الرئيسية / كتابات وآراء / هل بدأت مواجهة إرهاب الملالي؟

هل بدأت مواجهة إرهاب الملالي؟

أنور مالك
السبت , 27 مايو 2017 الساعة 12:03 مساء
تمّ انعقاد قمم الرياض التاريخية وتمثّلت في قمّة سعودية أمريكية، وقمّة خليجية أمريكية، وقمّة عربية إسلامية أمريكية.

تصريحات الزعماء الذين شاركوا في القمّة أدانت إيران وحملتها مسؤولية الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة، وطبعا أبرز التصريحات هي التي جاءت على لسان الملك سلمان بن عبد العزيز فقد أكّد أن إيران \"رأس حربة الإرهاب العالمي\" خلال كلمته أمام القمة الإسلامية العربية الأمريكية بالرياض الأحد.

وأضاف في خطابه إن \"النظام الإيراني يُشكّل رأس حربة الإرهاب العالمي منذ ثورة الخميني وحتى اليوم\"، ليؤكد: \"لم نعرف إرهاباً وتطرفاً حتى أطلت الثورة الخمينية برأسها\".

ليضيف: \"النظام الإيراني وحزب الله والحوثيين و’داعش‘ والقاعدة متشابهون\"، وتابع \"لقد ظنّ النظام في إيران أن صمتنا ضعف وحكمتنا تراجع حتى فاض بنا الكيل من ممارساته\".

وأيضا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترمب، الذي قال أمام قادة الدول العربية والإسلامية:

\"من لبنان إلى العراق واليمن، ايران تموّل التسليح وتدرّب الارهابيين والميليشيات وجماعات متطرفة أخرى تنشر الدمار والفوضى في أنحاء المنطقة\".

وأضاف:

\"على مدى عقود أشعلت إيران نيران النزاع الطائفي والإرهاب\"، وتابع: \"على كل الدول التي تملك ضميراً، أن تعمل معا لعزل إيران\"، مضيفا أيضا: \"علينا أن نصلي ليأتي اليوم الذي يحصل فيه الشعب الإيراني على الحكومة العادلة التي يستحقّها\".

من جهة أخرى نجد أن البيان الختامي للقمّة العربية الإسلامية الأمريكية، قد شدّد فيه قادة الدول المشاركة على نبذ الأجندات الطائفية والمذهبية لما لها من تداعيات خطيرة على أمن المنطقة والعالم، وعلى خطورة برنامج إيران للصواريخ الباليستية.

كما أدانوا خرق النظام الإيراني المستمر لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، والمواقف العدائية للنظام الإيراني، واستمرار تدخلاته في الشؤون الداخلية للدول، في مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي وحسن الجوار.

وأكدوا رفضهم الكامل لممارسات النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ولاستمرار دعمه للإرهاب والتطرف. وأيضا التزامهم بالتصدي لذلك. والتزموا بتكثيف جهودهم للحفاظ على أمن المنطقة والعالم، ومواجهة نشاطات إيران التخريبية والهدامة بكل حزم وصرامة داخل دولهم وعبر التنسيق المشترك.

رد فعل إيران كان غير لبق تماماً مما يؤكد أن قوة القمّة وما جاء فيها أفقدت نظام الملالي صوابه، وطبعا هذا واضح من خلال تصريحات وزير خارجية إيران التي تضمّنت كلمات لا ترقى لأدنى مستوى، حيث اتهم أمريكا بالسعي خلف أموال السعودية، وذهب إلى أمور أخرى ثانوية ليست من صلب ما وُجّه للدولة الإيرانية من تهمٍ تتعلّق برعاية الإرهاب وممارسته.

بلا أدنى شك أن القمّة لم تترك شاردة ولا واردة فيما يخصّ الإرهاب الإيراني إلا وأدانتها، بل حمّلت ملالي طهران مسؤولية الصراعات الطائفية التي تعصف بالمنطقة، كما أن الأمر لم يقتصر على الإدانة لتمدّد مشروع إيران الهدّام، بل ذهب إلى حدّ التأكيد على ضرورة مواجهته وهذا تجلّى في البيان الختامي وأيضاً في التصريحات الرسمية، كما أن الصفقات العسكرية التي وقّعتها السعودية مع الولايات المتحدة تؤكد على أن خيار المواجهة مع الإرهاب الإيراني صار يفرض نفسه خصوصاً على المملكة المستهدفة من قبل الإرهاب الإيراني والتي مازالت تلاحق الحوثيين في اليمن عسكرياً وطالما لوّح وزير خارجيتها عادل الجبير على أن بشار الأسد سيرحل سياسياً أو عسكرياً.

التزام قادة الدول العربية والإسلامية المشاركة في القمّة على التصدّي للمشروع الإيراني صار واضحاً وجلياً، واتضح أكثر أن هذه الدول ستتحمّل بنفسها ذلك من خلال التوجّه نحو دعم التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب حيث رحّب القادة باستعداد عددٍ من الدول الإسلامية المشاركة فيه لتوفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة.

ترمب دعا إلى عزل إيران، وأعطى الضوء الأخضر للدول العربية والإسلامية بأن تتحمّل بنفسها مسؤولية مواجهة إرهاب الملالي لأن بلاده لن تحارب في المنطقة نيابة عن أحد، بل سارع إلى القول أن القمّة ستشكّل بداية النهاية لمن يمارس الإرهاب وينشر ثقافة العنف، كما دعا إلى الاتحاد من أجل محاربة التطرف والقضاء على الإرهاب، مؤكداً على ضرورة قيام كل دولة في المنطقة بضمان ألا يجد الإرهابيون ملاذا على أراضيها.

قمة الرياض أكدت مدى الإجماع الرسمي العربي والإسلامي والأمريكي على المستوى النظري، حيث يمكن تلخيص ما ورد في بعض النقاط:

1.إيران هي الراعي الرسمي للإرهاب في العالم وليس المنطقة العربية فقط.

2.نشاطات ميليشيات إيران وصفت كأعمال ترتبط بالإرهاب الدولي.

3.لم يقتصر دعم إيران للميليشيات الشيعية بل تعدّى لتنظيمات إرهابية مثل \"داعش\" والقاعدة.

4.لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بعزل إيران الذي يعني سحب الشرعية الدولية عنها ومحاصرتها دبلوماسياً وسياسياً.

5.ضرورة مواجهة هذا الإرهاب الإيراني من طرف الدول المُتضرّرة منه من دون تأخير لأن أمنها القومي صار على المحك.

6.أمريكا أعطت الضوء الأخضر لمواجهة الإرهاب الإيراني وتعهدت بدعم الدول العربية والإسلامية التي ستقوم بذلك.

7.تحميل نظام الملالي المسؤولية والنأي بالشعب الإيراني عن تحمّل تبعات ما يقوم به نظام بلاده من جرائم في العالم العربي والإسلامي.

8.التوسّع الإيراني والحروب الطائفية وزعزعة أمن الدول والتدخّل في شؤونها هي أبرز ملامح مشروع إيران المتمدّد في المنطقة.

أما على المستوى العملي فهي مرحلة ثانية قد تتجسّد في الفترة القادمة، وإن كانت قد ظهرت ملامحها من خلال دعم التحالف الإسلامي العسكري من طرف بعض الدول، إلا أن الأمور العملية الأخرى ستتّضح لاحقا من خلال الموقف من الحرب التي تشنّها إيران والمدعومة من روسيا على الشعب السوري، وأيضا دعم الشرعية في اليمن من خلال ملاحقة منظمة الحوثيين الإرهابية وكذلك بالنسبة لمنظمة \"حزب الله\" الإرهابية في لبنان.

بلا أدنى شك أن إيران ظلّت على مدار سنوات مجرّد أداة في أيادي قوى كبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وقد حقق الملالي الكثير من المكاسب خاصة في عهد الرئيس باراك أوباما، كما أن الملالي خدموا الصهيونية العالمية من خلال الحروب النجسة التي أشعلوها في المنطقة وأدت إلى تدمير كيانات دول ومنها سورية.

والسؤال الذي يفرض نفسه بشدة هل حان أوان تقليم مخالب الملالي بعدما حققت القوى الكبرى ما تريده من مصالح عبر بوابة طهران أم مجرد كلام للتجارة؟

من خلال الكلام نشعر أن ما دار في قمم الرياض يوحي أن زمن قصّ أجنحة الملالي قد حان أوانه، لكن على مستوى الأفعال لم نر أيّ شيء لحد الآن، فأمريكا استفادت كثيرا من حروب ايران، كما حققت الأكثر من خلال بعبع الملالي في المنطقة، ويكفي مبيعات الأسلحة التي تصاعدت في ظل هذه الحروب، فضلا على صفقات إعادة الإعمار المقبلة في سورية واليمن وغيرهما.

واضح جدا أن مواجهة مشروع ايران يحتاج لوقت طويل، فالقرارات التي ستُتخذ تبدأ بميليشياتها وتنظيماتها وهي حرب طويلة الأمد، وشخصياً سأقول أن الحرب على الملالي بدأت بالفعل عندما أرى بعض الأمور قد شرعوا في تنفيذها وهذا ليس تشكيكاً في نوايا الدول العربية والإسلامية المكتوية بالإرهاب الإيراني وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بل التجارب السابقة مع أمريكا خاصة جعلتنا لا نحكم على قول إلا لما نراه فعلا:
القضاء على نظام بشار الأسد وملاحقة الوجود الإيراني في سورية من خلال ضرب ميليشياتها من \"حزب الله\" و الحرس الثوري و\"داعش\" وغيرهم.
رفع الغطاء الشرعي عن ميليشيات شيعية إيرانية متطرفة في العراق ومواجهتها على الوتيرة نفسها التي تواجه بها \"داعش\" لأن الكل يخدم الإرهاب ويُفخّخ عقول وقلوب الأجيال القادمة بالكراهية والتطرف والعنف.
دعم المعارضة الإيرانية والاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كممثل شرعي ووحيد للشعب الإيراني الذي بلا شك لا يتحمّل مسؤولية إرهاب حكامه بحق الآخرين.
طرد سفراء الملالي من جميع الدول العربية والإسلامية والغربية والهيئات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها، وتسليم مقرات السفارات والمكاتب للمعارضة الإيرانية.
ملاحقة المسؤولين الإيرانيين في المحاكم الدولية بتهم جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي تقترف في عدة دول عربية وإسلامية من قبل ميليشيات شيعية وإرهابية تدعمها طهران مباشرة بل أخرى تابعة لها بصفة رسمية مثل الحرس الثوري وغيره.
ملاحقة علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية وصاحب النفوذ المطلق في حكم إيران، الذي يمتلك شبكات استخباراتية واقتصادية في العالم تمارس الإرهاب.
معاقبة كل دولة تتعاون بأيّ طريقة كانت مع نظام الملالي في إطار محاربة دعم الإرهاب وتجفيف منابعه، أو ترفض الالتزام بالقرارات التي تتّخذها الدول المُجمعة على تجريم ارهاب الملالي.
تجريم الكراهية الدينية التي يروّج لها رجال الدين الشيعة ضد الآخرين ومنع نشر أفكارهم والترويج لها لأنها تساعد على التطرف وصناعة الإرهاب والإرهاب المضاد.
منع نشر التشيّع في الدول العربية والغربية وملاحقة كل جهة تقوم بذلك في إطار حظر الكراهية والطائفية والعنصرية لحماية استقرار الشعوب وأمنها، وغلق الحوزات المتواجدة خاصة في الدول الغربية بصفتها أوكار الحرس الثوري المتسترة بغطاء ديني وليست لممارسة طقوس عبادية معينة يكفلها القانون الدولي كحق من حقوق الإنسان في إطار حرية التدين.
تمكين كل الشعوب غير الفارسية من حقها في تقرير مصيرها الذي تطالب به، وتكون ضمن آليات أممية كالاستفتاء أو غيره.
9.اصدار قرارات أممية تحت الفصل السابع ضد التدخل الإيراني في المنطقة وملاحقة ميليشياتها عسكرياً وأمنياً ومالياً وفكرياً.

هذه بعض المؤشرات من الأمور العملية التي يجب أن تتجسّد بعد قمم الرياض، وأكيد تحتاج إلى التدرّج والمرحلية ومهما كانت الصعوبات التي تعترضها خاصة وجود قوى كبرى مثل روسيا في صف الحلف الإيراني، إلا أنه يجب المسارعة فيها فالقضية تتعلق بأرواح ملايين البشر وأوطانهم التي تتعرض للتخريب والتهديم والتمزيق.

ومن دون تحويل الأقوال إلى أفعال الذي هو منطق الحكم على إيران كما صرّح وزير الخارجية السعودي في ندوته الصحافية مع نظيره الأمريكي، ستمرّ القمم من دون أن تحقق شيئاً وستزداد إيران وحشية وستستهدف أوطانا أخرى في الخليج العربي وشمال أفريقيا وكل العالم.

*أخبار تركيا