الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٠ صباحاً

جنون الحب و حب الجنون ( 11 )

عباس القاضي
الجمعة ، ٢٧ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٢٠ مساءً
ماما ! لو سمحت كأسا من الشاي من يدك الحلوة ،،، أشربه في حضرة العرسان ،،، قالها صلاح ،،، وهو يهم بالجلوس بالقرب من أماني ،،، قالت الأم ،،، و هي تنهض قياما : أدري ، يا صلاح أن ثمة سر معك تريد الإفصاح به في غيابي ، قالتها ،،، و هي تبتسم دليل ارتياح لا انزعاج ،،، فضحكوا جميعا على هذه الملاحظة ،،، و حسها المرهف .

أرجوك يا صلاح بلاش هذه النظرات ،،، قالتها أماني بنبرة صوت يميل إلى الطفولية ،،، قال لها صلاح : بلاش يا بنت ! أزيلي " قشرة " الخجل ،،، فأنت و أحمد بالنسبة لي جسد واحد ،،، قالت له : هيا يا أحمد ،،، أمي ستعود بالشاي ، و أنت لم تخبرنا ،،، قال لها : هذه هواجس أمي ،،، بأن لدي خبر سر لكما ،،، نحن يا أختاه ، كما تعلمين أننا في هذه البيت ، لا نخفي سرا على أحد ،،، تجتمع الأسرة كلها لرأي ، فنتناوله كلنا ، كما نحتسي كاسة شاي ،،، قالها و هو يتناول كاس الشاي من أمه ،،، قالت الأم : أيوه ، ايوه ،،، غالطوني ،،، رجعتها كاسة شاي يا صلاح ،،،و ضحكوا جميعا على الصدفة الجميلة هذه ،، اجلسي يا أماه جنبي ،،، جلست بجانبه فأصبحوا أثنين ،،، مقابل ، أثنين .

قال صلاح موجها حديثة لأماني و أحمد : أنا مقدر وضعكما فبيتنا مملوءة بالبنات و البنين و لن تستطيعا أن تأخذا راحتكما ،،، و تقديرا لهذا الموقف تصرفت من تلقاء نفسي ، وحجزت لكما جناحا صغيرا في فندق الأحلام ،،، هذا الذي يقع في ناصية الشارع ،،، على بعد خطوات من هنا ،،، تقضيان فيه الأسابيع الأولى من العرس ،،، الجناح عبارة عن غرفة نوم و صالة معيشة بالإضافة إلى مطبخ و حمام ،،، والتفت إلى أحمد قائلا : دين عليك لا تهتم ،،، يشد به أزره و يرفع من معنوياته ،،، هز أحمد رأسه متجاوبا مع عرض صلاح ،،، و ما كان أحمد ليهز رأسه لولا ثقته بمصادر الوفاء ،،، فمكالمة واحدة لأبيه كافية ليسد دينه و تفيض ،،، فأبوه شاكر لا يرد له طلب سوى رؤيته التي حرم منها لعشر سنوات .

قال أحمد سأتصل بأبي اليوم ،،، و كل شيء سيكون على ما يرام ،،، رد عليه صلاح : بلاش تكلم البابا ،،، خذ راحتك و أيامك ،،، بعدها واجههم بالأمر الواقع ،،، قال أحمد : هذا صحيح مع الماما كما قلت ،،، فأنا لا أحبذ التواصل معها حتى لا أنغص عليها حياتها ،،، فهي إذا وجدتني أنني عدت إلى أماني سوف يجن جنونها ،،، و أنا لا أريد ذلك ،،، سوف أدعها لأيام ،،، ثم أعود ،،، و قد أصبح الشوق إلى لقائي أقوى من قضية زواجي بأماني ،،، إما البابا فهو خارج نطاق التغطية ، لا يدري عن حياتنا شيئا ،،، فمهمته تنحصر بإغداق المال علينا ،،، نطلبه شيئا فيضيف إليه صفرا ,

قال له صلاح : كلامك في محله ،،، أمك لا تخبرها و أبوك لا داعي للاستعجال فكل شيء مرتب لتعيشا حياة خمسة نجوم ،،، و أضاف : سنكون سعداء بكم إذا أحببتم أن تتناولوا الأكل هنا في بيتنا التي هي بيتكم ،،، و إذا أردتما من المطعم ،،، باتصال سيكون الأكل عند الباب في موعده ،،، و إذا أحببت يا أماني أن تطبخي ،،، قد اشتقت لأيام الخدمة العسكرية عند الماما ،،، ستجدين في المطبخ ما تريدين ،،، فضحكوا جميعا حتى دمعت أعينهم ،،، إلا أماني فقد زادت عليهم بنبضات قلبها ،،، تتخيل السكن في الفندق ، و هي تتقاذف بالمخدات مع أحمد ،،، اللعبة المفضلة لديها .

- يتبع -