الرئيسية / كتابات وآراء / ريما الشامي : كفــــــــــاية صفقات يا قادة الفشل المشترك

ريما الشامي : كفــــــــــاية صفقات يا قادة الفشل المشترك

د. أحمد عبيد بن دغر
الأحد , 01 يناير 2023 الساعة 12:00 صباحا
يمن برس - ريما الشامي :


التدهور المتسارع الذي وصل إلى أقصى حدوده في مستوى الحياة المعيشية للشعب جعلت الناس
يفيقون من أحلام اليقظة والأماني الزائفة والوعود الكاذبة لبرنامج الفساد والنهب والعبث
الذي ظل يسوق لليمنيين لأشهر مضت ويعدهم بيمن جديد ومستقبل أفضل وبالقضاء على الفقر
والبطالة في غضون سنتين


، ليجد اليمني نفسه بعد كل هذه الوعود عاجزا عن تلبية المتطلبات الضرورية لبقائه على
قيد الحياة ، وصار أمله كله في توفير قيمة كيس قمح ليشبع جوع أسرته في ظل استفحال
البطالة والغلاء الفاحش في المواد الأساسية من دقيق وقمح وسكر التي تضاعفت ووصلت حدودا
غير معقولة بعد انتخابات الرئاسة وفوز الحزب الحاكم ورغما عن وعوده وبرامجه التي تجسدت
في حياة الناس مزيدا من الفقر والجوع و الارتفاع الجنوني في الأسعار.

في وسط هذا التردي والانهيار في حياة الناس المعيشية وجدت أحزاب اللقاء المشترك وقادتها
أنفسهم كمجرد مراقب لما يدور من بعيد وترك الشعب لوحده ليكتشف بنفسه حقيقة برنامج
الحاكم ووعوده التي يعيشها اليوم فقرا وجوعا ومزيدا من استفحال الفساد ، وحسنا فعل محمد
قحطان في خطوة ايجابية وان كانت متأخرة عندما وضع يده على الجرح مذكرا الحاكم بوعوده
وببرنامجه ( يمن جديد . . مستقبل أفضل ) الذي تحول الى جرعة وغلاء فاحش وفقر وأحكام
سيطرة و إجهاز مراكز قوى الفساد على ما تبقى من رمق حياة لشعب يعيش تحت خط الفقر والجوع
، وكانت بيضة الأستاذ محمد قحطان التي أثارت هستيريا الرئيس وهيجانه هي هموم الناس
ومعاناتهم التي أغفلتها أحزاب اللقاء المشترك ، وفي المحصلة فأن مطالبة قحطان للرئيس
بتنفيذ برنامجه وإعادة سعر البيضة إلى ما كانت عليه هي القشة التي قصمت ظهر بعير الفساد
لأنها عبرت عن دور المعارضة الحقيقي في تبني معاناة الناس ، و استطاعت كشف الأكاذيب
وزيف الوعود بالإضافة الى انها وضعت الحزب الحاكم والرئيس وبرنامجه في مواجهة حقيقية
لأول مرة مع هذا الشعب الذي يقتات الكذب والخداع والفساد دائما وسط لامبالاة المعارضة .

وقبل بيضة قحطان كانت حكومة ظل المشترك التي تحدث عنها مسئولين فيه لمراقبة فساد الحاكم
وعبثه ونهبه بمقدرات البلد والتي رأى الحاكم في مثل هكذا خطوات جدية وأساليب ديمقراطية
حقيقة ينتهجها المشترك خطرا حقيقيا داهما على استمرار الفساد وديمومة مصالحه في النهب
والعبث وخداع الناس وتخديرهم بالوعود لتمرير المزيد من الفساد ، وكان على المؤتمر
ابتداء التشنج والانفعال من بيضة قحطان وحكومة ظل المشترك وإعادة التهم الرئاسية
الروتينية للمعارضة بالخيانة والعمالة والائتلاف لأجل ( تدمير الوطن ).

ومن ثم فأن المؤتمر والرئيس وجدوا أنفسهم في مواجهة هذا الشعب بحقيقة وعودهم له بيمن
جديد ومستقبل أفضل- الذي تحول الى مادة للتندر والنكتة ودليل مادي على مأساة الأكاذيب-
وفي وضع لا يحتمل الهروب من مسؤوليتهم عن هذا الانهيار في حياة الناس المعيشية الا
بصناعة أزمة جديدة كما هي العادة وكان أمامهم أسلوبهم التقليدي الناجع الذي يحبط الشعب
وينقذ سلطة الفساد دائما من حسابه وطريق السلامة والنجاة والهروب إلى الأمام وضمان
التأسيس لفترة فساد قادمة بكل طمأنينة أنها الوصفة السحرية : الدعوة الى( الحوار ) مع
المعارضة .
نعم هذا هو بالضبط سيناريو الحياة السياسية اليمنية المكرر والمألوف والذي لم تستوعبه
المعارضة ولو مرة واحدة في حياتها والمشهد السياسي اليمني الراهن يقول ان الحاكم سيدخل
دورة حوار ولديه أهدافه وأجندته وسيكرر النتائج المألوفة دائما بكل بساطة مع معارضة
قدرها دائما التشريع للفساد وحمايته وإطالة أمده ودون استيعاب لأي دروس من تجارب هذه
المناورات ( والحوار) .

المؤتمر يهرب كالعادة دائما من فشله الى ( الحوار ) ولديه أجندته وأهدافه المعتادة
والتي منها التنصل من المسؤولية إزاء صعوبة موقفه الحالي في مواجهة هذا الشعب الذي
يحاكمه اليوم على أكاذيبه ووعوده الزائفة وكذلك للهرب من مواجهة الشعب باستحقاقات
برنامجه ( يمن جديد . . مستقبل أفضل ) الذي صار جزءا من اكبر وأفظع الأكاذيب التاريخية
في حكم اليمن والسيناريو روتيني جدا ابتداء من غضب وتشنج وتخوين رئاسي للمعارضة ثم دعوة
للحوار وكأن ما تعانيه اليمن اليوم هو مشكلة خلاف بين السلطة والمعارضة وليس فساد حكم
أوصل البلد إلى الانهيار الشامل في كل مناحي الحياة .

الشعب يعي جيدا بحكم تراكم الخبرات والتجربة لديه في مجال ( الحوار ) ماذا يعني الحوار
في قاموس سلطة الفساد والاستبداد وصانعة الأزمات ؟ و إلى ما يهدف إليه هذا الحوار ؟ وما
هي نتائجه والى أين سيصل ؟
لكن قادة المعارضة سيذهبون كالعادة إلى ( حوار ) مع الحاكم رغم أنهم لم يفيقوا بعد من
أخر حوار جرى قبيل انتخابات سبتمبر ولا ندري هل هم قاصرون سياسيا وسذج ولم يستوعبوا بعد
كل دروس ( الحوار ) الماضية ، أم أن حوار هذه المرة سيكون استثنائيا ونوعيا ومختلفا
بالمرة عن كل جملة ( الحوارات ) السابقة إذن فليخبروا هذا الشعب ما هي أجندتهم
وحساباتهم خاصة وان هذه الحوارات تأتي دائما على حساب الشعب وحقوقه أم يا ترى يرى قادة
المعارضة ان هناك تفويضا مطلقا لهم في المتاجرة بمعاناة الناس وقضاياهم .
الشعب يدرك من كل تجارب الخيبات والهزائم التي مني بها بسبب المساومة به على مائدة (
الحوار ) ، أن فلسفة ( الحوار ) بين السلطة والمعارضة هو جزءا أصيلا من آليات أدارة
الوطن بالأزمات تستخدمه بامتياز سلطة الفساد لإعادة إنتاج نفسها والدفاع عن مصالحها
وتمرير مشاريعها من خلال إضاعة المزيد من الوقت بمناورات لا جدوى منها ، ولا يترتب
عليها الا النجاح في التملص والإفلات من المسؤولية وباتجاه خلق أزمات جديدة تفضي الى
قناعة شعبية بأنه ليس هناك أفضل من استمرار الوضع الراهن ، وعلى هذه الراضية يتم تمرير
مشاريع الفساد خاصة و( حوار ) هذه المرة يأتي والعمل جار على تنفيذ مشروع التوريث
والعودة بالبلاد إلى الحكم الأسري الملكي .


قبل الانتخابات الأخيرة خاضت المعارضة تجربة حوار انتهت لأن تكون تأسيسا وسببا لتكريس
نهج الاستحواذ والإقصاء و الاستبداد و تهيئة ظروف توريث الحكم وكان ذلك الحوار سببا
مباشرا لاغتصاب الإرادة الشعبية في انتخابات سبتمبر التي زورت فيها إرادة الشعب وأماله
لصالح مشاريع الاستبداد والتوريث و كانت النتيجة إن ذبحت إرادة الناس على مقصلة نتائج
حوار شرع التزوير .
وحتى لا أكون متجنيا على الحوار وأهدافه السامية فإنني اذكر بموقف المعارضة الواضح في
الانتخابات الماضية والذي كان رافضا للمشاركة في انتخابات غير نزيهة ولا تتوفر لها أدنى
شروط التكافؤ والعدالة فكان الحوار هو الحل بين معارضة كانت إلى ما قبل ( الحوار )
تمتلك موقفا مبدئيا يمثل رأي الشعب وحقوقه ، وحكما لا يعرف إلا شرعية القوة والقهر في
اغتصاب السلطة ومقدرات الوطن ، وأفضى الحوار إلى ( اتفاقية مبادئ ) تم توقيعها برعاية
الرئيس شخصيا وحضوره ، ثم انقلب عليها المؤتمر وكأن شيئا لم يكن واعتبرها الرئيس نفسه
بأنها ( وثيقة عهد واتفاق جديدة ) تآمرية على الوطن ، وبرر قبوله بها فقط لأجل إقناع
المعارضة بدخول انتخابات محسومة سلفا وليس عن اقتناع ، وفي المحصلة لم يكن أمام اللقاء
المشترك الا قبول الأمر الواقع الذي تأسس على ( الحوار ) ، أو بنظر المعارضة على القوة
المحتشدة في وجه الشعب والتي يأتي من ضمن مكونات هذه القوة هو نتائج ذلك الحوار الذي
أفضى لتحديد موقف المعارضة ونسبتها في الانتخابات كما أراد الرئيس..

واليوم المعارضة وقيادييها المدعوين ( للحوار ) يبدون وكأنهم نازلون من كوكب أخر وليس
لهم أدنى علاقة بتاريخ تجارب الحوار التي ظلوا يذبحون بها حقوق الشعب قرابين على مائدة
الفساد ، فإلى أي حوار هم ذاهبون وعلى ماذا سيحاورون ؟
وماذا بأيديهم ليحاوروا عليه أصلا إلا مزيدا من التهميش والإقصاء الذي سينالونه والتي
ستكون أبعد إقصاء مما حدث في انتخابات سبتمبر وفي المحصلة المزيد من الاستحواذ
والاستبداد والتهيئة لتوريث الحكم تحت يافطة ( الحوار ) مع معارضة واق الواق .
والى أين سينتهي هذا الحوار ؟

هل سيفاوض قياديو المشترك على حياة الناس وعلى أخر رمق من أمل فيهم يضعونه في معارضة
يرون أنها لن تكرر أخطائها الفادحة السابقة في حق هذا الشعب ؟


هل سيفضى هذا الحوار المقبل إلى صفقات انتهازية او إلى اتفاقية مبادئ جديدة لا حول لها
ولا قوة و من ثم سيطلق الرئيس عليها رصاصة الرحمة ؟
إذن فلتترك هذه المعارضة وقياديوها الشعب ليواجه سلطة الفساد والاستبداد بدلا من
مناورات وحوارات و مساومات وإضاعة الوقت ، ليفاوض قياديو المشترك الرئيس على أنفسهم
وبعيدا عن ادعاء تمثيل الشعب ،
وليفاوضوه إن شاءوا على اعتزالهم الحياة السياسية دون المساس بحقوق الناس وليتركوا طرفي
المعادلة وجها لوجه الشعب في مواجهة الفساد .
إن هذا الشعب على مستوى مواجهة هذا الفساد الذي يسميه الفقر والجوع ويجرده من إنسانيته
وكرامته، وهو ليس بحاجة إلى حوارات وصفقات ترفع أسهم سلطة الفساد لتنفذ مشاريعها في
الشعب بواسطة قادة الفشل المشترك .