الرئيسية / كتابات وآراء / الثورة الشبابية والنهاية المنتظرة

الثورة الشبابية والنهاية المنتظرة

موسى العيزقي
الجمعة , 23 سبتمبر 2011 الساعة 01:10 مساء
يظل الحسم الثوري في اليمن هو المحك الرئيسي الذي تقع عليه مهمة تشكيل ملامح وسمات المستقبل اليمني، وبين ما تشهده الثورة الشبابية اليوم من عملية شد وجذب تبدو الصورة غير واضحة إلى حد كبير بحيث لا يمكن التنبؤ بنهاية سلمية للثورة لاسيما في الوقت الراهن.
وعلى الرغم من المنعطفات التي مرت بها الثورة الشبابية منذ انطلاق شرارتها في الـ3 من فبراير2011م، إلا أنها استطاعت أن تحافظ على طابعها السلمي، لكن دون إحراز أي تقدم يُذكر، ولو تأملنا في حقيقة الأمر لوجدنا أن هناك ثمة أسباب وعوامل عدة عملت على إطالة أمد الثورة، وأخرت عملية الحسم، ومن هذه العوامل ما يلي:

1- أزمة قيادة:
لقد تشكلت خلال الأشهر المصاحبة لعمر الثورة العديد من الحركات والائتلافات الشبابية والحزبية والتي على الرغم من اختلاف توجهاتها ومشارفها إلا أنها اجتمعت على هدف واحد هو (إسقاط النظام)، ففي الجانب الشبابي تم الإعلان عن تشكيل مجلس انتقالي يتولى قيادة الأمور في البلاد، حيث تم تشكيله من قبل بعض مكونات الثورة.
وعلى الجانب العسكري هناك مايُمكن تسميته بالمجلس العسكري بقيادة اللواء علي محسن الأحمر، كما ظهر ما يسمى بـ(الاتحاد التنسيقي لأحرار القوات المسلحة)..
وفي الجانب القبلي تم الإعلان عن تحالف قبائل اليمن بقيادة الشيخ صادق الأحمر .
وفي بعض المحافظات تم الإعلان عن تشكيل العديد من التحالفات والحركات والتي كان أبرزها ( ملتقى أبناء الحجرية الثوري بمحافظة تعز).
وأخيراً.. شكل اللقاء المشترك المعارض وبعض القوى السياسية الاخرى ما عُرف بـ(المجلس الوطني)، والذي شهد هو الاخر عمليات شد وجذب منذ لحظة تأسيسه، الأمر الذي أدى إلى انسحاب الجنوبيين والحوثيين، مما زاد الأمر تعقيداً، ووضع الثورة برمتها في موقف لا تحسد عليه.
ومع وجود هذا الزخم الكبير من المكونات والتحالفات والتكتلات المؤيدة للثورة إلا أنها وللأسف الشديد لم تفرز قيادة قادرة على إدارة المرحلة الراهنة، وإنما عملت على تعميق الانقسامات داخل الساحة الثورية ذاتها.

2- دور القبيلة
تنبع أهمية القبيلة في اليمن من كونها أحد أهم المرتكزات التي قام عليها نظام الرئيس علي عبدالله صالح، وبما أن القبيلة أعلنت انضمامها للثورة، فانه يقع على عاتقها دور كبير في تحديد ملامح المشهد الثوري الأخير، خصوصاً وفيها الكثير من الشخصيات المؤثرة والقوية أمثال الشيخ صادق الأحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد التي ينحدر منها الرئيس علي عبدا لله صالح.
وعلى الرغم من الزخم الكبير الذي أحدثته القبيلة خصوصاً عندما أعلنت انضمامها للثورة، نجد هناك من يرى أن لانضمام القبيلة دور سلبي عمل على تأجيج الصراع وزاد من حدة الانقسام - لاسيما - بعد المواجهات الأخيرة التي شهدتها منطقة الحصبة بين أنصار الشيخ صادق الأحمر وقوات الحرس الجمهوري.

3- انضمام اللواء علي محسن
شكل انضمام اللواء علي محسن الأحمر لثورة الشباب السلمية ضربة قاسية لنظام الرئيس علي عبد الله صالح، فهذا الرجل الذي كان مؤزراً لصالح ومخططاً له في السر والعلن، وحامي حمى النظام ودرعه الواقي أصبح اليوم في الصف الأول للثورة !!
وفي الوقت الذي رأى الكثير في انضمامه للثورة فرصة كبيرة لإجبار الرئيس صالح على الرحيل، رآه البعض عائقاً كبيراً أمام مرحلة الحسم السلمي، خصوصاً بعد إعلانه للبيان رقم واحد للجيش المؤيد للثورة، والذي رأى فيه الكثير من الشباب - لاسيما - المستقلين عسكرة حقيقية للثورة وخروجها عن الطابع السلمي.

4- ورقة الزحف خاسرة
مرت الثورة الشبابية بالعديد من الفرص التي كانت بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير وتضع نهاية لهذه الثورة المباركة، خصوصاً بعد مجزرة (جمعة الكرامة) التي مثلت بحسب الكثير من المهتمين الشرارة الأولى لانطلاق الثورة الحقيقية، حيث جعلت النظام في وضع لا يحسد عليه، خصوصا بعد التحرك الدولي الذي بدأ من خلال الشجب والإدانة من بعض الدول الكبرى، ناهيك عن الاستقالات الجماعية التي حدثت في صفوف أعضاء الحزب الحاكم.
لقد قرر الشباب أكثر من مرة الزحف نحو القصر الرئاسي حتى فقدت هذه الورقة قيمتها ولم تعد قادرة على الحسم بحسب الكثير من المراقبين.

5- التدخلات الخارجية
ومثلما لعب العامل الداخلي دور في تأخير الثورة لعب العامل الخارجي أيضاً نفس الدور، خصوصاً التدخل الخليجي الذي ساهم إلى حد كبير في إطالة أمد الثورة وذلك من خلال تقديمه للمبادرة الخليجية التي صورت ما يجري في اليمن على أنه مجرد أزمة بين أطراف محددة، وليست ثورة شعبية حقيقية.

6- المعارضة والدور السيئ
أدركت المعارضة مؤخراً حقيقة أنه لا جدوى من الحوار مع الحزب الحاكم، وان الحل الوحيد هو انحيازها لخيارات الشعب وتأييدها المطلق لمطالبه المشروعة وهو ما يحسب لها، ولكن وحتى نكون أكثر إنصافا فقد لعبت بعض أحزاب المعارضة دورا سلبياً عمل على تأخير حسم الثورة، وأطال من عمر النظام، حيث تمثل هذا الدور من خلال التصريحات النارية التي أطلقها بعض قادة في اللقاء المشترك والتي خدمت إلى حد كبير من هم في السلطة أكثر من خدمتها للثورة، أيضا خضوع المعارضة للضغوطات الخارجية، وقبولها بالمبادرة الخليجية كان له اثر سلبي على الثورة، وبالتالي فانه ومثل ماللمعارضة السياسية من حضور قوي وفاعل في الساحة الثورية، فان لها تأثيرها الكبير على خط سير الثورة ونجاحها.

أخيراً.. وللخروج من المأزق الحالي فانه يتوجب على الجميع إدراك حقيقة أن الوضع قد تغير تماماً وإننا نعيشُ اليوم في عصر الثورة وزمن الحرية، ما يعني نهاية الوصاية الفردية، والهيمنة الحزبية، كذلك يجب على الجميع معرفة أن ما يجري اليوم في الشارع اليمني عبارة عن ثورة شعب بأكمله، وليست حكراً على فئة أو طائفة أو حزب سياسي معين، مما يستوجب ضرورة توحيد الرؤى ووضع الخلافات والانقسامات جانباً حتى تنجح الثورة ويتحقق النصر المنشود بإذن الله تعالى.