الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٨ مساءً

"الفيدرالية" الحل الوسط لواقعنا المرير

جبر الضبياني
الثلاثاء ، ٢٧ مايو ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
الفيدرالية شكل من أشكال الدولة تتبناها عدة دول في العالم, وفحوى هذا الشكل من أشكال الدولة هو تقسيم الدولة تقسيماً ادارياً بما يضمن تماسك وتعاضد المجتمع، وتسعى بعض الدول الى هذا الشكل في حالة ما وجد في هذه الدولة من تقسيم عرقي أو اثني حتى يتم الحد من التناحر داخل المجتمع، والبعض الآخر يسعى لهذا الخيار في حالة ما وجد احتقان سياسي في إطار الدولة تجنباً لأي مشكلة قد تجتاح الدولة.
تقسيم الدولة إلى اقاليم لا يعني تقسيم الدولة الواحدة إلى عدة دول تنفصل عن بعضها، ولكنه تقسيم للثروة ومشاركة في القرار ودفعٌ للمنافسة، فهناك وزارات سيادية تمثل كل الأقاليم ومن ضمن هذه الوزارات وزارة الخارجية والتي تمثل اليمن خارجياً لتعميق العلاقات الدولية بين اليمن ودول العالم المختلفة وكذلك وزارة الدفاع التي مهمتها حماية البلاد من أي اجتياح خارجي و توحيد العملة في كل إقليم ويحق لكل عضو في أي إقليم التنقل إلى أي مكان في الأقاليم المختلفة دون أي شرط.

البيئة الاجتماعية والثقافية للمجتمع اليمني تنسجم مع الدولة البسيطة، ولكن ما حدث من أخطاء كارثية من قبل المتصدرين للمشهد في حكم اليمن سابقا، والذين أساءوا بشكل كبير للدولة البسيطة من خلال الاستئثار بالقرار السياسي، وإقصاء الآخرين من المشاركة في صنعه واتخاذه، واستغلال المنجز التاريخي "الوحدة" لمصلحة شخص دون غيره، مما جعل الكثير يستاءون من الشكل البسيط للدولة رغم أن ما حدث ليس بسبب الدولة البسيطة، ولكن بسبب الاستخدام السيء لها وعدم تطبيقها كما ينبغي أن تكون عليه .

خيار الدولة الاتحادية "الفيدرالية" أصبح من المُسَلم به، وخاصة بأن الغالبية من القوى السياسية والاجتماعية قد اختارتها في أروقة مؤتمر الحوار الوطني، ولكن إلى الآن لم تتجسد على أرض الواقع بعد، ولا زالت حبر على ورق حتى يتم الانتهاء من صياغة الدستور والذي جعله اعضاء مؤتمر الحوار من الأولويات فبعد إنجازه سيتم تطبيق الفيدرالية على أرض الواقع.

لكي تتجسد "الفيدرالية" واقعيا وتنجح بشكل باهر لابد من بناء الدولة أولاً فمتى ما بُنيت الدولة على اسسٍ ومعايير وطنية فلا يهمنا أي شكل من أشكال الدولة، فاليمن تُعاني منذو امدٍ بعيد من وجود دولة قوية تبسط سيطرتها على كل شبر في الأرض اليمنية وتحقق للمجتمع اليمني ما يصبوا اليه فإذا ما تحققت هذه الدولة فسيكون ذلك ضماناً لنجاح أي شكل من الأشكال وخاصة شكل "الفيدرالية" لأن هذا الشكل سيخلق تنافساً كبيراً بين كل الأقاليم فجوهر الفيدرالية الا مركزية واساس الا مركزية المشاركة في صنع القرار السياسي والمشاركة في صنع القرار سينتج قرارات تصب في مصلحة كل أقليم بشكل خاص والدولة اليمنية بشكل عام .

اتفاق القوى السياسية والاجتماعية في مؤتمر الحوار الوطني على "الفيدرالية" يؤكد على أن كل القوى أدركت بأنه من الصعب العودة للدولة البسيطة بعد أن أسيء استخدامها من قبل النظام الذي حكم بعد الوحدة إلى اليوم، ومن الصعب كذلك الاتجاه إلى خيار "الانفصال" الذي كان يتبناه البعض وبين هذا وذاك وصل الجميع إلى حل وسط لإنقاذ ما يمكن انقاذه بعد ارتفاع وتيرة المطالبة بالانفصال وفك الارتباط كردة فعل لما تم ارتكابه من أخطاء باسم الدولة البسيطة فكان الخيار الوسط" دولة اتحادية".

هناك من يبث السموم للشارع اليمني من خلال نشر أكاذيب وافتراءات غير صحيحة بقولهم أن الفيدرالية تعني تمزيقاً للنسيج الاجتماعي اليمني، وهذا محض افتراء، فالدولة الاتحادية "الفيدرالية" هي شكل من أشكال الدولة –كماذكرنا سابقا- والجديد فيها هو تقسيم الدولة تقسيماً اداريا حتى يسهل على تحقيق التنمية الشاملة لكل إقليم في الدولة، ويكبح جماح الاحتكار الذي كان حاصل في الدولة المركزية من خلال صنع القرار، فكل إقليم له قراره في اتخاذ أي خطوة تسهم في تقدم الإقليم الذي ينتمي اليه .

للفيدرالية مميزات عدة اذا ما وجدت الدولة القوية فكل اقليم سيسعى لحلحلة كل المشاكل المستفحلة في إقليمه، وسيحدث تنافساً قوياً بين كل اقليم في الجمهورية اليمنية الاتحادية مما يدفع بإخراج الطاقات، وتكاتف الجميع نحو تحقيق تطلعات وآمال كل الاقاليم المنضوية في الدولة اليمنية الاتحادية.