الرئيسية / كتابات وآراء / استحالة التوافق في اليمن

استحالة التوافق في اليمن

علي مهدي بارحمه
الجمعة , 19 أغسطس 2011 الساعة 10:52 صباحا
لاشك إن كلآ منا في هذا البلاد يرسم مستقبلا مشرق للحياة وكأنه رسام ينقش لوحة جميله تبهر كل الناظرين للإنسان اليمني في الغد القريب .

إنسان يتمتع بالعيش الرغد والحياة المستقرة الهادئة, والفكر المتجدد وبكل حرية يمتلك كل وسائل الحياة العلمية المبتكرة لديه الإمكانية في ممارسة كل الحقوق السياسية يمتلك المعارف الشاملة ضمن لنفسه الموارد المالية الكافية لتحقيق كل ما يصبوا إليه في مأكل ومشرب ومسكن ورفاهية عاليه .

يحلم بكل حرية حيث لا يوجد هناك ما من شي يحجب حرية الأحلام التي يعتقد الكثير أن حرية الأحلام هي التي لا يمكن مصادرتها . إما إنا أقول أن الظروف الصعبة وحالات العوز والفاقة التي تسببها الأنظمة السياسية الفاسدة تستطيع أن تصادر حتى الأحلام في وجدان الشعوب البائسة .

ونحن اليوم ننتظر المخاض المتعسر لهذه الثورة التي سجلت أطول مدة للاعتصامات الشعبية في العالم . ويجب إن تدخل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية من أوسع الأبواب وستكون الرقم والحالة حتى اليوم من بداية فبراير الى بداية يوليو ستة أشهر ولازالت مستمر حتى تحقق مطالبها النهائية .

أن تلك الاعتصامات استطاعت أن تحطم جدار الخوف البوليسي الذي كان يغلف النظام الفاسد في اليمن وزعزعت جبروت الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ونخرت قوائم عرشه الذي أصبح متهالك وائل لسقوط لا محالة وحلحلت هيكل مليشياته التي صنعها لحماية وهاهي عجزت عن حمايته في مسجد النهدين .

ولكن كيف لغدا يفكر ساسة المجتمع في ما بعد رفع النظام الفاسد راية الاستسلام .

في تقديري الشخصي أن الإقليمية والمناطقية في الجـــــنوب .والمذهبية في الشمال أصبحت تقتحم أروقة السياسة في البلد وتدق ناقوس الانفصال فلم يعد للجنوب أن يكون دولة واحدة ولا الشمال كذلك , ومن كان يعول على الدولة التي نشأت في 1967م في الجنوب على أنقاض اتحاد الجنوب العربي والضم ألقسري لحوالي 22سلطنة فهي دولة بوليسية شمولية لم تعد لها مكانة اليوم إلا في الأحلام الوردية فهي كانت دولة فاشلة بين كل خمس سنوات وأخرى كانت مدنها مسرحا لحرب أهلية مناطـــقية في صراع على السلطة تحت شعارات براقة أكلت الحروب الأهلية والتصفيات السياسية لأفضل شبابها لأسباب داخلية وخارجية عدة لا مبرر لها على الإطلاق.

وان بروز الدعوات لتشكيل كيانات دولية جديدة في الجنوب هي ليس بالمفاجئة بل الأقرب للأمن والاستقرار في ظل عدم التوافق بين القوة السياسية في اليمن من جانب وعدم القدرة على إسقاط النظام سلميا .

فهناك دولة تبرز معالمها في الإقليم الشرقي تحت مسمى دولة حضرموت وكذلك دولة في الإقليم الجنوبي الغربي وعاصمتها عدن .لم يعرف الجنوب نظاما سياسيا واحدا إلا في عام 1967، في 30 نوفمبر أدمجت السلطنات وولاية وإمارة بالقوة في دولة واحدة تحت تسمية جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، ومن يومها لم تشهد استقرارا سياسيا، ولا تحت تسمية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بل ظل التناحر السياسي والحروب الأهلية ظاهرة لم تفارق أي مرحلة من مراحلها التاريخية طوال ثلاثة وعشرين عاما.

وأثبتت الدراسات العلمية وواقع التجربة أن السبب الرئيسي هي المناطقية والتابعية والصراع على السلطة، والتي انعدمت الأولى في عهد السلطنات والولايات، وتنحصر الثانية على الأسر الحاكمة فيها، مما جنبت سكانها ويلات الصراع على السلطة والطموح في الحكم، ويشهد التاريخ والمخضرمون في شعب تلك الولايات على ذلك، ويصفون تلك المرحلة بالعصر الذهبي في الجنوب، ولم يكن الجنوب محتلا عدا مدينة عدن، أما بقية السلطنات كانت تعرف بالمحميات نظرا لوجود اتفاقيات الحماية البريطانية مع سلاطينها منذ حوالي 1888، ومن ثم اتفاقيات الاستشارة.

ودخل الجنوب منذ 1967 في ما يعرف بالدول البوليسية والشمولية، حتى دخلت تلك الدولة في الوحدة اليمنية في 1990 بعد أن شهدت أكبر حرب أهلية مناطقية، كانت الوحدة المخرج لها من آثار تلك الحرب مع نظام سياسي شمولي في شمال اليمن لم يعرف الولايات والسلطنات، بل كان نظاما سياسيا واحدا، يحكم كل المناطق الشمالية، جاء على أنقاض المملكة المتوكلية اليمنية.

وعلى ذلك تكونت الجمهورية اليمنية كانت الحياة فيها فيها أشبه بالطاووس الطائر الجميل متعدد الألوان والغير قادر على الطيران او ان المواطن يرى الحقيقة من خلف زجاج ولا تستطيع الوصول إليها زرعت نظام فاسد وها هو ينقرض بالإكراه

إذا كان عمر السلطنات والولايات في الجنوب امتد مئات السنين، وارتبط تاريخها بتكريس وتعميق الانتماء المناطقي كالواحدي والقعيطي والكثيري والعولقي والمفلحي والعبدلي والفضلي واليافعي وغيرها، فقد تعمقت من حينها حتى اليوم، ولم يطمسها النظام الشمولي بعد 1967، ولا الوحدة اليمنية اليوم، وهذا ما لم تعرفه المناطق الشمالية، عدا المذهبية التي تضاهي المناطقية، كما هو الحال في المناطق الجنوبية التي تعالج الأخطاء فيها بالأخطاء، وأصبحت مشكلة الجنوبيين أنهم لا يدركون أخطائهم إلا بعد فوات الأوان، ويعالجون الخطأ بالخطأ، معتقدين فيه الصواب، ومنها حرب صيف 1994م ,وحتى في إطار الحراك الجنوبي اليوم والاتفاق على الفيدرالية مع الشمال في ظل آلية علمية ومدنية يجب التحضير له من اليوم .وإنما انشغال كل تجمع مناطقي واقبلي بخصوصياته .

ما المناطق الشمالية سوف تتكون فيها دولتين الأولى ستكون عاصمتها صنعاء اقرب الى المذهبية منمقة بالجانب المدني ومينائها الحديدة والثانية عاصمتها تعز ومينائها المخاء.

وهكذا يمكن تسير الأمور أوفي نتائج أسوى من احتمالنا ومن الخطاء ان نقول تأتي الرياح بمالئ تشتهي السفن فذلك هو العجز وانعدام القدرة السياسية على تدارك أمور المجتمع.