الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٤ مساءً

دور قبيلة حاشد في دعم الثورة والجمهورية ومقارعة النظام الإمامي

محمد مصطفى العمراني
الخميس ، ١٩ سبتمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
قبيلة حاشد التي تتكالب عليها مؤامرات الحوثيين وعصابة عفاش وبعض الأطراف التي ترى أن من مصلحتها ضرب قوة هذه القبيلة صاحبة الدور التاريخي المشهود في دعم ثورة 26 سبتمبر وترسيخ الجمهورية ودحر الملكية وكذلك دعم ثورة الشباب السلمية التي أطاحت بعائلة صالح ولعل هذا ما يفسر تكالب الحوثيين وحقدهم على حاشد وسعيهم للحرب ضدها ومحاولة شقها والإيقاع بين قبائلها وغيرها من الدسائس التي ستفشل بإذن الله .

هذه صفحة من التاريخ اليمني الناصع لهذه القبيلة لم أكتبها بل نقلتها من مصدرها كما نقلتها صحيفة الجمهورية الأحد 30 ديسمبر-كانون الأول 2007م وذلك لتذكير الأجيال بالدور التاريخي للقبائل اليمنية وخصوصا هذه القبيلة في دعم الثورة والجمهورية وليعرف البعض خلفيات الحرب ضد حاشد الآن وأهمية هذه القبيلة لليمن الجمهوري ودورها في مقارعة النظام الإمامي البائد والذي يحاول العودة من جديد والانتقام من هذه القبيلة .

وللأسف بدلا من تلك الحملات الإعلامية التي تهاجم القبيلة اليمنية وتتهمها بالتخلف والهمجية وتلصق بها كل الشرور والتي أدركنا مؤخرا أهدافها " الحوثية " تستحق القبيلة اليمنية وفي مقدمتها حاشد المشاريع التنموية والخدمية والتوعية والتثقيف لأبنائها وتستحق الإنصاف والاعتراف بأدوارها التاريخية والنضالية وأبناء حاشد ليسو آل الشيخ الأحمر فقط بل كل أبناء حاشد.

• دور حاشد في دعم الثورة والجمهورية
ما إن انطلقت ثورة 26 سبتمبر عام 1962م حتى طلبت قيادة الثورة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر الذي قدم من سجنه في المحابشة فكان تحرير الشيخ الأحمر من السجن من أوائل القرارات التي اتخذها النظام الجمهوري الجديد ، فقد كان من المتوقع أن تواجه الثورة مقاومة ضارية من أعدائها كما حدث في ثورة 1948م الدستورية ، وكان من الضروري أن تحشد الثورة كل طاقاتها للدفاع عن وجودها .. ولذلك كان قرار الثورة سريعاً بإطلاق سراح الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر واستدعائه للوصول إلى صنعاء نابعاً من اليقين بأن هناك دوراً تاريخياً ينتظر (الشيخ) في الدفاع عن الثورة.

• حاشد تستقبل الشيخ الأحمر
بعد يوم واحد من وصوله إلى صنعاء ، انطلق الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر يقود حملة عسكرية مكونة من عدد من ضباط وجنود الثورة بعد أن زودهم الرئيس عبد الله السلال بكميات من الأسلحة، وانطلق الجميع إلى مدينة (خمر) التي ستتحول خلال عهد الدفاع عن الثورة إلى قلعة متقدمة في مواجهة العداء الإمامي والكيد الملكي لإسقاط الجمهورية والثورة ومع وصول (الشيخ ) خرجت ( حاشد ) من كل حدب وصوب تستقبل ابنها الخارج من سجن الإمامة ، وكانت فرحة اللقاء لا توصف بعد سنوات تعرض فيها زعماء ( حاشد ) للقتل والسجن والإبعاد عن مواطنهم …

• حاشد جيش الثورة ضد بقايا النظام الإمامي
وانخرطت ( حاشد ) من يومها في جيش الثورة ، وتوجهت المجاميع بقيادة ( الشيخ ) للقضاء عـلى مقاومة المنطقة الوحيدة في ( حاشد ) التـي قـاومت الثورة وهي منطقة (القفلة) ، وفي خلال ساعات تم القضاء على المقاومة وطرد المتمردين خارج المنطقة ثم انطلقت الجموع لمطاردة الإمام المخلوع (البدر) إلى (شرس) و(وشحة) وفي الوقت نفسه كانت جموع أخرى بقيادة ( مجاهد أبو شوارب ) تقوم بمطاردة الإمام المخلوع ، وكان الهدف منعه من الهروب وإلقاء القبض عليه أو قتله .. لكــن ( البدر) تمكن من الهروب وتجميع القبائل للقتال معه ولاسيما بعد أن حصل على دعم مالي وعسكري من المملكة العربية السعودية ، وبدأت المعارك بين الجمهوريين وبين الملكيين ، وكل طرف كان يسعى لإثبات وجوده في منطقته وطرد الطرف الآخر، ففي الجبهة الغربية دارت معارك كثيرة في ( حجة ) و( المحابشة ) و(كشر) و (وشحة) وفي الجبهة الشمالية ( صعدة ) دارت أيضاً معارك عديدة ، وتمكن الملكيون من السيطرة على المناطق التي لم يكن فيها قوات أو أنصار للجمهورية ، واشتعلت الحروب في المناطق التي كان فيها أنصار للجمهورية.

اتخذ الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر منطقة ( القفلة ) مركزاً لقيادته العسكرية باعتبارها منطقة متوسطة يمكن التحرك منها بسهولة في شتى الاتجاهات ، وفي بعض الأحيان كانت هجمات الملكيين تصل إلى منطقة (القفلة) نفسها وخاصة بعد وصول إمدادات الأسلحة والمؤن إليهم كما أنهم كانوا يقاتلون عن اقتناع عقيدي بالإمامة وبالإمام، بالإضافة إلى استيائهم مما كان يصل إليهم من أخبار عن بعض التصرفات الخاطئة في صنعاء وأخبار الإعدامات التي حدثت في الأيام الأولى للثورة وطالت بعض رموز النظام الأمامي .

• من أهم معارك حاشد ضد الإمامة
كانت أهم المعارك التي خاضها الجمهوريون في العام الأول للثورة بقيادة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر هي معارك الدفاع عن ( حجة ) و ( صعدة ) التي كانت تخوضها قوات قبلية لأن الجنود الرسميين إما كانوا قليلي العدد أو أنهم كانوا يعملون على الأسلحة الثقيلة .. وتواصلت المعارك في أكثر من منطقة بين هجوم على القوات الملكية أو دفاع عن المناطق الجمهورية التي كانت تتعرض للهجوم أو الحصار أو السقوط في أيدي الملكيين.

وفي سنة 1964م شاركت قوات قبلية من حاشد في فك الحصار عن صنعاء من جهة بلاد الروس وبني مطر ، ودخل جيش كبير من حاشد صنعاء وفي مقدمته الأستاذ محمد محمود الزبيري والشيخ عبد الله بن حسين الأحمر .

وبعد أسبوع بدأت حملة جديدة لفتح طريق صنعاء - سنحان ، وتوزعت الحملة على عدة اتجاهات وهدفها ( بلاد الروس ) و( سنحان ) و(سيان) والمناطق الشرقية من صنعاء حيث كان يتواجد الأمير (عبد الله بن الحسين) أحد أبرز قادة القوات الملكية، وانتهت الحملة بهزيمة الملكيين وفتح المناطق الشرقية والطريق حتى ( نقيل يسلح) ، وكان من أبرز المشاركين في الحملة العميد مجاهد أبو شوارب.

وبعد الانتهاء من المعارك في المناطق الشرقية لصنعاء استدعى المشير عبدالله السلال الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وطلب منه التوجه إلى ( حجة ) التي أرسلت تستنجد بعد أن حاصرها الملكيون من جديد ، وقاد ( الشيخ ) حملة عسكرية انطلقت من الحديدة وضمت جنوداً وقبائل من حاشد وسنحان وبلاد الروس والحديدة ، وتم فتح طريق حجة وفك الحصار عن المدينة ، واستمرت المعارك لتنظيف مناطق حجة ، وسقط في هذه المعارك قرابة مائة شهيد.

• رجال حاشد أساس قوات الثورة
لم يكن للثورة حينها جيش رسمي منظم ، وما حاولت الثورة إعداده لم يكن بالصورة المطلوبة بسبب ضعف الخبرة والتجربة رغم وجود الحماس والاستعداد للتضحية ، ولذلك كان الاعتماد على القوات المصرية الشقيقة وعلى القوات القبلية(الشعبية) المؤيدة للثورة والجمهورية ،وكان أهم هذه القوات القبلية المقاتلون من قبيلة (حاشد) الذين شكلوا الجيش القبلي الأساسي للدفاع عن الثورة ، وبالإضافة إلى (حاشد) كانت هـناك قــوات قبـلية أخـرى مؤيدة للثورة والجمهورية مثل (ذو محمد) بقيادة العميد عبد الله دارس ، وقبائل (الحدأ) بقيادة مشايخ بيت القوسي وبيت البخيتي ، وقبائل (نهم) بقيادة الشيخ سنان أبو لحوم ،وكذا قبائل البيضاء بقيــادة الشيخ أحمد عبدربه العواضي ، والشيخ ســالم الحميقاني وغيرهما من مشايخ البيضاء .. وكان هؤلاء المشايخ وقبائلهم يشاركون في القتال عندما تطلبهم الدولة للمشاركة في منطقة من المناطق لفترة معينة فيما كانت قوات (حاشد) أشبه بالجيش الرسمي الذي تحمل مسؤولية الدفاع المستمر عن الثورة . وكان الشعور السائد في حاشد وعند مشائخها وأفرادها أنهم مسؤولون عن حماية الثورة التي كانت ثمرة نضال طويل شارك فيه مشائخ حاشد البـارزون مـثل الشيخ حسين بن ناصر الأحمر وابنه حميد اللذين استشهدا وكان مقتلهما المسمار الأخير في نعش الإمامة .. كما أن المعاناة والتخريب والدمار الذي حل بحاشد عزّز من مواقفها مع الثورة وضد الإمامة.

وعندما حدثت الخلافات داخل الصف الجمهوري ، وتصاعدت المشاكل ووصلت إلى حد الاعتقال والسجن والقتل والتشريد ، استمرت قوات الجيش الشعبي القبلي تدافع عن المدن الكبيرة مثل ( صعدة ) و ( حجة ) وتمنع سقوطها في أيدي الملكيين ، وتحمل الجنود قطع رواتبهم المفروضة لهم من الدولة وكذلك انقطاع المؤن الغذائية، وتحملت (حاشد) أعباء ذلك لكيلا تخسر الجمهورية المناطق التي تحررت.

• قبائل حاشد واستعدادها للقتال ضد الصهاينة
وبعد نكسة 5 حزيران 1967م أرسل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر برقية إلى جمال عبد الناصر باسم جميع الضباط الأحرار والمثقفين والمشايخ والعلماء المتواجدين في ( خمر ) يعلنون فيها استعدادهم للتطوع وإرسال عشرة آلاف مقاتل للقتال مع الجيش المصري ضد العدو الصهيوني وتحرير الأرض العربية المحتلة ، وتم تجهيز آلاف من المقاتلين من مختلف المناطق والقبائل وتوجهوا إلى صنعاء مبدين استعدادهم للذهاب إلى مصر للقتال مع إخوانهم المصريين ضد العدو الصهيوني، لكن القيادة المصرية في اليمن طلبت من الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والذين معه التوجه إلى ( حجة ) واستلام المدينة بعد انسحاب القوات المصرية منها والتي تقرر أن تعود إلى مصر .. وبدأت الأمور تسوء والأوضاع تتدهور مع قرب انسحاب القوات المصرية ، ومن صنعاء دعا الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر المشايخ ،الذين كانوا على خلاف مع المشير السلال إلى الاجتماع في ( معبر )، وعقدوا مؤتمراً أطلقوا عليه (مؤتمر معبر ) للمشايخ الجمهوريين اتفقوا فيه على المحافظة على الجمهورية والعاصمة صنعاء ،وضمان سلامة الأشقاء المصريين والتعاون معهم ونسيان الماضي والمطالبة بعودة المسئولين اليمنيين المعارضين للسلال الذين كانوا معتقلين في مصر .

وعاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بعدها إلى مناطق الحرب والقتال ،وذهب إلى ( عمران ) لتثبيت الأوضاع فيها بعد انسحاب القوات المصرية منها ، وبدأت المواجهات العسكرية تشتد بين الجمهوريين وبين القوات الملكية في أكثر من منطقة ولاسيما بعد أن نجح الملكيون في استغلال سوء أوضاع الثورة والجمهورية وبدأوا يكسبون ولاء بعض المشايخ ويعطونهم أسلحة وأموالاً .

• بقايا نظام الأئمة والتركيز على حاشد
استمرت الحرب سجالاً بين الطرفين ، وكانت قيادات الملكيين تعتقد أن انسحاب القوات المصرية من اليمن سوف يسهل عليهم دخول صنعاء ولكن لابد قبل ذلك من القضاء على مقاومة (حاشد) أولاً ، غير أن المقاومة التي واجهوها في (ذيبين) و(غربان) و(مرهبة) و(القفلة) و(حرف سفيان) أفشلت الخطة ، وحسم الجمهوريون المعارك لصالحهم في معظم هذه المناطق ، وحافظوا على راية الجمهورية عالية مرفرفة بانتظار معركة الحسم الكبرى في صنعاء .

• إفشال الشيخ الأحمر لخطط الثورة المضادة :
كما قام (الشيخ) عبد الله بعقد اتفاقات بين حاشد وبين عدد من القبائل كبعض قبائل بكيل في المناطق الشرقية ومثل بعض قبائل (الأهنوم) و (عذر) و( حجور) في المناطق الغربية ومثل قبائل (سفيان) .. وكان مضمون الاتفاقات هو : وقف الحرب ، وانسحاب القوات من الطرفين ، وعودة الجميع إلى مناطقهم ،وعدم شن الحرب من أي طرف ضد الآخر ، وليحدد كل طرف اختياره مع الجمهورية أو الملكية ولكن دون قتال أو حرب في المناطق .

وقد أدت هذه (المراقيم) إلى إفشال خطط الحرب التي أعدها قادة بيت حميد الدين ضد (حاشد) التي كانوا يعتبرونها شوكة في حلوقهم وقرروا أن يبدأوا بها بعد انسحاب القوات المصرية ثم بعد ذلك يصير الوصول إلى صنعاء أمراً سهلاً.