الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٧ مساءً

الشباب العربي .. أستغلال سياسي وتحدي إعلامي !!!

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
يمن برس - سامي القادري

لعله ليس بجديد القول أن ( الشباب ) هم ( الوطن ) ..
فبهم تدار عجلة تنميته ، ومن صفوفهم تقاد تحولاته ، وعليهم تعقد الآمال وترسم التطلعات .

فالشباب كما هو متعارف عليه ( أداة التنمية ) كما أنهم ( وسيلتها ) لتحقيق التطلعات المنشودة .. أضف إلى ذلك أنهم (غايتها) .

وشبابنا العربي ( جزء لا يتجزأ ) من هذه المعادلة التاريخية ..
بل أن أدوارهم المنتظرة تبدو أشد تأثيراً وأكثر خطورة ..
قياساً إلى التحديات التي تجابهها أمتينا العربية والإسلامية .

فـ ( منطقتنا العربية ) تمر بظروف بالغة التعقيد ، والمشهد السياسي فيها يبدو قاتماً ضبابياً أينما ذهبت ..
وأنت تتأمل في جسد هذه الأمة المثقل بالجروح من المحيط وحتى الخليج .

فلسطين الجريح تمزقه آلة الاحتلال الصهيوني ..
والتقسيم يقطع أوصاله المتناثرة وسياسات الافتقار والتجويع بحق كل ما هو فلسطيني ، والمشهد هناك لا يخفى على احد .

بلاد الرافدين ( عاصمة الرشيد ) لا تبدو أفضل حالاً .. الاقتتال الطائفي يهدد كينونة الدولة العراقية بكل مقوماتها ، وشبح التقسيم أضحى حقيقة لا مفر منها ليس عراقياً فحسب وإنما عربياً .

ولبنان الشقيق تعيش رهن احتقان سياسي – طائفي – وعصابات الإجرام المنظم تغتال رموزه لتوسع الشرخ المذهبي وتعمق الجراح والفرقة بين أبنائه .

أما دمشق العروبة والحضارة .. بات نظامها السياسي على رأس قائمة المطلوبين لدى إمبراطورية الشر الأمريكية.. والمؤامرات باتت تحاك ضد ( سوريا الأسد ) جهاراً نهاراً .

ما سبق هو عرض مبدئي لواقع نعيشه جميعاً .. وعلينا التعامل على أساسه والبناء عليه إذا ما أردنا مواجهته وحفز طاقات ( شبابنا ) للتصدي له ومواجهته وتجاوز عثراته .

وهذا الموضوع هو أحد الجهود المتواضعة ..
والذي أتمنى أن يكون له شرف السبق في تحريك المياه الراكدة والإشارة إلى هذه القضية لوضع حول طارئة كفيله بالحد من مخاطره ...

ونظراً للتداخل الكبير ( بين الإعلام ، والسياسة ) فسأستعرض هنا ، ( التحديين الإعلامي والسياسي ) وهما كما هو متعارف عليه ( وجهان لعمله واحدة ) .. فـ ( الإعلام ) أداة السياسة ..
كما أن ( السياسة ) هي مادة الإعلام الخصبة وغايتها ..
والعلاقة بينهما وثيقة خاصة في وقتنا الراهن .

أولاً التحدي السياسي :
ويلعب الجانب السياسي العامل الحاسم ، كما انه يمثل التحدي الأكبر الذي تواجهه دولنا العربية ( فرادى ، جماعات ) وسأكتفي بالعرض السابق حتى لا أثخن الجروح وخلاصته أن وطننا العربي يعاني مخططات ( التقسيم والتفتيت والاقتتال الداخلي ) وكلها مفردات للفوضى الخلاقة التي انتهجها المحافظون الجدد كإستراتيجية جوهرية لإدارة مصالحهم في الشرق الأوسط الكبير .

وسنركز هنا على التحديات الرئيسية التي يواجهها شبابنا العربي فيما يتعلق بالشق السياسي ولعل أهمها :

1. سياسات الهيمنة الأمريكية : لم يعد الحديث عن المطامع الغربية في المنطقة حديثاً نظرياً يكتنفه التشويش والغموض ، فالسياسات الأمريكية في المنطقة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك الأهداف الاستعمارية ومخططات الهيمنة على المنطقة بكل مقدراتها .
وما زاد الأمر خطورة أن هذه السياسات تجاوزت الإجراءات السياسية والنوايا المبنية لتدخل مرحلة ( الفعل السياسي ) وفرض الإدارة بالقوة العسكرية ، ولعل إسقاط النظام العراقي إحدى أهم الدلائل على ذلك .

2.التحدي الديمقراطي : لا بد من الإشارة ابتداءً أن الديمقراطية هي حاجة إنسانية ملحة قبل أن تكون مطلب ( وطني ) وضرورة حضارية .. فالحقائق الماثلة أمامنا تشير بوضوح إلى أن أشكال الأنظمة التقليدية بدأت تتهاوى تباعاً ، قد يكون الإصلاح السياسي ومشاريع الديمقراطية مطلب خارجي لإدارة إستراتيجية الفوضى عبر الدمى السياسية في المنطقة .
إلا أن ذلك لا يعني أبداً أن نقف ضد التوجهات الديمقراطية والإصلاح والحكم الرشيد ، بل إن الظروف الماثلة أمامنا تدفعنا للاندفاع أكثر نحو هذه المثل والقيم السامية وتكييفها بما يتلاءم مع قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا.

3.تحدي الإرهاب : تبدو المنطقة العربية اليوم بين فكي رحى .. فالمخاطر السياسية التي تتعرض لها المنطقة لم تعد تقتصر على المؤثر الخارجي فقط وكأن قدر أمتنا العربية أن تعاني إرهاصات الإرهاب الدولي ممثلاً بانعدام العدالة الدولية واختلال موازين القوى دولياً ، وغلو وتطرف جزء من حركاتها الإسلامية والتي تبنت خيار العنف .

وحريُ بنا هنا أن نواكب هذا الزخم الدولي في محاربة الإرهاب وتوحيد الجهود من أجل القضاء عليه وتجفيف منابعه وملاحقة فلوله ألتي أصابت الإنسان والاقتصاد العربي قبل العالمي بخسائر فادحة منطلقين في ذلك من قناعتنا الدينية والوطنية والوجدانية بان المقاومة حق مشروع كفلتة كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية مفرقين بين الإرهاب من جهة والمقاومة الوطنية من جهة أخرى .
وللأسف يجب القول :

أن الإرهاب في الشرق الأوسط حقيقة لا مفر من الاعتراف بوجودها ، وان هذه الظاهرة كانت هي المدخل الأبرز لقوى الاستكبار الدولي لفرض مخططاتها لإعادة تشكيل المنطقة حسب أهوائها وأجندتها ، وبما يتناسب مع مصالحها .

مستغلة من ( أحداث 11/ سبتمبر ) ذريعة مباشرة لاحتلال أفغانستان ، وإسقاط النظام العراقي واستنفار قواعدها في العالم ، وتحريك أساطيلها ، وفرض مفاهيمها .


ثانياً : التحدي الإعلامي :

إنطلاقاً مما ذكرته سابقاً من أن الإعلام هي أداة السياسة وامتداد طبيعي لها بل أضحت أهم وسائلها .. فحري بنا هنا أن نستعرض معاً وسوياً أهم تلك المخاطر والتحديات التي تجابه الشباب العربي وهو محاط بهذا الكم الهائل من أجهزة الميديا والصحون اللاقطة .
1- الفضائيات : ولعل أبرز المخاطر والتحديات التي يواجهها شبابنا العربي تكمن في فوضى الفضائيات والإنحدار الأخلاقي المريع الذي أصاب قنواتنا التلفزيونية والتي غزيت بين عشية وضحاها بعشرات القنوات الفضائية الهابطة ومحطات الشعوذة والبرامج المبتذلة كتكريس للانحطاط الثقافي وتعميق الهزيمة القيمية وتمييع الهوية الوطنية .

2- الانترنت : فالتقدم الثقافي الذي أحدثته الطفرة المعلوماتية والنمو المتسارع لبنية الاتصال في العالم قد حول العالم إلى قرية كونية صغيرة .
فحلت أنظمة الاتصال المتكاملة بما تحمله من معلومات رقمية محل الوسائل البدائية والتقليدية وأضحى الانترنت ووسائل الاتصال التقني أداة العصر وسمته البارزة .
إلا أن إيجابيات هذا المنجز الحضاري الهائل طغت عليه بعض الشوائب التي شوهت صورته البيضاء الناصعة فاستغل مروجو الانحطاط الثقافي والإنساني هذا الفضاء ألمعلوماتي والمعرفي لنشر المواقع الإباحية والشذوذ الأخلاقي .. كما استغل أصحاب العقول المظلمة ذات ( الأداة ) للتجنيد والاستقطاب الجماعي للمنظمات الإرهابية عبر المنتديات والمواقع الإلكترونية ، وفي المحصلة فإن الشباب هم المرتع الخصب لكلا الطرفين .. كما أن الشبكة العنكبوتية هي الأداة الأكثر جدوى وأكثر أمناً وأقل تكلفة .

3- الإعلام الموجه : ولم يقف الأمر عند ذلك بل تعداه لتجنيد قنوات إذاعية متخصصة وصحافة وقنوات إخبارية ومواقع إلكترونية ومنتديات سياسية لتكريس مشروع الهيمنة على المنطقة واغتيال هويتها .
أضف إلى ذلك الحرب النفسية التي تدار بواسطة إعلامية لإمعان الإذلال للمواطن العربي ، ولعل لقطات إعدام الرئيس العربي السابق صدام حسين وغيرها من المشاهد الموجهة تصب في نفس الاتجاه .

وأمام هذه الصورة التي سبق ذكرها فإنه من الأهمية بمكان وضع المعالجات الطارئة تجاه تحصين الشباب ورفع مستوى جاهزيتهم للوقوف أمام التحديات الجسيمة التي يواجهونها ومن أهمها :
1-تعزيز الهوية الوطنية لدى الشباب وبث روح الانتماء للوطن وتعزيز الولاء لترابه .. فالشباب عماد الوطن ... والوطن دون ادنى شك الحصن الدافئ لهم .

2-الدور الهام والمحوري الذي تتحمله وزارة ( الإعلام – الثقافة – الشباب) من خلال توعية الشباب بالمخاطر والتحديات التي تحيط بهم عبر الآليات والبرامج والإستراتيجيات المختلفة .
3
-إقامة الندوات وعقد المؤتمرات وإجراء الدراسات التي تعالج قضايا الشباب وتناقش همومهم وتلبي تطلعاتهم واحتياجاتهم وأخص هنا ( البطالة ) والتي هي من أهم مشاكل الشباب .

4-ينبغي عدم إغفال الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه وسائل الميديا في توعية الشباب تجاه قضاياهم وتفادي سلبية ثورة الاتصالات الرقمية والصحون اللاقطة وحشد كل الطاقات في سبيل الدفع بهم في الاتجاه الصحيح كعنصر حافز لعملية التنمية في بلداننا العربية .

5-العمل بشكل جدي على إعادة النظر في المناهج الدراسية وبما يتناسب والظروف والمعطيات التي يمر بها شباب العرب ومنطقتهم العربية .