الرئيسية / كتابات وآراء / اللواء الوائلي: حارسُ الجمهوريةِ الأخير على جبالِ الجوف وصعدة..!

اللواء الوائلي: حارسُ الجمهوريةِ الأخير على جبالِ الجوف وصعدة..!

وضاح محمد
السبت , 20 مايو 2017 الساعة 04:23 مساء
في كل الشعوب توجد قيادات عابرة لا يضيف وجودها من عدمه أثرا ٬ لا على واقع حياة الشعب ولا في الذاكرة الوطنية، وإن تركوا أثرا فذكريات مريرة تجسد ما جلبوه لشعوبهم من خراب ودمار٬ أولئك الذين َصيرتهم الصدفة أو أطراف خارجية إلى مواقع القيادة والحكم،
وفي المقابل هناك قيادات تصنع تاريخا لنفسها ولشعبها ٬ لذا تبقى محفورة في الذاكرة الوطنية على امتداد الزمن حيث الشعوب تخلِد ذكراها وتصنع منها أيقونة للتأريخ، وتجعلها قدوة للأجيال، ومثلما تخسف بزعماء الوهم تشيد للصادقين نُصب تذكارية في عمق الوجدان الذي لا يموت..!

اللواء أمين الوائلي قائد المنطقة العسكرية السادسة ، واحد من تلك القيادات التي صنع تاريخا لنفسه ولبزته العسكرية بعيدا عن الأضواء.

أمين الوائلي حكاية مقاتل قادم من جبال وصاب الشامخة في روحه، تربى في بيئة ملتهبة بالثورة والحرية فانسكبت في مهجته وظل ملتصقا بالأحرار والمناضلين منذ بداية مشواره العسكري.
الوائلي أمين .. قائد الظل لمعركة التحرير في محافظة الجوف، والبطل الحقيقي في ساحات المعارك الضروس، مقتحم ساحات القتال بدلا عن الاستعراضات الهوليوودية والثرثرة الاعلامية أمام العدسات، يقاتل بصمت ويتقدم صفوف الوغى للذود عن كرامة الوطن المغدور، يفعل ذلك بصمت، يترك للأمجاد مهمة الحديث عنه ويكتفي بالعمل في قلب الملحمة..!
البطل الذي لم يعرف تاريخه العسكري الممتد لعقود سوى الانتصارات والانتصارات .. عرفته جبال وكهوف صعدة قبل أن تعرفه صحراء الجوف الذي ينتصب لحراستها هذه الأيام، والتي روى ترابها بدم ولده إبراهيم مطلع الشهر الماضي في مديرية الحزم..

رفيق درب القادة العُظماء، رفيق درب مؤسس الجمهورية الثانية الشهيد عبدالرب الشدادي، وعميد الشهداء حميد القشيبي والجنرال أحمد سيف اليافعي، هؤلاء القادة وغيرهم لم يكونوا ملائكة، ولم يكونوا منزهين عن الخطأ٬ إلا أنهم لم يتربوا على الخيانة ولم يعتادوا التزلف بين أقدام الطغاة والمستبدين٬ ولم يخونوا شرفهم العسكري وأمانتهم القتالية ٬ أو يلتحقوا ويُلحقوا معهم مشروع الدولة الحديثة بمشروع الامامية والسلالية الخبيثة٬ بل سخروا كل جهودهم وخبراتهم القتالية وحنكتهم العسكرية لخدمة المشروع الوطني التحرري من براثن الطغاة والكهنوتيين ، وجسدوا ذلك بالبندقية والمعارك المباشرة في جبهات القتال تحت ظلالِ الجمهورية، ومن هنا كانوا قادة مُـلهمين أوجدوا إلى جانبهم قادة كبار ليقودوا معهم قاطرة التحرير حتى يعبروا الشطء الأخير..!
ولأنه عاش في زمن العمالقة يُـعرف عنه بأنه رجل المبادئ والحزم الذي لا يتزحزح عن الحق مهما كلفه الأمر، ولا يأوي النفعيين وناهبي قوت الجندي..

تكاد ملامح صورته تنعدم عند الكثيرين من العامة، وأغلب المسؤولين لا يعرفوا شكله أو هالته العسكرية الصارمة، لخفة ظله وهدوئه، وطريقة عمله الصامتة جداً التي تعرفها الصخور والرمال وقاع الوديان قبل جنوده ومحبيه، هذا الذي لبس الصحراء والجبال وانطلق يدافع عن شرف الجمهورية التي سقطت في غيابت الجُـب..!

كان باستطاعته أن يربي كرشا يلامس ركبتيه ملفوفا بحِزامٍ يحفظ توازنه ويمنع سقوطه أرضا، وعلى كتفيه تنمو ثروته العسكرية، كما كان بإمكانه أن يتنقل من مطار الى مطار بحثا عن الظهور في القنوات الفضائية، ويعلن للمواطنين عبر شاشات التلفزة عن عملياته العسكرية والانتصارات في جبهات المناصب بالوزارات والسفارات، وأن يمنح نجله إبراهيم جواز سفر دبلوماسي يتنقل به بين مقاعد الدرجة الاولى وأحضان المومسات، بدلا من البندقية والتنقل بين المتارس تحت حرارة الشمس وغبار الصحراء، لكنه اختار طريق الأحرار ، طريق الحلم الكبير، لعل من يقفون في الخلف يخجلون قليلا ولكي يشعر من تخلى عن شرفه العسكري بالعار وهو يرى صنيع المقاتلين في معركة اليمن المقدسة، لعل الساقطين والمتساقطين يرونه وقد دفع ثمن الجمهورية من دمه، ثمناً يضاهي قيمة السماء، وخاض حرباً بطولية شرسة ضد شياطين الإمامة، وبقى أن ينتصر في اللحظات الأخيرة مع رفقاء دربه، وها قد اقترب الحصاد، وغداً يرتكس الأرذلون وغداً يتشامخ الوائلي فوق ذُري المجد ويحصد الشرف الكبير...!