اليمن : الذاكرة الشمالية .. والحقيقة الجنوبية !
سماح عبدالله الفران
الجمعة , 03 فبراير 2012
الساعة 07:35
مساء
وانتصر الخير على الشر وعادت الحياة لطبيعتها ..
هكذا خُيّل إليّ ..
مرت سنوات طويلة وأنا أحمل معي تلك الصورة الطفولية ، التي لم أجد غيرها لا على الإعلام ولا على الواقع المُحيط ، كبرت ، وكبر معي ذلك الاعتقاد البائس .
لست أنا وحدي ـ بالطبع ـ من تشرب تلك الثقافة منذ صغره ، ولكن هناك من كبُر ، وهناك من فضل أن يبقى طفلاً ! أصعب ما يمكنه فعله هو تفريغ الذاكرة الشمالية من محتوياتها المغلوطة ، وترحيلها مع من صنعوها وبثوها فينا .
بدأ الوعي يتسرب إلى العقول بعض الناس ، فأسقط أضواءً كثيرةً على زاوية كانت معتمة حد الجنون ، حينها علمت أن ذلك المسلسل لم ينهِ بعد ، وأنه أطول مسلسل في حياتي كلها ، و كل ما في الأمر أننا أدرنا ظهورنا عن شاشة المتابعة ، بل واخفضنا الصوت دون علم بوجود أصوات تريد أن تقول لنا شيئاً ، ظناً منا أن الستارة قد أُسدلت وانتهى الأمر ، وأخذنا نرمم ما تصدع من تلك الاهتزازات في قلوبنا .
هبّت رياح التغيير ، وأخذتْ معها ذلك الغطاء الغبي الذي حجب عنا أموراً كثيرة ، أمور ما أن رأيتُها حتى حزنت ، كان هناك أخوة لنا يعانون ويتكبدون ويلات النهب والسلب والتهميش .
ما كنت لأحتمل كل ذلك لو كنت أنا من جنوب اليمن ، ما كنت أحتمل أن أرى أرضي توزّع هبات وغنائم لمن يدعون أنهم وحدويين ، ويمقتون الانفصال ، ذلك الانفصال الذي سيحجب عنهم ما تضعه الدجاجة من ذهب ، بينما هم يمارسون كل مسببات الانفصال من تهميش وإقصاء وتخوين ، حينها تذكرت ما كان يبثه ذلك النظام من أكاذيب وتضليل ، فتمنيت أن أعود إلى طفولتي ، وأصرخ في وجه من خدعني ، وأقول له أنني لن أسامحه ؛ لأنه كذب عليّ ، والأطفال لا يحبون الكذب أبداً ، وتمنيت على أولئك الكاذبين أن تركونا نتمتع بفطرتنا السوية البيضاء ، دون أن يزرعوا فينا فكراً إقصائياً وتهكمياً يشوه وجه وحدتنا التي ماتت سراً في حرب 94 ، الفطرة التي تستوعب أن الوحدوي وطنيٌ ، والانفصالي خائنٌ في حالة واحدة فقط ، إذا كانت تلك الوحدة قد وهبت الجميع ضياءها ، وتوّجت أبناءها بالعزة والكرامة والتحضر والاحتواء ، ونجحت في صهر الإنسانين (الشمالي والجنوبي) حتى لا نعلم من منهما شمالي أو جنوبي ، فحينما تكون الوحدة هبة لا فرض ، انتماء لا نبذ ، واقع لا حلم ، حينها يكون الانفصالي مستحقاً وبجدارة تلك النهاية المحزنة التي تلحق بالأشرار المزعجين لمخيّلة الأطفال وفطرتهم ... أما أن تكون العكس فالأمر لا يعدو مطالبة باسترداد كرامة الأرض والإنسان معاً .
كرامة الأرض بأن تُعاد الثروات المنهوبة ، والأراضي المنتهكة لأهلها ، وعلى القابعين تحت ظلال السلطة أن يُسارعوا في هذه الخطوة ، وأن يأخذوا نفساً عميقاً وجريئاً ليطلقونه في وجه أصحاب الغنائم أن أعيدوا عدن لعدن ، ليرمموا ما صنعوه من تشققات تسربت منها الدعوة إلى فك الارتباط ، ونعي جيداً أن تلك الدعوة لم تأتي من فراغ .
أما كرامة الإنسان لا يستردها إلا الإنسان نفسه ، ذلك المشروع الإنساني الذي يجب علينا نحن أبناء الشمال أن لا نقف في وجهه ، أو نعاديه ، بل ونؤازره إيماناً أن الكرامة اليمنية لا تتجزّأ .
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |