الرئيسية / كتابات وآراء / البائع الذي كـان رئيساً !

البائع الذي كـان رئيساً !

سام الغباري
الثلاثاء , 16 أغسطس 2016 الساعة 08:55 مساء
- هذه المرة يخسر المؤتمريون الذين يحيطون بـ \"علي عبدالله صالح\" شخصاً قوياً ، إسمه \"سلطان البركاني\" رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام ، أتذكر أن رئيس تحرير صحيفة \"اليمن اليوم\" التابعة للرئيس السابق بعث إليّ برسالة نصية تدعوني إلى الكتابة على \"البركاني\" بُـعيد إغلاق قناة صالح بأيام ، ولما قلت له : من أين تأتي بتوجيهاتك ؟ أجاب أنها من \"الزعيم\" شخصياً ! ، ودار بيننا الحوار الآتي :
* البركاني من رجال صالح الأقوياء ،ويُمثل \"تعز\" في جناح المؤتمر ، والهجوم عليه غير مبرر .. ماذا فعل ؟
- لقد اكتشفنا أنه من يقوم بتزويد \"هادي\" بالمعلومات ، إنه عميل مزدوج !
* لا تخسروا الرجل ، بعد أن خسرتم الرئيس ، من بقي معكم ؟ .
- يمكنك الإتصال بـ\"طارق\" وسيقول لك التوجيهات !
* لستُ مجنوناً لأكتب عليه .. اعقلوا !.
- تمنّـع \"سلطان البركاني\" عن الإتيان بفعل قبيح كبقية الدراويش الذين جمعهم \"صالح\" في جلسة البرلمان الأخير لإنتخاب \"صالح الصماط\" ، كان الرجل مكروهاً لدى كثيرين من شباب الساحة الربيعية بسبب مواقفه الجريئة مع رفيقه الرئيس ، كان مُـخلصاً وصادقاً ، قال عن \"صالح\" الكثير ، ووصفه بـ\"الصادق الأمين\" ، لكن الأخير لا يجيد تقديم الولاء لرجاله الحقيقيين ، لا يستطيع أن يظل معك إلى النهاية – بتعبير علي ناصر محمد - ، إنها مشكلته المؤسفة .
- إحراق كل شيء ، والسماح لمراهقي الحزب الحمقى بتوسيع دائرة الشقاق بين من تبقى معه ومن جاء إليه بمظلة العائلة ، تُـلقي بظلالها على مستوى اللاعبين الجُـدد في جسد حزب أضنته المزاجية ، وروّعته أنانية الطوق القبلي الإنتهازي الذي جمع كل الشاردين لحظوة إنتشاء مؤقت .
- كأننا في حفلة تنكرية ، لا أحد يستطيع تمييز الشيطان من المؤمن ، الأقنعة تخفي خلفها إبتسامة شريرة ثائرة ، قناع \"فانديتا\" الشهير يساوي بين الكبار والصغار ، بين الحوثيين والمؤتمريين ، بين الحق والباطل ، بين المخلصين والمنتفعين ، لقد خسر المؤتمر الشعبي العام الكثير ، الكثير جداً من الأبطال الحقيقيين ، وصفت \"اليمن اليوم\" عظماء المؤتمر بـ \"الساقطين\" وكانت صورة الغلاف تحوي ثلاثة من أركان الحزب المؤثرين \"الدكتور عبدالكريم الإرياني ، والدكتور أحمد عبيد بن دغر ، والدكتور رشاد العليمي\" ، استبدلوهم بـ \"مهدي المشاط ، وصالح الصماط وعبدالملك الحوثي\" ماهذا القرف ؟
- من بقي مع صالح ؟! ، باجمال في عزلته ، الإرياني مات مقهوراً ، العليمي وبن دغر يتعرضون لهجوم قاذع ، والرئيس هادي الذي كان مرشحاً لرئاسة الجمهورية بتكليف المؤتمر الشعبي العام بموجب تقاسم فرضته المبادرة الخليجية يكون فيه مقعد الرئيس للمؤتمر ، فصلوه من الحزب ، وجاءوا بـ \"مقوت\" من صعدة ، في سخرية مبكية ، ومهينة!.
- حتى المجنون لا يمكن أن يضر نفسه كما يفعل مجانين \"صالح\" ، صناعة رموز لأي حزب ليس أمراً هيناً ، وتدميرها بلا سبب هو ما بعد الجنون بمراحل ! ، إنه عجين من العناد والحُـمق والمراهقة والسفه والإنتقام ، عدوى خطيرة تؤدي إلى تصادم الحزبين الكبيرين في اليمن \"المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح\" ، لا أحد سيستفيد من هذه الحماقة المتطايرة سوى الميليشيا \"الحوثيون والحراك الإيراني\" ، ومن سيأتي بعدهم من دواعش وقاعدة وجبهات السلفية الجهادية أمثال \"هاني بن بريك\" !.
- تحدث \"عبدالرحمن الأكوع\" صهر الرئيس اليمني السابق في جلسة برلمان حلف اليمين الشوهاء معترضاً على \"ولاية الفقية\" التي يؤمن بها الحوثيون ويريدون حُـكم ما تبقى من اليمن من خلالها ، قالها وقد بدا غاضباً ، فثار الحمقى على صفحات فيسبوك يهاجمونه ويلوذون بعبارات التخوين كأسهل طريقة للتعبير عن توجيهات الإعلام الحوثي الذي يتحكم في المؤتمر الشعبي العام .
- أتذكر جيداً في مقيل جمعني بـ\"صالح\" أن أحد الحوثيين المستترين وصف الزنداني بـ\"المنحرف\" ! ، كان اللفظ مزعجاً في مقيل رئيس سابق ، إعترض على اللفظ الذي أشبع غروره بإهانة رموز شعبية ودينية وقفوا ضده في مرحلة الربيع العربي وأعاقوا مسيرته العائلية للإستئثار بالسلطة والثروة ، وهكذا يستمر المنحرفون الحقيقيون في تدمير أركان المؤتمر الشعبي العام لأنه حزب ضخم ، يعيق أحلامهم بالوصول إلى الشتات الحزبي وتحويله إلى ذراع مقدس لميليشيا متوغله في أحقادها السلالية على اليمنيين .
- كان البركاني حاداً في محبته ، وخصومته ، إلا أنه كان شجاعاً ، ومثله كل الأصوات الجمهورية التي أراد الحوثيون بإتفاق \"المجلس السياسي\" أن ينقلوا الصراع إلى داخلها ، كي يستفيدوا من تناحرها ، ويعيدوا تجميع كياناتهم المبعثرة بفعل الحرب للإنقضاض مرة أخرى على أشلاء الأحزاب ، والتعددية والدستور الذي يشكل وعينا المتقدم .
- يجب أن يعود الأبطال من منافيهم الإجبارية ليمنعوا \"صالح\" عن الهستيريا المتواصلة ، ينبغي أن يُـدرك الجميع أن مشاركة التجمع اليمني للإصلاح في الحُـكم أمر محمود في ظل الثوابت التي يقاتلون اليوم من أجلها ، وقد كان أزكى لعائلة صالح أن تشاهد \"اليدومي\" رئيساً خيرٌ لها من أن تصفق لـ\"صالح الصماط\" ، أن تقبل بهيكلة \"هادي\" للجيش والأمن ، على أن يتولى \"أبوعلي الحاكم\" قيادة ألويتهم المريعة ! .
- أخشى أن يستمر الإنحدار في وعي النُـخب السياسية ، حتى لا يجدون شيئاً من السياسة ، وأن يفقد \"صالح\" كل قلبه فيندفع إلى الإنتحار على أطلال صراع سيُجرّمه ، لقد فقد خيرة رجاله ، حتى \"السعودية\" التي ظلت ترعاه طيلة أعوام حُـكمه ، وتعبتره حليفها القوي الأمين ، إتهمها بإغتيال \"الحمدي\" ! ، ولو أنها أرادت إغتيال أحد ، لكان هو ، الذي أزعجها في حرب الخليج الثانية لشراء ولاءات الرؤساء لصالح \"صدام حسين\" ، لكنها لم تفعل ، لأنها دولة وليست عصابة ، لقد إختار أن يُـغادر السلطة بعد 33 عاماً بإرادته ، وحينما أمّنت له \"السعودية\" سقفاً عالياً من الأمان والحرية والزعامة ، تحوّل إلى منتقم مغرور ، رجل مزادات محترف يبيع كل المقتنيات الثمينة لمن يدفع أكثر .. ولكنه اليوم يبيع تاريخه ورجاله، يبيع حزبه وعائلته ، يبيع وحدته ونظامه ، يبيع ولا يشتري شيئاً !.