الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٥ مساءً

هدى وعرفات وقائع ودلالات

عبدالعزيز الصلاحي
الثلاثاء ، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
لم يكون يدور في خلد ذلك الشاب الذي اجبرته الظروف لترك بلده والرحيل الى بلد الاغتراب لطلب الرزق والعمل في مجال بيع وصيانة الجوالات . انه سيدخل في قصه يسمع بها كلا البلدين او ربما العالم ظاهرها العشق والغرام وباطنها السجن والمحاكمه , ولم يكن يدور في خلد تلك الفتاة المسكينه التي كانت تتردد على محل بائع الجوالات وتعرفت عليه ان ضعفها وعاطفتها سيجبرها للخروج على المألوف والمتعارف عليه في البلدين الجارين والذي يطغى عليهما العادات والتقاليد الاجتماعية المحافظة فلا رجل يتزوج بدون اذن ورضى أهله ولا البنت تتزوج من تريد ومن تطمح اليه , هناك الكثير من الاحداث والقصص المشابهة في كلا البلدين لكنها لم تطفو على السطح , وإنما يتم وأدها والتغطية عليها خوفا من العار إما بقتل الجناة أو بتشريدهم وبعدهم عن انظار المجتمع , او أن ينتهي بهم الحال الى السجن المؤبد وحرمانهم من الحياه , او يعيشون حياةً مليئة بالغصص والفشل الأسري التام كذلك أيضا لم يكن يدور في خلد والد هدى واهلها الذين كانوا يريدون تزويجها من شخص قريب لهم لكنها ترفضه انه سينتهي بها الحال الى قطع الفيافي والقفار واجتياز الحدود المصطنعة بين البلدين من اجل الانتصار لإرادتها , وهروبا من جبروت الاهل الذين كانوا يريدون اجبارها على شيء لا تريده ولا تطيقه , فياترى هل كان اهل هدى على حق عندما كانوا يريدون اجبارها بالزواج من الشخص الذي لا تريد ؟ وهل كانوا على حق حينما رفضوا طلب ذلك الشاب اليمني بالزواج منها بسبب العادات المجتمعية السعودية التي ترفض زواج السعودية بالأجنبي ؟ وياترى هل الشابين لم يكن لهم مجال غير الهروب وكسر ارادة الاهل والمجتمع والقانون السعودي ودخول الفتاة الي الارض اليمنية بطريقه غير قانونية ؟ وهل كان يجب ان يكون مصيرهم في اليمن هو السجن والمحاكمة ؟ ام انه كان يجب تزوجهم على الفور ؟ أم انه كان يجب ان يتم ارجاعها على الفور الى اهلها وليفعلوا بها ما يريدون ؟ هذه التساؤلات وغيرها مطروحه من الجميع ويتم الاجابة عليها من الجميع وكلا له رأي في الموضوع فهناك الكثير من يرى انهم على حق ويجب الانتصار لقضيتهم , وهناك من يرى أن الشاب اليمني الذي دخل المملكة لطلب الرزق قام بخداع الفتاة والضحك عليها حتى تعلقت به وفعلت مافعلت , وهناك من يرى ان الفتاه هي من تصرفت ذلك التصرف بمحض ارادتها وانها هي التي كانت تأتي اليه ولم يذهب اليها وانها هي التي دفعته الى الوقوع في الأمر الواقع ومواجهة التحدي , وهناك من يقول انه يعود الى الاهل بسبب سوء التربية , وهناك من يقول انهم في سن المراهقة ويجب التصدي لهم ومعاقبتهم على فعلتهم واعادة الفتاة الى اهلها ليقرروا مصيرها ومعاقبة الشاب بادانة وجريمة الاختطاف , بينما تدخلت المنظمات الحقوقية وقالت يجب اعطاءها حق اللجوء الانساني وعدم اعادتها الى البلد الذي فرت منه باعتبار ان ذلك حق اصيل من حقوق الانسان وانه لايجوز الاكراه باي وجه من الوجوه ولا يجوز اعادتها الى مصير مجهول قد يعرض حياتها ومصيرها للخطر , كثرة الاجابات وكثرة الحكايات , واذا كان لابد ان يكون لي رأي في الموضوع , فأرى ان هذه الحادثه وغيرها ماهي الا نتيجه حتميه لبعض العادات و الممارسات المجتمعية الخاطئة سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات او الحكومات , اما على مستوى الأفراد فيكمن ذلك الى ضعف الوازع الإيماني وعدم وجود الحد الأدنى من الثقافة الدينية ولو كان يعلم ان الله سبحانه يقول ( ياأيها الذين لاتتبعوا خطوات الشيطان ) ويعلم ان الله سبحانه يقول قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ) وكذلك الأمر بالنسبة للفتاة لو انها علمت والتزمت بتعاليم الدين لما عرفت شئ عن عرفات ولما تعلق قلبها وطارت ورائه وحصل ماحصل من متاعب لها ولأهلها , اما من الناحية المجتمعيه فبكل تأكيد ان هناك عادات واعراف سيئة تدفع الى مثل هذه الظواهر الغريبه والعنيفه ومن ذلك غلاء المهور ووضع الطبقات الاجتماعية القبلية بالاعتبار في حالة التقدم للزواج ,ولو ان الجميع تقيد بتعاليم النبي عليه الصلاة والسلام ( اذا اتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير ) وقوله عليه الصلاة والسلام ( اكثرهن بركه اقلهن مؤونه ) , لماحصل تلك المآسي والمنكرات , وممازاد الدين بله وضع الحدود المصطنعة بين الدول ووجود القوانين الوضعية التي تقيد وتعقد عملية الزواج وخاصة المغتربين والمهاجرين في دول اخرى وخاصة في منطقتنا العربية والخليجية بالتحديد , عرفات وهدى يتحملون جزء من المسؤولية , الاهل والمجتمع يتحمل جزء من المسؤولية , الحكومات والدول والمسؤولين واصحاب القرار يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية , لم اقصد هدى وعرفات بعينهم وإنما هناك الآلاف هدى وعرفات , وهناك الاف الآهات , والله اعلم .