احلام رئاسية

خالد الحريري
الأحد , 15 يناير 2012 الساعة 05:15 مساء
في ليلة من ليال هذا الشتاء الباردة قضيتها في أحضان الطبيعة بقريتي الريفية ،هروبا من جحيم الليالي المرعبة الممزوجة بلعلعة رصاص ونيران المدافع والرشاشات سواء في المدينة الحالمة التي اعمل بها أو المدينة العاصمة التي اسكن فيها ،وبعد متابعتي في تلك الليلة لمراسيم التوقيع على المبادرة الخليجية من قبل الأطراف السياسية اليمنية بالعاصمة السعودية الرياض . اتجهت إلى فراشي وغطيت في نوم عميق بعيد عن كل المنغصات والمفزعات ،وبقدر عمق منامي كانت أحلامي في تلك الليلة عميقة واسعة المدى وطموحة وكبيرة بحجم حبي الكبير لهذا الوطن الغالي الذي عان الكثير طوال العهود السابقة وآن له ان يستعيد عافيته ومكانته الحقيقية بين مختلف الشعوب في العصر الحديث ،أحلام قد تكون من وجهة نظر الكثيرين مبالغ فيها وصعبة التحقيق على صعيد الواقع العملي، لكنها تظل أحلام مشروعة وليست محظورة !!

لن أطيل عليك عزيزي القارئ فمضمون أحلامي في تلك الليلة انطلق من كوني مواطن يمني مستقل انتمي للوطن وليس إلى أي حزب او تنظيم سياسي على الساحة ،أو لأي طرف من الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية والتي تنص على إجراء انتخابات رئاسية في أواخر فبراير القادم ,حيث حلمت بأني تقدمت بترشيح نفسي في هذه الانتخابات من منطلق حقي القانوني والدستوري وعلى اعتبار أن هذه الانتخابات ستكون نزيهة شفافة وديمقراطية وليست مجرد زفة جماهيرية أو استفتاء حزبي أو شعبي لمرشح وحيد متفق عليه حزبيا وليس بالضرورة شعبيا أو جماهيريا ؟!!

وتضمن برنامجي الانتخابي العديد من الأهداف والاستراتيجيات المطلوبة لبناء وترسيخ دعائم الدولة المدنية الحديثة ترتكز على أربعة عناصر أساسية لإدارة الدولة وهي : إدارة العلم وإدارة المال وإدارة البشر وإدارة التكنولوجيا ،باعتبار أن هذه العناصر الأربعة تمثل من وجهة نظري مرتكزات أو مقومات أساسية لإدارة الدولة المدنية الحديثة وتحقيق التنمية والنهوض والتقدم للمجتمع والوطن في شتى المجالات، ولا يتسع المقام هنا لذكر تفاصيل برنامجي الانتخابي، لكن المهم أن هذا البرنامج يحقق طموحات وأهداف أبناء هذا الوطن الذين خرجوا في مطلع شهر فبراير العام الماضي متطلعين ومطالبين بإقامة وترسيخ الدولة المدنية الحديثة على ثرى هذا الوطن الغالي ،دولة النظام والقانون، دولة المؤسسات الفعالة والخالية من كل أشكال ومظاهر الفساد والمفسدين، الدولة التي يجد فيها المظلوم من ينصره وينصفه، والظالم من يقف بوجهه ويردعه بقوة القانون، ويجد فيها المبدع من يدعمه ويشجعه ويبرز إبداعاته لخدمة الدولة والمجتمع، ويجد فيها المواطن كل أسباب ومقومات العيش بحرية وكرامة.
وتقدمت بطلب الترشيح وبرنامجي الانتخابي إلى البرلمان لغرض الحصول على التزكية المطلوبة وفقا لقانون الانتخابات وفوجئت – طبعا في الحلم – أن المجلس الذي جل أعضائه من الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية والملزمين بمرشح توافقي ،ناقشوا طلب الترشيح وبرنامجي الانتخابي بمسؤولية وطنية عالية وتحمسوا لهذا البرنامج وحصلت على التزكية المطلوبة! وبدأت القيام بعملية الدعاية الانتخابية وتسويق برنامجي للناخبين عبر وسائل تقليدية وتكنولوجية حديثة مثل شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مستفيدا بذلك من تخصصي الأكاديمي في مجال التسويق الالكتروني والتسويق السياسي على الانترنت، وحان موعد الاقتراع الحر والمباشر .. وقبل أن استمع إلى نتيجة الفرز لأصوات الناخبين والذي يمكن أن يفضي إلى مفاجئة من العيار الثقيل بفوزي في هذه الانتخابات والوصول إلى كرسي الرئاسة من داخل الوسط الشعبي والجماهيري وليس من داخل الوسط الحزبي والسياسي ،مستندا إلى قوة الإرادة الشعبية لأبناء هذا الوطن الحبيب وليس إلى قوة المبادرة الخليجية !!، إذا بوالدتي العزيزة – أطال الله في عمرها – تطرق باب غرفتي لإيقاظي لأداء صلاة الفجر ،فأفقت من أحلامي حزينا لعدم اكتمال مشاهدها ومتبسما في ذات الوقت من مضمونها وعمق معانيها ودلالاتها، وحكيت لوالدتي مضمونها فتبسمت هي الأخرى – لكنها لم تحزن – وقالت لي ببساطة : لو كنت غطيت نفسك جيدا من برد الشتاء عندما أسندت رأسك للوسادة ما كان لأحلامك يا ولدي أن تتجرءا وتصل بك بهذه السهولة إلى كرسي الرئاسة !!!