الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٣ صباحاً

زواج مربية الفصل

عباس القاضي
الثلاثاء ، ٠٦ يناير ٢٠١٥ الساعة ٠٣:٣٠ مساءً
كنت أيامها في إجازة إجبارية من العمل ،،، في الربع الأخير من عام 2011 م ،،، والثورة مازالت لم تحقق هدفها الأول .

الكهرباء مقطوعة ليل نهار ،،، و المحروقات منعدمة يباع في السوق السوداء بستة أضعاف ثمنها .

كنت حينها أكتب رواية " عبده غبش " أذهب إلى مقهى الإنترنت القريب من منزلنا عند التاسعة صباحا ،،، أكتب الجزء الجديد وأنشر الجزء السابق على صفحتي في الفيسبوك ،،، أظل حتى الثانية عشرة ظهرا ،،، أذهب إلى مسجد سوق القات أصلي الظهر ،،، أشتري قات ،،، و على طريق عودتي أمر على مدرسة الصافنات الواقعة بين المقهى و السوق والذي يدرس فيها ابني الأصغر : عامر في الصف الثالث الابتدائي لأصطحبه معي إلى البيت ،،، دخلت سلمت على الحارس ،،، جلست على حافة رصيف داخلي تحت ظل شجرة استوى ظلها تحتها ،،، في الحوش فيها بعض الألعاب البسيطة للطلاب الذين يخرجون مبكرين ينشغلون بها حتى تأتي حافلاتهم أو أولياء أمورهم ،،، كذلك فيها حظيرة حيوانات فيها بعض الحيوانات و الطيور النادرة لينشغل الآباء حتى يخرج أبناؤهم .

ها هو عامر يخرج من البوابة الخشبية المصَبَّعة التي تفصل المدرسة بالحوش و معه ابن الجيران : أيمن رشيد الحزمي ،،، أرسلت يدي للأسفل ليقوما بنفس الحركة اليومية بالقبض على إبهام يدي أثناء السير ،،، ولكن شيئا ما مختلف هذا اليوم ،،، رأيت وجوههم محمرة و أنوفهم تكاد تقطر دما ،،، ورموش أعينهم غير مرتبة ،،، زاد من حيرتي زملاؤهم طلاب و طالبات ،،، البعض منهم مازال يصرخ باكيا ،،، والبعض اكتفى بأزيز يخرج من صدره ،،، رأيتهم يمرون إلى الحافلة و عندما صعدوا زاد بكاؤهم و صراخهم ،،، وقفت بجانب الحافلة أنظر إلى هذا المشهد التراجيدي ،،، ثم نظرت إلى مستوى خاصرتي لأسأل عامر و أيمن ،،، ما الذي حدث ؟ ما الذي جرى ؟ ،،، عامر كان متماسكا بعض الشيء لكن أيمن فك قبضته من إبهامي و وضع معصمه على عينيه قائلا ،،، وهو يبكي : الأستاذ / أحلام ،،، ودعتنا اليوم ،،، كيف ولماذا ؟ قال لي عامر : سوف تتزوج يوم الخميس و اليوم آخر يوم معنا ،،، لأنها ستسافر مع زوجها ،،، قال أيمن : جاءت اليوم تودعنا .

جلست القرفصاء ،،، طويت يدي عليهما كل في جهة لأضمهما ،،، و قلت لهما : هل درستم اليوم ؟ هز أيمن رأسه ،،، قائلا : لا ،،، و أردف عامر : أصلا فاجأتنا اليوم بهذا الخبر ،،، وظلت تدور حولنا تقبل هذا و تمسح رأس هذا ،،، وهي تبكي و نحن نبكي ،،، حتى أننا لم نخرج إلى الراحة اليوم ،،، قال أيمن و هو يصف المشهد : ثم جلست على مكتبها و كنا نصعد واحدا تلو الآخر و كأننا نلقي عليها النظرة الأخيرة ،،، و صراخنا يصل إلى خارج المدرسة ،،، بعضنا أغمي عليه من شدة البكاء ،،، ثم التفت إليَّ عامر قائلا : بابا هذا أسوء يوم مر عليّ ،،، و تساءل أيمن ،،، لما ذا الزواج ؟ هل ستكون سعيدة أكثر مما هي عندنا ؟ .

قمت بعد أن مسحت دموعي ،،، وضعت العلاقية القات في بنصر يدي ،،، و كل منهم أمسك إبهامي ثم قفلنا عائدين إلى البيت .