الرئيسية / كتابات وآراء / العمامة سـوداء

العمامة سـوداء

سام الغباري
الأحد , 18 سبتمبر 2016 الساعة 05:42 مساء
إتصل بي صديقي الهاشمي من \"اليمن\" يُعاتبني على تكرار اتهامي للهاشمية بالانقلاب على الدولة والنظام والمجتمع ، وأضاف أنه\" لايمكن اعتبار جميع الهاشميين حوثيين ، فمنهم من ساهم في تفجير ثورة 26سبتمبر\" ، أجبته بحسم \" التعميم في وصفي يُحاكي تعميماً مشابهاً ذكره الله تعالى في كتابه العزيز ﴿قُتِلَ الإِنسانُ ما أَكفَرَهُ﴾ ، وتحت لفظ \"الإنسان\" يأتي الانبياء والصالحون والعلماء ، وبالتالي فإنه تعميم يُقصد منه المخالفين فقط ، ومشكلتنا ليست مع الهاشميين ، بل مع الهاشمية\" ! ، وسردت له الآتي : في مدينتي وصل مشرف الحوثيين من \"صعدة\" بسيارة واحدة فقط ، بعد ساعات خرج الهاشميون من الأحياء مدججين بالسلاح ، وكأنهم كانوا بإنتظار وصوله ليكشفوا عن حوثيتهم التي طالما أخفوها ، انتشروا في جولات المرور ، ونقاط التفتيش ، اختفى الجيش والأمن ، واقتحم هاشميو المدينة مرافق الدولة العسكرية والمدنية والامنية ، كان كل حي في المدن والقرى لا يخلو منهم ، وقد توزعوا في الوظائف الجديدة التي اختلقتها لجنة الحوثيين الثورية بصفة مشرفين في اقسام الشرطة والادارات الحكومية والمالية والقضاء والجامعات والمدارس ، لم يكونوا يفقهون شيئاً ، وليس لهم مؤهلٌ يدفعهم لتولي تلك الوظائف والمسميات سوى أنهم \"هاشميون\" !.
- لماذا نخادع أنفسنا ؟ ، ونفترض حُسن نوايا سلالة يتعدى عددها أربعة مليون - حسب تقديرهم - فيما يشكل البعض منهم ممن رفضوا مشروعهم التسلطي نسبة ضئيلة مقارنة بعموم شامل استندوا على أحقية الولاية في مناهجهم الفكرية التي يتوارثونها جيلاً بعد جيل .
- نحن نطالب الهاشميين بمعرفة السبب وراء تمسكهم بعرقيتهم وتمجيدها في ظل وجود هوية وطنية يمنية يدّعون أنهم ينتمون إليها بينما يُصرون على التمسك بإنتماء عقدي آخر ، وهوية أخرى ، وسلالة عائلية لا تنتمي إلى اليمن !، لقد ذابت كل العرقيات من بقايا الاتراك والاكراد والاحباش وغيرهم في الهوية اليمنية ، ولم يتعصبوا لعرقيتهم أو أصولهم السابقة ، بل أصبحوا مفاخرين بجنسيتهم التي ولدوا عليها ، إلا الهاشميين الذين يُصرون على أنهم أشخاص مميزون عن مالك الأرض الحقيقي ! .
- لن اتحدث عن جرائمهم التاريخية في طمس هويتنا الحضارية ، وتهجير اليهود اليمنيين إلى إسرائيل في فترات متعاقبة ، وقد كانوا يمثلون - دون غيرهم - إمتداداً حقيقياً لليمني القديم الذي كان يهودياً قبل أن يعتنق الكثير منهم الإسلام .
- الهاشميون ضحية الهاشمية كفكرة ومنهج ، مثلما يُعتبر الزيود ضحية المذهب الزيدي الذي تعرض للسطو على أيدي الهادويين ، ومن بعدهم الجاروديين ، لينتجوا مذهباً مغروراً يستعلي على الناس ، ويوظفهم سُخرة لصالح سلالة تُقدّس حيواناتها المنوية ! ، بعد ثورة ٢٦ سبتمبر العظيم انحسر المذهب الزيدي بقوة في المناطق اليمنية الشمالية التي كانت تُمثل مصنعاً لإنتاج المحاربين المغيبين عن الوعي ، وبقيت بعض الجيوب الدينية والمراكز التعليمية التي أعادت تسويق نفسها بهدوء في إطار الجمهورية حتى بلغت ذروتها في التمرد الحوثي على الدولة منذ العام ٢٠٠٤م ، ثم بإسقاط النظام على مرحلتين بدأت في ٢٠١١م وانتهت في فبراير ٢٠١٥م .
- لقد صفقت دور صنعاء الهاشمية لهمجية الحوثيين الدموية ، وفتحت لهم أبواب العاصمة ، في تكتيك تدميري ممنهج معتمدين على عناصرهم الهاشميين بمختلف اقنعتهم وتياراتهم واحزابهم الذين كانوا يمارسون دوراً \"برمكياً\" داخل المنظمات والوزارات والمحافظات والمناطق العسكرية ، وبطانة لأقطاب الصراع الذي انتجته احتجاجات ٢٠١١م ، وكانوا يُظهِرون اختلافهم ويستفيدون من تدني الوعي الجمهوري لدى بعض مراكز القوى ، حتى اسقطوا صنعاء وتمددوا بأريحية في بقية المحافظات بصورة لم تمنع قيادات تاريخية هاشمية في الجنوب اليمني من الترحيب بهم ، وتصنيفهم كحركة ثورية براقة ، سرعان ما أثبتت قبحها وزيفها ووحشيتها مع مرور الوقت .
- لقد تنادى الهاشميون بأصواتهم في العالم العربي والاسلامي دفاعاً عن هواشم الحوثية ، شيخ الازهر الهاشمي ذهب الى \"غروزني\" ليغزل نسيجه الناعم على السعودية ، وكان معه الحبيب الجفري وبقية دراويش الازهر الفاطميين ! ، ومن الجنوب اليمني التقى الهاشميون علي سالم البيض وعبدالرحمن الجفري وحسين شعيب وحيدر العطاس ، في إمارة \"هيا بنت الحسين\" في الإمارات لبحث انتاج كيان سياسي \"جنوبي\" يعصف بشرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ، ويقسمه على مجلسين ، مجلس صنعاء الهاشمي ، ومجلس الجنوب الحراكي ، والرأس واحد والعمامة سوداء.
- الهاشميون الذين نراهم اليوم يرتدون البزات العسكرية تحدياً لإنتصارات الشرعية في المناطق المحررة ، تماهوا بمختلف تخصصاتهم الوظيفية في ترديد شعار أحمق يؤدي إلى الشعور بالخجل ، استوى في عصبيتهم الجاهل بالمثقف ، والغبي بالطبيب ، والأرعن بأستاذ الجامعة ، تلاصقوا كروح واحدة ، نفس شريرة طافت حول صنعاء ومناطقها فأخذتها بالخديعة والكذب ، وتحييد القبائل والمؤسسات ، حتى انهار كل شيء !.
- الهاشميون لم يقاتلوا ، لقد خدعونا واختطفوا أرضنا وسلطتنا وجيشنا وعرشنا وحقولنا ومزارعنا وأرزاقنا ، يأكلون من عرقنا ، ويبنون على أرضنا منازلهم وبساتينهم ، ويحملون جوازات حمراء بإسم الجمهورية إلا أنهم إماميون حتى العظم ، ونحن جمهوريون حتى النخاع ، نحن من يدفع لهم كل شيء ، أراضيهم الشاسعة في قرى ووديان اليمن التي احتال أجدادهم علينا ونهبوها بإسم الكهنوت ، صادروها من المالك الحقيقي وجعلوه أجيراً عليها ، وهي حقه وأرضه ، مثلما اختطفوا الجمهورية ، واليوم يحاولون إختطاف الوعي بخلق عدو من العدم يُمكنهم من استثمار غفلة الشعب ، وتصدير أزمتهم الداخلية بإتجاه الحروب والكوارث ، بينما أعينهم على منابع المال والإيرادات ومجهودات الحرب وإختلاسات الصناديق التي أثروا بها في زمن القحط .
- قد يكون صديقي \"الهاشمي\" الذي غادر اليمن مؤيداً لشرعية الرئيس \"هادي\" صادقاً في توجهه ، نقياً في رفضه لما حدث ، لكنه لن يستطيع إقناع إبنه أو أخوه من عدم الانخراط في محاربة اليمنيين واعتناق افكار سلالية متطرفة ، لأن المشكلة ليست فيه شخصياً ، بل في الفكرة التي تمجد عرقيته ، ويمكنها جذب بعض أقاربه ، واستخدامهم كأدوات في صراع سحيق ومتجدد ، ذلك ما رأيناه بأعيننا في ابناء وأحفاد الثوار السبتمبريين من الهاشميين الذين شاركوا الإماميون الجدد حفلتهم المجنونة لإسقاط الجمهورية بعد ٥٣ عاماً من تأسيسها على يد الأحرار ، وقد كان والدهم أو جدهم أحد أولئك الأبطال الذين درسنا تاريخهم ومجدهم النضالي .
- يجب أن يـُدرك الجميع أننا لسنا خصوماً لأحد ، ولو زعم أنه النبي المخبأ في جدار الخرافة ، مالم يحمل علينا السلاح ويستعلي ، ويظن أنه خُلق من ضلع التنين قاذف اللهب !
..
والله المستعان ياصديقي