عادت قضية توثيق البطولات الرياضية السعودية إلى الواجهة من جديد بعد تغريدة مثيرة للإعلامي محمد الدويش، الذي أكد أن "التشكيك في عدد البطولات أهون من التشكيك بشرعيتها". هذا التصريح أعاد إحياء النقاش حول جهود توثيق تاريخ كرة القدم السعودية التي تجري بالتعاون بين الاتحاد السعودي لكرة القدم والاتحاد الدولي (فيفا) منذ يناير 2023. هذه المبادرة الطموحة تسعى لإنشاء مرجعية موثوقة تُخلد الإرث الرياضي في المملكة وتضع حداً للجدل المستمر حول عدد البطولات ومشروعيتها في الكرة السعودية.
إطلاق مشروع توثيق كرة القدم السعودية
بدأت قصة مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية في مطلع العام الماضي عندما أطلق الاتحاد السعودي لكرة القدم مشروعه الطموح بالتعاون مع الاتحاد الدولي "فيفا". وفقاً للمعلومات المتداولة، فإن هذه المبادرة تأتي استجابة للنقاشات المتكررة بين جماهير كرة القدم حول عدد البطولات التي حققتها الأندية المختلفة عبر العقود الماضية. وقد صرح مسؤول رفيع في الاتحاد السعودي لكرة القدم أن "المشروع يهدف إلى إنهاء الجدل الدائر حول البطولات من خلال توفير مرجعية موثقة ومعتمدة دولياً".
ويسعى المشروع إلى إنشاء قاعدة بيانات شاملة تعتمد معايير ثابتة لتوثيق جميع مسابقات الدوري والكأس التي أقيمت منذ انطلاق المنافسات الرياضية المنظمة في المملكة. وبحسب مصادر مطلعة على المشروع، فإن الاتحاد السعودي قد استعان بخبراء في مجال التوثيق الرياضي من داخل وخارج المملكة لضمان الوصول إلى نتائج دقيقة ومحايدة تعكس الحقائق التاريخية دون تحيز. وكشفت تقارير صحفية أن الفريق المكلف بالمشروع يعمل على مراجعة السجلات الرياضية القديمة والصحف ووثائق الاتحاد والأندية للتحقق من صحة كل المعلومات المتعلقة بالبطولات المحلية.
مهام فريق عمل مشروع التوثيق
خلال اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد السعودي لكرة القدم الذي انعقد في السابع والعشرين من يناير الماضي، تم تكليف فريق عمل متخصص بمهام محددة لإنجاح مشروع التوثيق. وتحدثت مصادر مقربة من الاتحاد أن الجمعية العمومية وضعت مهاماً واضحة للفريق المكلف، تضمنت بالدرجة الأولى تصنيف مسابقات الدوري والكأس وفقاً للوائح السارية في كل فترة زمنية. هذا الإجراء يعتبر ضرورياً للتمييز بين البطولات الرسمية والمسابقات الودية أو التنشيطية التي أقيمت على مر السنين.
كما تضمنت المهام الموكلة إلى فريق العمل ضرورة تزويد الأندية بالتصنيفات المقترحة قبل انعقاد الاجتماع المقبل المتعلق بالمشروع. وأكد مصدر مسؤول في الاتحاد السعودي لكرة القدم أن "هذه الخطوة تأتي حرصاً على الشفافية ومنح الأندية فرصة لتقديم ملاحظاتها قبل اعتماد التصنيفات النهائية". ويعتقد مراقبون أن إشراك الأندية في عملية المراجعة سيساعد في تعزيز قبول النتائج النهائية للمشروع.
ومن بين المهام الأساسية التي حددتها الجمعية العمومية لفريق العمل، ضمان تطبيق معايير موحدة لضمان دقة التوثيق. وقد أشارت صحيفة "الرياضية" السعودية إلى أن الاتحاد السعودي يتطلع إلى تطبيق المعايير الدولية المعتمدة في توثيق البطولات، مع مراعاة خصوصية تاريخ كرة القدم السعودية. ويعمل الفريق المكلف بالتعاون مع خبراء من الفيفا على وضع آلية واضحة لتحديد البطولات المعتمدة رسمياً، مما سيضع حداً للجدل الدائر بين الأندية والجماهير حول عدد البطولات الرسمية التي حققها كل نادٍ.
أهمية توثيق التاريخ الرياضي السعودي
يكتسب مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية أهمية استراتيجية كبيرة في سياق التطور الرياضي الذي تشهده المملكة. وبحسب المحللين الرياضيين، فإن المشروع يمثل خطوة محورية لتسليط الضوء على الإنجازات التي حققتها كرة القدم السعودية على مدار عقود. وفي تصريح لقناة "الرياضية" السعودية، أوضح أحد الخبراء المشاركين في المشروع أن "توثيق التاريخ الرياضي ليس مجرد تسجيل للأرقام والإحصاءات، بل هو صيانة للذاكرة الجماعية للرياضة السعودية". وإلى جانب توفير مرجعية موثوقة للباحثين والإعلاميين والمهتمين، يسهم مشروع التوثيق في تعزيز الهوية الرياضية السعودية من خلال إبراز تطورها عبر السنين وتوثيق اللحظات المفصلية في تاريخها.
علاوة على ذلك، يلعب مشروع التوثيق دوراً حيوياً في الحفاظ على الإرث الرياضي للأجيال القادمة. وفي هذا السياق، أكدت عدة مصادر إعلامية أن الاتحاد السعودي يسعى إلى إنشاء أرشيف رقمي شامل يضم كافة التفاصيل المتعلقة بالبطولات والمباريات التاريخية، إضافة إلى السير الذاتية للاعبين والمدربين الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ كرة القدم السعودية. كما يهدف المشروع إلى وضع أسس واضحة لتقييم الإنجازات والبطولات بشكل عادل، مما يسهم في إنهاء الجدل المتكرر حول شرعية بعض البطولات أو عددها. ويري المتابعون للشأن الرياضي السعودي أن نجاح مشروع التوثيق سيمثل خطوة مهمة نحو ترسيخ ثقافة رياضية تقوم على الاحترام المتبادل بين مختلف الأندية والجماهير، بعيداً عن النزاعات التي تثيرها الادعاءات غير الموثقة.
يستمر الجدل حول توثيق البطولات في الوسط الرياضي السعودي، وتبقى تصريحات الإعلامي محمد الدويش دليلاً على أهمية المشروع الذي أطلقه الاتحاد السعودي بالتعاون مع الفيفا. ومع استمرار فريق العمل في تنفيذ المهام الموكلة إليه، يتطلع الجميع إلى نتائج هذا المشروع الطموح الذي سيشكل مرجعية تاريخية موثوقة لكرة القدم السعودية. لا شك أن التوثيق الدقيق والشفاف سيضع حداً للنقاشات المتكررة حول عدد البطولات وشرعيتها، وسيسهم في تعزيز مكانة الرياضة السعودية محلياً وإقليمياً ودولياً، مؤسساً لمرحلة جديدة تقوم على الوضوح والموضوعية في تقييم الإنجازات الرياضية.