الرئيسية / شؤون محلية / قرار جديد لوزارة التربية يُشعل أزمة تعليمية جديدة ويُربك الطلاب وأولياء الأمور في اليمن بشأن الامتحانات الوزارية
قرار جديد لوزارة التربية يُشعل أزمة تعليمية جديدة ويُربك الطلاب وأولياء الأمور في اليمن بشأن الامتحانات الوزارية

قرار جديد لوزارة التربية يُشعل أزمة تعليمية جديدة ويُربك الطلاب وأولياء الأمور في اليمن بشأن الامتحانات الوزارية

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 16 أبريل 2025 الساعة 09:15 صباحاً

في مشهد يعكس التناقض الصارخ بين الواقع والقرارات الرسمية، تتجه وزارة التربية والتعليم في عدن نحو إقامة امتحانات وزارية لطلاب الثانوية العامة، رغم مرور عام دراسي كامل دون عملية تعليمية حقيقية في معظم مدارس المناطق المحررة. 

وقد أثار هذا القرار أزمة تعليمية جديدة كما أشعل موجة من التساؤلات والاستنكار من قبل الطلاب وأولياء الأمور، الذين يرون في هذا الإصرار تجاهلاً صارخاً للظروف الصعبة التي يعيشونها، ووضعاً غير عادل يهدد مستقبل جيل كامل من الطلاب.

قرار إثارة الجدل التعليمي:

بدأت القصة عندما أعلنت وزارة التربية والتعليم في العاصمة عدن، وبدعم من الحكومة، عن عزمها إجراء امتحانات وزارية لطلاب الثانوية العامة رغم الظروف الاستثنائية. 

ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن هذا القرار يأتي في وقت لم يشهد فيه العام الدراسي الحالي أي نشاط تعليمي فعلي، حيث ظلت أغلب المدارس في المناطق المحررة شبه مغلقة أو تعمل بشكل متقطع، دون وجود منهجية تعليمية واضحة أو متابعة حقيقية لمستوى تحصيل الطلاب.

ويشير محللون تربويون إلى أن إصرار الوزارة على إجراء الامتحانات في ظل هذه الظروف يعكس انفصالاً تاماً بين صناع القرار والواقع الميداني للتعليم. 

وأوضح أستاذ التربية في إحدى الجامعات المحلية أن "المنطق التربوي يقتضي عدم إجراء امتحانات مصيرية لطلاب لم يتلقوا تعليماً كافياً، فالامتحان هو وسيلة لقياس مخرجات عملية تعليمية، وفي حالة غياب هذه العملية، يصبح الامتحان مجرد إجراء شكلي لا يعكس المستوى الحقيقي للطلاب."

وصرحت مصادر من داخل وزارة التربية والتعليم بأن القرار جاء استجابة للضغوط من الجهات العليا للحفاظ على استمرارية العملية التعليمية ولو بشكل رمزي، ولضمان عدم ضياع العام الدراسي بشكل كامل. 

بالإضافة إلى ذلك، أشارت هذه المصادر إلى أن الوزارة قد وعدت بتخفيف مستوى الأسئلة الامتحانية ومراعاة الظروف الاستثنائية، دون تقديم تفاصيل واضحة عن آلية تحقيق ذلك.

غضب واستنكار الطلاب والأهالي:

أثار قرار إجراء الامتحانات موجة غضب غير مسبوقة في أوساط الطلاب وأولياء الأمور، الذين عبروا عن استيائهم من تجاهل السلطات التعليمية للظروف القاسية التي يعيشونها. 

وذكر أحد الطلاب في الصف الثالث الثانوي قائلًا: "نعيش في ظلام دامس بسبب انقطاع الكهرباء المستمر، ونضطر للدراسة على ضوء الشموع إن توفرت، وفي كثير من الأحيان أضطر للعمل لمساعدة أسرتي في توفير الاحتياجات الأساسية. كيف يمكنني التحضير لامتحانات مصيرية في ظل هذه الظروف؟"

من جانبهم، يرى أولياء الأمور أن هذا القرار بمثابة "حكم بالإعدام" على مستقبل أبنائهم التعليمي. 

وأشارت إحدى الأمهات إلى أن ابنها لم يذهب إلى المدرسة سوى أيام معدودة خلال العام الدراسي بأكمله، وعندما ذهب لم يجد مدرسين مؤهلين أو منهجاً واضحاً. وأضافت متسائلة: "هل من العدل أن يخضع ابني لامتحان وزاري يحدد مصيره الجامعي دون أن يتلقى التعليم المناسب؟"

علاوة على ذلك، فقد أوضح مراقبون للشأن التعليمي أن الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الأساسية والأزمات المعيشية المتلاحقة دفعت العديد من الطلاب إلى ترك مقاعد الدراسة والتوجه نحو سوق العمل. 

وفي هذا السياق، نقلت مصادر إعلامية محلية عن إحصائيات غير رسمية تشير إلى أن نسبة تسرب الطلاب من المرحلة الثانوية قد تجاوزت 40% خلال العام الدراسي الحالي، وهي نسبة تنذر بكارثة تعليمية حقيقية قد تمتد آثارها لسنوات قادمة.

مسؤولية الوزارة والتوقعات المستقبلية

يبدو أن وزارة التربية والتعليم تتعامل مع الموقف بطريقة إدارية بحتة، متجاهلة التحديات الحقيقية التي تواجه العملية التعليمية في المناطق المحررة. 

وقد صرح مسؤول تربوي بارز، طلب عدم الكشف عن هويته، بأن "الوزارة تعيش في واد والطلاب في واد آخر"، مشيراً إلى أن القرارات تتخذ في الغالب دون دراسة ميدانية حقيقية للواقع، ودون استشارة المعلمين والموجهين التربويين الذين يلمسون معاناة الطلاب بشكل يومي.

في المقابل، تدافع الوزارة عن موقفها بتأكيدها على أهمية استمرارية العملية التعليمية حتى في أصعب الظروف، وترى أن إلغاء الامتحانات الوزارية قد يؤدي إلى تراجع خطير في المستوى التعليمي. 

ومع ذلك، لم تقدم الوزارة خططاً بديلة أو حلولاً عملية لمعالجة الفجوة التعليمية الكبيرة التي نتجت عن توقف الدراسة طوال العام. 

وبحسب تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية، فإن الوزارة تدرس إمكانية تقديم دورات تعويضية مكثفة قبل موعد الامتحانات، لكن دون تفاصيل واضحة حول آلية تنفيذ هذه الدورات في ظل أزمة الكهرباء والظروف المعيشية الصعبة.

نتيجة لذلك، يتوقع خبراء التعليم أن تشهد نتائج الامتحانات الوزارية، حال إجرائها، تدنياً غير مسبوق في نسب النجاح، مما قد يؤدي إلى حرمان جيل كامل من فرص التعليم العالي. 

وقد اقترح بعض التربويين حلولاً بديلة مثل اعتماد نظام "النجاح التلقائي" لهذا العام الاستثنائي، مع وضع آليات تعويضية في السنوات القادمة، أو تأجيل الامتحانات الوزارية لحين تحسن الظروف التعليمية. 

وفي السياق ذاته، دعت منظمات مدنية معنية بالتعليم إلى ضرورة عقد مؤتمر وطني عاجل لمناقشة الأزمة التعليمية ووضع استراتيجية شاملة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من العملية التعليمية.

تعكس أزمة الامتحانات الوزارية في ظل غياب التعليم الفعلي حالة الانفصال بين صناع القرار والواقع الميداني، وتضع علامة استفهام كبرى حول مستقبل التعليم في المناطق المحررة. 

فالإصرار على إجراء امتحانات في ظل ظروف استثنائية قاسية، ودون توفير الحد الأدنى من متطلبات العملية التعليمية، يعد تجاوزاً لمبادئ العدالة التعليمية، ويهدد بتعميق الفجوة المعرفية بين أبناء الجيل الواحد.

يحتاج الوضع التعليمي الراهن إلى مراجعة شاملة وحلول جذرية تتجاوز المسكنات المؤقتة، وتستند إلى فهم عميق للواقع المعيشي للطلاب. 

فالتعليم حق أساسي لا يمكن المساومة عليه، وأي حلول ترقيعية قد تؤدي إلى نتائج عكسية تضر بمستقبل جيل كامل من الطلاب الذين يعيشون أصلاً في ظروف استثنائية صعبة. 

وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى تضافر جهود كافة الجهات المعنية، من وزارة التربية إلى المنظمات الدولية والمجتمع المدني، لوضع خطة طوارئ تعليمية تستجيب للتحديات الراهنة وتضمن حق الطلاب في تعليم جيد حتى في أحلك الظروف.

اخر تحديث: 16 أبريل 2025 الساعة 09:15 صباحاً
شارك الخبر