الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٧ مساءً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد (21 )

عباس القاضي
السبت ، ١٣ ابريل ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ مساءً
انتهوا من شرب الشاي ، والجَلَبَة تقترب من المكان ، أصوات مختلفة : رجال ، نساء ، سيارة ، دحرجات حجار .

هيا ، يا زميلي ، حان وقت الوداع ،،، قالها الأستاذ حلمي ، وهو ينهض من مكانه ،،، ليجمع أشياءه ، وينظر إلى الأستاذ سمير بابتسامة صفراء ، يخفي وراءها حزنا مكتوما ، لو أباح به لانفجر بالغرفة أشلاء .

قام الأستاذ سمير ، يحمل كيسه المعصوبُ طرفُه ، الذي كان فيه مؤنة تكفيه لشهر و انحسر مع تطوافه بين زملائه .

جعل الكيس متدليا على ظهره ،، ممسكا بالعصابة على كتفه باليد اليسرى ، وبيده اليمنى يحمل حقيبته ، التي تحتوي على منهج الكيمياء للمرحلتين الإعدادية والثانوية من باب الاحتياط ، وعشرة أقلام نصفهم يكتبون بالخط الأحمر ،،، اشتراها وهو يقول لنفسه : كل طالب سيأخذ حقه ، سأكون حريصا في التصحيح ،، " الكلفته " ليست عندي قالها وهو يغمز بعينه .

خرج من السكن ، وخرج بعده الأستاذ حلمي ، يغلق الباب خلفه بالقفل المتدلي ، ويلوح بالمفاتيح، من سيأخذها مني ليسلمها للشيخ؟ أخذها أحدهم ، وهو يخط بسبابته على وجهه قائلا : بوجهي ، بإشارة توصيله للشيخ .

جال الأستاذ سمير ببصره ، ليرى البؤس والحزن على وجوههم ، والطلاب الثلاثة واقفين على جدار السكن ، كأنه سينفذ فيهم حكم الإعدام ، وبقية الصبية في الأمام ومن خلفهم الرجال ، والنساء منزويات في جانب السكن .

الطلاب الذين يستعدون للسفر ينظرون إلى أمهاتهم وأخواتهم وأعينهم كأنها الجمر ، فقد تشابكت أياديهم وأياديهن ، وهم في طريقهم إلى السكن ،،، سكن من كانت تسمى مدرسة إلى عهد قريب ،،، وقد كان الحوار جنائزيا ،،، حتى صاح أحد الآباء بعد أن ضاق درعا بالصراخ والعويل قائلا : سعليك – هوني على نفسك – عندما تمرضين ، سأذهب بك إلى صنعاء ،،، وعندها تزورينه ،،، قالت وهي تبكي ، بصوت مسموع : ليتني أمرض بعد أسبوع لأزورك يا مبخوت .

قال لها مبخوت : ألف سلامة عليك يا أماه ،،، هي ثلاثة أشهر وأعود ،،، ارتاحي من مشاغبتي ،،، كوني اعملي لي " صليعات " وأرسليهن ، إلى دكان علي مسعد ،،، أصلحت الأم من صوتها ، وقالت : أين دكان علي مسعد هذا ؟ رد عليها مبخوت : والله ما لي عِلْمْ .