الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٧ مساءً

جنون الحب وحب الجنون ( ا )

عباس القاضي
الثلاثاء ، ١٠ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٣٠ صباحاً
رغم أن اسمه أحمد ، إلا أنها درجت على تسميته بـ حمودي ،،، و كلما كبر أحمد زادت أمه شغفا به و تدليلا وهي تناديه : حموديييي حتى تجاوزت هذه النغمة الأسرة إلى الجيران بل إلى الحي كله ، بلغ ذروته عندما سمعت جارتها سلوى تنادي : يا أحمد ،،، أخرجت جميلة رأسها من النافذة حاسرة الرأس ،،، غاضبة ، لما ذا لا تناديه حمودي ، ردت عليها سلوى :و لماذا أناديه حمودي ؟ ،،، حمودك أنت وحدك ، مما زاد غضب جميلة فقالت لها : هذا حمودي أنا و حمودي الحي بل حمودي العالم كله ،،، وأغلقت النافذة بقوة حنقا وغضبا .

تمر الأيام وأحمد يكبر، و يكبر، وأمه تزداد تعلقا به ، حفظت الكتب الدراسية حتى تذاكر له ، واستهلكت عشرات الأقلام وهي تكتب الواجب بدلا عنه ، حتى أتقنت في اللغة الإنجليزية الحوار ،،، و في اللغة العربية النحو و قوانين نيوتن في الفيزياء و أنسجة الشجر و البشر في الأحياء ،،، و توسعت في جميع العلوم والمعارف لتجيب على الأسئلة المتوقعة الذي يمكن أن يسأل عنها أحمد أو كما تسميه حمودي ،،، و كان إذا قرأ الصفحة تنتظر حتى يكملها لتفتح له الصفحة التي تليها .

هاهو احمد ينهي الثانوية العامة ، و علامات الرجولة تغزو جسده و ما زالت جميلة تراه طفلا ، تقرأ له الحكايات قبل أن ينام ، ثم تغطيه باللحاف ، وتغادر الغرفة و هي تنظر إلى الخلف لتلقي عليه النظرة الأخيرة قبل أن تنام .

وعندما بدأ التفكير بزواجه كان الاختيار عليها ،،، " أماني بنت خالتك هي من تستحقك حمودي "،،، قالت له : و هي تحرث بأناملها شعر رأسه ،،، رد عليها بالإيجاب ،،، و تم الزواج بحفل غريب حاولت تزيين احمد أكثر من عروسه .

كانت جميلة تهتم بعروسة ابنها و تدللها بشكل مبالغ فيه ، في الأيام الأولى ،،، حني فاقت على وضع لم تكن تتصوره ،،، أن تأخذه أماني منها ،،، عندها بدأت تغير معاملتها مع أماني ، و ترصد حركاتها وهمساتها ، إلى بدأت تأمرها أن لا تضحك فالجيران يسمعونها بحسب قولها ، و لا تجلس ملاصقة له ، فالأطفال يدخلون و يخرجون ،،، حتى وصلت إلى منعهم من التحدث معا أمامها ، وتطور التعسف إلى أن تحدد ساعات الخلو بها ،،، و أخيرا كل ينام بغرفة وسط إذعان حمودي لأمه والمحاولات الفاشلة من أماني لثني خالتها عن قراراتها العجيبة و الغريبة .

هاهي عادت الأم تحكي الحكايات قبل النوم لحمودي كما كانت قبل الزواج و تغطيه باللحاف قبل أن يغط بنوم عميق و تنظر إلى خلفها و هي تغادر غرفته قبل أن تنام .

لم تستطع أماني أن تفعل شيئا مع عناد وأنانية خالتها ،،، و لم يحاول أحمد حتى مجرد المحاولة أن يطلب من أمه التراجع عن أي قرار وفي أي مرحلة ،،، فهو مازال يرى نفسه ذلك الطفل المدلل الذي يسمع كلام الماما إلى أن وقع الفأس في الرأس .