إب الخضراء في لون الدم
عبدالعزيز المقالح
الأربعاء , 07 يناير 2015
الساعة 07:58
صباحا
ماذا جرى لبعض اليمنيين لكي يقدموا أنفسهم وبلادهم في هذه الصورة البشعة المخيفة التي يبرأ منها دينهم وتاريخهم وتقاليدهم وأعرافهم؟ وكيف ارتفعت موجة الحقد في بعض النفوس المريضة لتصل إلى هذه الدرجة من التوحش والإيغال في الجرم ؟ ومسكين هو المواطن اليمني البريء الذي لا ناقة له ولا جمل فيما يحدث من صراعات سياسية حمقاء، لقد تعددت عليه الصدمات وتكاثرت المفاجآت المرعبة، ولعل ما حدث في إب المدينة الخضراء منذ أيام أكثر هذه الصدمات وأقساها، ولا غرابة أن يغرق أبناؤها في بحر من الذهول غير المسبوق فالمعروف أن هذه المدينة المسالمة الهادئة التي ينعكس اخضرارها الدائم على قلوب أبنائها وتصرفاتهم هي من المدن التي تنعدم فيها حوادث القتل وتندر المشاجرات العنيفة ، وفي بضعة شهور تحولت إلى مسرح للاغتيالات والحوادث المؤلمة ليس ذلك فحسب بل ارتقت الجريمة فيها من القتل الفردي إلى المذبحة الجماعية في سابقة ما كانت لتخطر على بال مجرم فضلاً عن بال إنسان سوي النفس ومستقيم الضمير.
قبل عشر سنوات تقريباً كنت مع عدد من الزملاء في زيارة لهذه المدينة الخضراء، وحرصاً منا جميعاً على أن نرى المدينة في إطار من بساطها الأخضر الممتد من جِبْلهْ إلى وراف ومشورة وغيرها من الضواحي والحقول، فقد صعدنا عن طريق \"المشنة\" إلى أعلى مكان يطل على المدينة، وبقينا لساعات مشدوهين بجمال المنظر وما يبعثه في النفس من إيمان بقدرة الخالق على البراعة المدهشة في تزيين الأرض وتكوين تضاريسها وتلوينها، وكان أحد الزملاء يردد بين فينة وأخرى قصيدة أبي الطيب المتنبي في شِعْب \"بوّان\" ومنها هذان البيتان البديعان:
يقول بشِعْب بوّان حِصاني أعن هذا يُسارُ إلى الطَّعان؟
أبوكم آدم سـنَّ المـعـاصي وعلَّـمكم مفـارقة الجــنان.
لقد وقف المتنبي أمام منظر ذلك الشِعْب المغمور بالاخضرار ذاهلاً كموقفنا ونحن نطل على مدينة إب وامتداداتها الخضراء وقد تخيّل المتنبي أن حصانه المبهور بالمنظر الطبيعي الفاتن لشِعب بوّان قد سأله متعجباً كيف يذهب الناس إلى الحروب ويقتلون بعضهم بعضاً وعندهم في الأرض مثل هذه المناظر الخلاّبة التي تشد إلى الحياة وتجعل مفارقتها ضرباً من العبث والجنون وعدم التفكير في بدائع الخالق العظيم وما يرسمه على وجه الأرض من لوحات تتجدد بتجدد الأيام والشهور والأعوام. وأشك في أن المجرم مفجر المركز الثقافي قد عرف إب أو يكون قد تجول في أراضيها أو عايش أهلها إنما دخلها مغمض العينين مغمض القلب ميت الإحساس والضمير، فارتكب جريمته البشعة دون أن يرف له جفن أو يندى له جبين شأن كل المجرمين الذين يساقون إلى مثل هذه الأفعال وهم لا يفكرون ولا يبصرون ولا يشعرون.
والآن هل من وسيلة لوقف سفك الدماء وقتل الأبرياء؟ وهل من حلول خارج التضافر والتصالح وقطع دابر الخلافات السياسية؟ ولماذا لا تلتقي القوى الفاعلة على كلمة سواء لدرء المخاطر الداخلية والخارجية ووضع حد للفوضى وإعادة هيبة الدولة لتتمكن من نشر الأمن وبسط الاستقرار في ربوع البلاد التي بدأت تشهد حالة من التفكك والانهيار؟ وإذا لم يحدث الوفاق الصادق الصريح ويلتف الجميع حول مشروع واضح ومحدد للعبور به نحو المستقبل المنشود فإن البلاد لن تخرج من الدوامة الراهنة ولا بعد عشرين عاماً.
الدكتور أحمد علي عبدالله في ديوانه الأول \"نورا\":
الدكتور أحمد عبدالله متخصص في الجيولوجيا والبترول وله كتاب مشهور عن \"البترول والتنمية في اليمن\" و\"نورا\" هي ابنته وقد أهدى إليها القصيدة الأولى في الديوان وبالرغم من تخصصه العلمي فإنه متمكن في كتابة الشعر وعلى إطلاع واسع بآداب اللغة العربية وكما برع في كتابة قصيدة التفعيلة فقد أجاد كذلك في قصيدة النثر أيضاً. الديوان صادر عن دار أزمنة في العاصمة الأردنية، ويقع في 155 صفحة من القطع المتوسط.
تأملات شعرية:
لا شمسَ في شوارعِ المدينة
الخضراء
لا أغاني في المقاهي المقفرات
الحزن يكتب اللوعَةِ
في حوائط البيوت والأشجارْ.
يا إب!
يا مدينةَ الصبر الجميل
واصلي صبرَكِ
يا صانعة الأبطال والثوارْ.
\"الثورةنت\"
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,04 مايو 2025
الساعة 12:01
صباحا
# | اسم العملة | شراء |
---|---|---|
|
دولار أمريكي | 2492.00 |
|
ريال سعودي | 655.00 |
