أعلن مصرف الراجحي - أحد أكبر المصارف الإسلامية في المملكة العربية السعودية - عن موافقة جمعيته العامة العادية الخامسة والثلاثين على توزيع أرباح نقدية سخية تصل إلى 5.84 مليار ريال عن الفترة المالية المنتهية في ديسمبر 2024. تأتي هذه التوزيعات لتؤكد مكانة المصرف الريادية في القطاع المصرفي السعودي، وتعكس قدرته على تحقيق عوائد مجزية لمساهميه رغم التحديات الاقتصادية المختلفة.

تفاصيل قرار توزيع الأرباح

كشفت نتائج اجتماع الجمعية العامة للمصرف عن تفاصيل مهمة بخصوص توزيعات الأرباح النقدية، حيث أقر المساهمون توصية مجلس الإدارة بتوزيع 5.84 مليار ريال كأرباح نقدية عن العام المنصرم. وحسب البيانات التي قدمها المصرف، ستبلغ حصة السهم الواحد 1.46 ريال، وهو ما يمثل ما نسبته 14.6% من القيمة الاسمية للسهم. وتُظهر هذه الأرقام استمرار المصرف في نهجه المتمثل بتقديم عوائد مجزية لمساهميه، خصوصاً وأن هذه التوزيعات لا تأتي في فترات منفصلة، بل تعد جزءاً من استراتيجية شاملة للمصرف في توزيع الأرباح على مدار العام.

ووفقاً للإعلان الرسمي الصادر عن مصرف الراجحي، فإن هذه التوزيعات ليست سوى جزء من إجمالي الأرباح النقدية التي قرر المصرف توزيعها عن العام المالي 2024، والتي ستصل في مجملها إلى 10.84 مليار ريال. هذا يعني أن كل سهم سيحصل على ما مجموعه 2.71 ريال كتوزيعات إجمالية عن العام الماضي، أي ما يعادل 27.1% من القيمة الاسمية للسهم. وقد حدد المصرف تاريخ 24 أبريل 2025 كموعد لبدء صرف هذه التوزيعات للمساهمين المستحقين، والذين سيتم تحديدهم وفقاً للسجلات في نهاية يوم انعقاد الجمعية العامة، والمقيدين لدى مركز إيداع بنهاية ثاني يوم تداول يلي تاريخ الاستحقاق.

أثر التوزيع على المساهمين

يشكل هذا القرار انعكاساً إيجابياً على المساهمين الذين سيحصلون على عوائد مالية مباشرة تُعزز من استثماراتهم في المصرف. وبالنظر إلى المبالغ الضخمة التي سيتم توزيعها، يتوقع خبراء ماليون أن تحظى هذه الخطوة بترحيب واسع من جانب المستثمرين، خاصة في ظل البيئة الاستثمارية الحالية التي تسعى فيها الشركات لجذب رؤوس الأموال عبر تقديم عوائد مجزية.

كما يُبين حجم التوزيعات النقدية مدى ثقة إدارة المصرف في قوة الوضع المالي للمؤسسة وقدرتها على الاستمرار في تحقيق النمو دون التأثير سلباً على خطط التوسع والاستثمار المستقبلية. ويرى محللون في القطاع المصرفي أن هذه التوزيعات السخية تعكس استراتيجية متوازنة تجمع بين تلبية تطلعات المساهمين على المدى القصير، مع الحفاظ على رؤية طويلة الأجل تضمن استدامة أداء المصرف في السوق المحلي والإقليمي.

الظروف المالية للمصرف

تأتي قرارات توزيع الأرباح النقدية السخية في وقت يواصل فيه مصرف الراجحي تحقيق أداء مالي قوي، مدعوماً بمجموعة متنوعة من العوامل الإيجابية. فقد استطاع المصرف، على مدى السنوات الأخيرة، تعزيز محفظته الاستثمارية وتنويع مصادر دخله، مما ساهم في زيادة الأرباح التشغيلية بشكل ملحوظ. وتشير البيانات المالية إلى تمكن المصرف من الاستفادة من الفرص المتاحة في سوق التمويل المحلي، خاصة مع استمرار نمو قطاعات حيوية في الاقتصاد السعودي مثل العقار والتجزئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. هذا التنوع في مصادر الدخل ساهم في تمكين المصرف من الصمود أمام التقلبات الاقتصادية المختلفة، وبالتالي الاستمرار في تحقيق عوائد مستدامة لمساهميه.

وعلى صعيد متصل، فإن المؤشرات الحالية توحي بأن مصرف الراجحي يمتلك سيولة قوية وكفاية رأسمالية مرتفعة، مما يتيح له المرونة اللازمة لتوزيع أرباح سخية دون المساس بالمتطلبات التنظيمية أو التأثير على الخطط التوسعية. ويعزز من هذا الموقف القوي التحول الرقمي الذي تبناه المصرف في السنوات الأخيرة، والذي أدى إلى تحسين الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف بشكل ملحوظ. كما ساهمت استراتيجيات إدارة المخاطر الفعالة في تقليل نسب التعثر، وبالتالي انخفاض المخصصات التي يتعين على المصرف تجنيبها، مما انعكس إيجاباً على صافي الأرباح النهائية القابلة للتوزيع.

تعكس هذه التوزيعات النقدية السخية من مصرف الراجحي ليس فقط الأداء المالي القوي للمؤسسة، بل أيضاً فلسفتها في تحقيق التوازن بين نمو رأس المال واستقرار العوائد للمساهمين. ومع استمرار المصرف في تنفيذ خططه الاستراتيجية للتوسع في الخدمات المصرفية الرقمية وزيادة حصته السوقية، يتوقع المحللون أن يحافظ على هذا النهج في توزيع الأرباح خلال السنوات المقبلة. هذا النهج المتوازن يعزز من جاذبية أسهم المصرف كاستثمار طويل الأمد، ويؤكد على مكانته كأحد أعمدة القطاع المصرفي السعودي القادر على المساهمة بفعالية في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 المتعلقة بالاستقرار المالي وتنوع مصادر الدخل.