على الاستسلام مقابل حياتهم لا يزالون في البلدة.
واضاف أن مخاوف السكان مبررة.
وأضاف "كرههم الكثيرون هنا لأنهم كانوا يحكمونهم بالقوة وأيضا بسبب جرائم محددة ارتكبها بعضهم عندما كانوا هنا".
وقال "والآن يوجد نفس الأشخاص الذين يفترض أنهم مطلوبون باعتبارهم زعماء 'القاعدة' لكنهم يديرون نقاط تفتيش ... سترون أنصار الشريعة أو غيرهم تحت اسم آخر هنا مجددا".
وسبب النازحون ضغطا كبيرا على مدينة عدن التي يعيش فيها مليونا شخص. ومن بين 140 مدرسة هناك 80 مدرسة خصصت للنازحين ولا يزالون يشغلون نحو 40 منها. وإلى أن يعود النازحون إلى بلدانهم يتزاحم التلاميذ في المدارس التي يمكنها فتح أبوابها.
وقال وحيد رشيد محافظ عدن إن النازحين تركوا المدارس في حالة يرثى لها.
وأضاف أن النازحين دمروا كل شيء في المدارس وأخذوا معهم مراوح الهواء وانتزعوا التجهيزات الكهربية.
وقالت جماعات مساعدة ونازحون إن السلطات تمارس ضغطا غير مباشر بتقليل حصص الغذاء وغيرها من المساعدات.
وتقول فطوم إحسان محمد وهي أم لخمسة أطفال يقيمون في مدرسة بلقيس "لم أعد أطيق العيش هنا في عدن... لا نحصل على ما يكفي لإطعام عائلة هنا".
وأضافت مشيرة إلى ثلاثة أطفال بصحبتها "إذا أعطتني الحكومة قدورا أو حتى خيمة لنعيش فيها سأرحل. الأسعار أرخص بكثير مما هي عليه هنا".
واتفق معها في الرأي موظف في مجال المساعدات طلب عدم ذكر اسمه لانه لا يريد انتقاد الحكومة صراحة.
وقال "بدأوا في قطع إمدادات الماء والكهرباء عن بعض المدارس وتوقفوا عن توزيع الحصص الغذائية خلال الأسبوعين الماضيين للضغط عليهم قبل الموسم الدراسي، لكن الوضع يثير تساؤلات. المواطنون يخشون من اللجان الشعبية. بعض أفرادها ليسوا من تلك المنطقة ويمكن أن يبدأوا في فرض أحكام 'الإسلاميين' مجددا'.
وفي جعار البلدة الزراعية المجاورة لمدينة زنجبار الساحلية التي تشتهر بزراعة الموز تدير ميليشيا من المتطوعين نقاط تفتيش.
وكثير من المباني ومن بينها المساجد نصف مدمر أو تحمل آثار إطلاق النار. ولا تزال هناك سيارات مقلوبة أو محترقة على الطرقات نتيجة الهجمات الصاروخية لطرد المتشددين.
وقال محمد عبدالله وهو مراهق عضو بإحدى اللجان الشعبية بينما كان يقود سيارة مارا بمبنى حكومي استخدمه المتشددون كمقر "كانوا يقصفون المباني الواقعة حولنا طوال الوقت من الجو وعادة أثناء الليل. قصفوا هذا".
وأضاف أن عدة مئات من المتشددين سيطروا على البلدة ومن بينهم أشخاص يعتقد سكان محليون أنهم مصريون وصوماليون وسعوديون وشيشانيون تحت قيادة يمني يدعى جلال بلعيدي.
ولا يزال علم القاعدة بلونيه الابيض والاسود على بعض الحوائط لكن من الواضح أن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها.
وكان الدمار أشد في زنجبار. ففي معركة دامية لاستعادة السيطرة على البلدة سويت مبان بالارض وزرع متشددون ألغاما قبل فرارهم أو مقتلهم في النهاية مما يجعل القيادة والسير على الطرق خطيرا.
وانقطعت امدادات الكهرباء والماء ويقول سكان إن الشبكة الرئيسية للأنابيب تضررت لدرجة يتعذر معها استخدامها مجددا.
وفي مبنى يطل على البحر تحدث محافظ أبين الجديد جمال العاقل عن محاولة منظمة لتشكيل حكومة إسلامية في البلدتين.
وذكر العاقل أن المتشددين عينوا مسؤولين لمراقبة العاملين في المؤسسات العامة مثل المحاكم والمساجد والمستشفيات والشرطة وخدمات البريد وجلبوا فريقا طبيا خاصا بهم.
وأضاف العاقل أن حجم الدمار والنهب الذي وجدته السلطات بعد القتال لا يصدق. وقال إن السلطات اضطرت لاحضار عاملين في مجال نزع الألغام وإن بعضهم قتل مضيفا أن المتشددين زرعوا أكثر من 12500 لغم من الأنواع الصعبة والخطيرة.
لكن المحافظ عبر عن ثقته في أن المتشددين ذهبوا بغير رجعة.
وقال العاقل إن القاعدة عادت الآن إلى عملها الأصلي وهو الخطف وشن الهجمات الانتحارية.
وأضاف أن القاعدة وجدت فراغا أمنيا في المنطقة بينما كان الجيش منقسما وقال إن اليمن لن يسمح للتنظيم بالعودة إلى المنطقة بأي ثمن.
"رويترز"