الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٠ مساءً

ما تحتاجه اليمن لتخرج من محنتها

مارب الورد
الخميس ، ٢٨ أغسطس ٢٠١٤ الساعة ٠٤:١١ مساءً
تحتاج اليمن أكثر من أي وقت مضى إلى وحدة الصف والتقارب بين أبنائها لا التفرقة والانقسام,هذه محطة فارقة ولحظات صعبة تتطلب من كافة القوى والأحزاب استشعار المسئولية والارتقاء إلى حجم المخاطر والتحديات.

ما يحدث اليوم من صراع مسلح هنا وهناك وما يرافقه ويصاحبه من شحن سياسي وإعلامي ومذهبي يسمم الأجواء ويشعل الحرائق ولا يساعد على التهدئة وتلطيف الأجواء لخلق مناخ نقي يشجع على تغليب مصلحة الوطن على ما سواها.

إن كل طرف أياً كان موقعه في السلطة أو خارجها مطالب بالقيام بدوره وتأدية واجباته على أكمل وجه دون تقصير أو إهمال حتى لا ينتج عن هذا الفراغ بؤراً للفتنة والمشاكل وتركها على حالها إلى حد يصعب السيطرة عليها.

لا أخطر من أن تتجاهل الدولة مطالب مواطنيها المشروعة والعادلة مثلما لا أخطر من أن يلجأ كل صاحب مطلب فرداً أو جماعة إلى العنف أو التهديد به كنهج وخيار لتحقيق ما يريد وفي كلا الحالتين ستغرق سفينة الوطن بكل أبنائها ولن ينجو أحد ما دام على متنها.

البلاد تمر بمرحلة خطيرة من تاريخها وربما تكون الأخطر بالنظر إلى عودة خيارات العنف بمختلف أشكاله والتلويح به علناً وفي وسائل الإعلام وإن حمل لغة أخرى إلا أنها في كل الأحوال تساهم في التحريض وإذكاء روح التعصب والتباغض.

تتجلى حكمة ونضج وعقلانية الشعوب عندما تمر بمراحل التحول الديمقراطي مثل حالنا اليوم الذي نسعى فيه للانتقال من حكم غير عادل وجائر إلى نظام ديمقراطي يعكس إرادة الناس ويلبي تطلعاتهم في إقامة دولة قوية.

أثبت الشعب اليمني رغم توافر السلاح بيديه وغياب الدولة في أكثر مراحله التي أدى غيابها إلى لجوئه إلى القوة والعنف أحيانا لتحقيق مطالبه,أنه كان منحازاً للسلام ينشد الدولة حتى أن أحد أمثاله القديمه تؤكد هذه الحقيقة وهي قول اليمني"شبر مع الدولة ولا ذراع مع القبيلي".

نحن هنا لا ننكر دورات الصراع ولا تاريخ الحروب التي اندلعت في أكثر من منطقة ولأكثر من سبب,غير أن المتأمل لما جرى قديماً وحاضراً اليوم يجد أن السبب الرئيس أو الأكبر وراء انجرار اليمنيين للعنف هو غياب الدولة التي تحفظ مصالحهم وترعى حقوقهم وتحكمهم بالعدل والمساواة.

لنساعد أنفسنا جميعاً بالمحافظة على الدولة وكيانها ومؤسساتها مهما كانت ضعيفة أو غير منصفة أو أنها لا تقوم بواجباتها كما يجب ولا تهتم لما يعانيه مواطنيها.

من هنا يكون التصحيح والبناء والانجاز,نعم نساهم في تقوية الدولة بالوعي بأهمية وجودها أو بقائها وإعادة بناء مؤسساتها على أسس وطنية وإشاعة ثقافة الأمل بأن الدولة القوية هي الضامن لحل مشاكلنا وهي وحدها من تمنع وقوع الحروب وتعيد الحقوق وتقيم العدل.

لا يكون التفكير بالهدم والعودة إلى المشاريع الصغيرة والتخندق كلٌ حول مصدر قوته ومن يقف معه,هذا ليس حلاً وليس منطقياً تبريره بأن الدولة ضعيفة ومن الغباء التعويل عليها مع إقرارنا بخذلانها وتخليها عن دورها في أكثر من قضية.

لننظر إلى تجارب الدول التي سقطت في مصير الانهيار وكيف غرقت في بحر الحروب الداخلية ولم تقم لها قائمة ولم يتدخل أحد لإنقاذها وانتشالها مما هي فيه والصومال خير مثال على ذلك.

كلفة الانزلاق إلى الحروب والفوضى باهضة وقاسية جداً على كافة المستويات,وفي كل الأحوال حتى بعد الوصول إلى هذا المصير الكارثي يعود الناس بمختلف انتماءاتهم بمن فيهم أولئك الذين كانوا طرفاً في الصراع إلى طاولة المفاوضات وتغليب لغة الحوار على لغة البنادق ولكن بعد فوات الأوان مع أن الحكمة كانت تقتضي أن يفكر الجميع بكلفة الخيار الذي يذهبوا إليه ما دام وفي الأمر متسع بدلاً من الصحوة المصحوبة بالندم المتأخر.

لم يكن العنف خياراً مناسباً ولن يكون لأي جهة,وحتى من ركنوا إلى غرور القوة بعد انتصارهم في معارك داخلية هي خاسرة بالأساس لم تدم لهم نشوة النصر ولم ينعموا بالهيمنة طويلاً,ذلك أن الضعيف المهزوم ينتفض ويعود ليثأر لنفسه ممن غلبه وهكذا تدور الدوائر وفق سنة الكون ومعادلة الحياة.

لنعد إلى ما اتفقنا عليه ولدينا خارطة طريق – بغض النظر عن مواقف البعض وتحفظاتهم نحوها – وهي مخرجات مؤتمر الحوار التي توافق عليها اليمنيون في حوار مثّل بارقة أمل ولابد أن تكون مخرجاته هي الطريق لإخراج اليمن مما هي عليه وهذا يتطلب الإسراع في تنفيذها على الأرض للمضي قدماً نحو
إنهاء المرحلة الانتقالية وصولاً لإجراء الاستحقاقات الديمقراطية من أجل بناء المؤسسات الدستورية المختلفة.

من صفحة الكاتب على "الفيس بوك"