رجلٌ بلا موقف !
سام الغباري
الأربعاء , 30 نوفمبر 2016
الساعة 05:05
صباحا
- ينظر رؤساء الدول العربية وملوكهم بشفقة تجاه \"صالح\" الذي كان يشغل مقعد الجمهورية اليمنية في القمم العربية ، ربما يتساءلون عن قدرته الغريبة على التواجد المثير للسخرية في مواجهة دولته التي ترأسها 33 عاماً ، وخرج بإرادته – على الأقل هذا ما يقوله - ، فقد كان كل شيء متاحاً أمامه بعد نيله حصانة مقدسة من برلمان بلاده ، لكنه أراد العودة بثأره المميز على كل الذين أحرقوه في جامع النهدين ! ، فأحرق وطنه ، وتغافل عن كونه فاقداً للشرعية التي تؤهله لتحريك القوات المسلحة للإنقلاب على الرئيس المنتخب !
- اليوم يستجدي مجلس الأمن بعد أن كان عليه الذهاب إلى المطار والمغادرة مع أول طائرة تذهب به إلى كوبا ، لو أنه سلّم كل شيء للرئيس الذي خلفه ، وتوارى فعلاً دون ارتكاب جريمة الإنقلاب على الدولة ، إلا أن تهديدات ثوار فيسبوك 2011م ، كانت تشعره بالقلق ، طيش الذين حاولوا محاصرته والنيل منه بعد رحيله كان عاملاً إضافياً في حسم خياراته الفوضوية ، والإنتقام من كل شيء ، لكنه اليوم يهدم مقدسات غالية كالجمهورية والأمل ! ، رد فعله على كل الإجراءات العقابية التي طالته كانت فوق إحتمال الجميع ! ، أكبر بكثير من قدرتنا على استيعاب طبيعة الرجل الجريح وخطورته في تدمير كيان الدولة بهذه الصورة الكارثية التي مزقت حياة الناس وآمالهم ! .
- عليه أن لا يتغنى مجدداً عن أمجادنا الحقيقية ، فالرجل الذي يحب أميركا كثيراً لا يجوز أن يتأثر بوفاة \"كاسترو\" ، هذه التناقضات السياسية في الخطاب الفهلوي لا تشجع أي حكومة تحترم نفسها على التعاطي معه ، مثلما لا يجوز له الحديث عن الأهداف السبتمبرية الخالدة التي هزمت الكهنوت السلالي البغيض ، فعيب على أي سياسي حقيقي أن يتحدث عنها بفخر ، فيما يُشكل حكومة إنقلابية مع تلك السلالة التي أزاحتها ثورة 26 سبتمبر عن السلطة المستبدة .
- المهووسون بالسلطة لا يخجلون دائماً ، أردوغان في تركيا يتحدث عن القدس بحماس ، فيما سفارة إسرائيل ما تزال مفتوحة في إحدى شوارع أنقرة ، وحبر اتفاقه الأمني مع ذلك الكيان العنصري الذي يحتل القدس ما يزال طرياً ، ولم يجف بعد ! ، صالح رجل مهووس ، هوسه متقدم عن كل الحكام الذين عرفهم العالم منذ إختراع كرسي الرئاسة حتى اليوم ، إنه رجل بلا موقف ، لا شيء يمكن أن يلتزم به ، كل الأهداف السامية للدول عبارة عن قيم لا يحترمها ، لكنه يتغنى بها ثم لا ينفذ منها حرفاً واحداً .. يحب أميركا ويؤسس لعلاقة معها ويمنح شركة هنت حق الإمتياز النفطي في حقول نفط مأرب ، ثم يذهب لعقد صفقات سلاح مع الإتحاد السوفييتي ، ويعود إلى المملكة السعودية للتباحث من أجل إرسال عبدالمجيد الزنداني وجماعته إلى افغانستان لقتال الغزو السوفييتي ، بعدها يمر إلى العراق لإرسال مقاتلين آخرين من أجل محاربة إيران ، وفي الشهر الذي يليه يتصل بأمير الكويت لزيادة المعونات الكويتية وإستكمال بناء جامعة صنعاء ، ثم يعلن في مجلس الأمن تأييده للغزو العراقي للكويت ! ، وفي كل مناسبة وطنية يحرص على شتم أميركا وبريطانيا حتى وقعت أحداث 2001م الإرهابية ، فيتبرأ من الزنداني ويوعز إلى واشنطن لإدراج إسمه في لائحة الإرهابيين المطلوبين دولياً ! ، ثم يخرج في التلفاز ويرفض تسليم أي مواطن يمني إلى السلطات الأخرى ! ، بعد هذا كله يطالب السعودية بالتدخل جوياً لقصف أوكار المتمردين الحوثيين في الحرب السادسة ، ثم يُرسل \"حسين الأحمر\" إلى ليبيا مع وفد قبلي ضخم ، وفي تلك الأثناء يبعث ببرقية عاجلة إلى السعودية يشكو فيها \"الأحمر\" الذي يفتح خطوط تواصل مع القذافي ! ، ثم يخرج من الرئاسة ، ويُصر على إنتخاب الرئيس هادي خلفاً له ، فيوافق الجميع بمن فيهم خصومه التقليديين ، وبعد عامين يعود إلى طبعه الذي افتقده ليقود إنقلاباً جامحاً على نائبه السابق بالتعاون مع الحوثيين المجرمين الذين قاتلهم ستة أعوام دامية ! ، فتتدخل السعودية والإمارات وتحالف عربي غاضب لإيقافه عند حده ، فيهجو المملكة ويشكر الإمارات التي يسكن فيه نجله ، ويبعث بوفد من قيادات حزبه إلى أبوظبي التي شاركت في تقطيع أوصال جنوده المميزين بضواحي الجنوب اليمني ، ثم يخرج إلى الناس للحديث عن \"العدوان\" ! ، ومنذ شهرين يكرر في خطاب بمناسبة ذكرى 26 سبتمبر أن الكهنوت الإمامي ولى إلى الأبد ، وقبل يومين يُسلم وزارة التربية والتعليم للمتطرف الخبيث \"يحيى بدر الدين الحوثي\" الذي يُناصب الصحابة والثوار السبتمبريين العداء ! .
- الشيء الوحيد الذي وعد به صالح وحققه ، كان توقيعه على المبادرة الخليجية وخروجه المؤقت من الرئاسة تنفيذاً لرغبة الخليجيين الذين أرادوا رؤية يمن مستقر لا تمزقه الصراعات ، ويبدو أنه حين أراد أن يكون صالحاً نازعته نفسه الشريرة ، فعاد منفلتاً نحو الإنتقام ! .
- شُنق صدام حسين ، هرب \"بن علي\" ، سُجن مبارك ، قُتل القذافي ، انتحر هتلر ، صُلب موسوليني ، فاز ترامب وخسرت هيلاري ، اغتيل \"بن لادن\" ، مات كاسترو ، وصاحبنا مايزال نشيطاً في صنعاء ، لكنه لن يستفيد شيئاً ، فما عاد قادراً على صناعة النهاية السعيدة التي تمناها ، هدم المعبد وقد صار حديث الناس حتى يأتي التاريخ ليضرب المثل في \"عفاش\" الذي هدم دولته على رأسه ورؤوس أنصاره وخصومه ، فينسون \"شمشون\" ويتذكرونه ساخرين ! .
..
انتهى .
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |