صكّ غفران أميركي للأسد
ماجد عبد الهادي
الخميس , 19 مارس 2015
الساعة 10:53
صباحا
هنا دولة كانت قوية، قبل أن تتحول، في سبيل القضاء على معارضيها إلى فرق موت. وثمة، في الجغرافيا نفسها، فرق موت كانت قد تشكلت من شذاذ آفاق، قبل أن تسمي نفسها دولة. الأولى تقتل الناس بالجملة، فيلتقط الضحايا صور موتهم، بكاميرات هواتفهم البسيطة، لينشروها، على الملأ، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. والثانية تقتل بشكل محسوب، لتصور الجريمة، بأحدث التقنيات الرقمية (HD)، بل بإخراج هوليوودي، لتنشر الرعب، على الملأ، باعتباره من وسائل انتصارها. وإذ يتغافل العالم، أو قل المجتمع الدولي، عن تشابه الجوهر الفاشي، في كلا الحالين، فإنه يتورط، عن سابق سوء نية، على الأرجح، في الانسياق وراء خدعة الاختلاف الصوري، لنراه، وهو الذي صمت على المذابح الجماعية المروعة طوال أربع سنوات، يستنفر قوته العاتية، للرد على الجرائم الفردية البشعة التي توثق ذبح بضعة أشخاص أبرياء.
وإزاء هذا المشهد الكارثي القائم الآن في سورية، لا يسألنّ أحد لماذا عجز التحالف الدولي عن القضاء على تنظيم الدولة، بعد ستة شهور من إعلان الحرب عليه. كما لا يسألن أحد، لماذا ترفض أميركا اقتراح حلفائها في المنطقة توسيع الحرب، لتستهدف نظام الأسد، ذلك أن كل التحليلات والرؤى الباحثة عن جواب عقلاني هادئ، يقوم على براءة علوم السياسة، ونظافتها، ستسقط أو تنكفئ، ليملأ فراغ غيابها جواب آخر، يركن إلى نظرية المؤامرة، وحدها، ودون غيرها، ليقول، باختصار، إن اختراع من يوصفون بالجهاديين، أو الإرهابيين الإسلاميين، كان طوق نجاة للعصابة الحاكمة في سورية، ومخرجاً للغرب كذلك، من مأزق تخاذله المشين، أمام واحدة من أبشع حروب الإبادة بعد الحرب العالمية الثانية، بيد أن التخاذل، أو الصمت، سيصبح شيئاً من الماضي، حين تتزامن الذكرى السنوية الرابعة للثورة السورية، مع مواقف أميركية جديدة، تعزز نظرية المؤامرة أكثر فأكثر، لأنها تنبئ بمنح النظام السوري صك غفران، وهي مواقف كان من أبرز تعبيراتها الأولية حديث وزير الخارجية، جون كيري، عن إمكانية الحوار مع الأسد، وقول مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان، إن الولايات المتحدة لا تريد انهيار مؤسسات الدولة السورية، لكي لا تسيطر الجماعات المتطرفة على دمشق. وكأن العاصمة السورية كانت، في ما سبق ولا تزال، بأيدي حماة البيئة، أو تلاميذ الأم تيريزا والمهاتما غاندي.
\"العربي الجديد\"
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |