الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٨ مساءً

من بركات علي محسن والمشترك

يحي احمد
السبت ، ٢٣ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٢:٥٢ صباحاً
الثورة قبل علي محسن والمشترك كان لها طعم مميز ونكهة خاصة ، كانت رائحة عرق العمال والكادحين ازكى من العطر، وكانت اصواتهم المبحوحة اجمل ايقاعا واشد وقعا واكثر اطرابا من الموسيقى ، كان كل شيء في الساحة جميل وساحر ، تجد لديك رغبة لا تمل في البقاء فيها ، كرتون تفترشه على الرصيف اغبط من الصوف الناعم ،لهيب الحرارة في الساحة أوثر من وأرف الضلال في غيرها، لكن هذه المتع سرعان ما تضائلة حين ركبها السراق ، وما عاد للثورة سحرها وجاذبيتها ، بل اصبحت طاردة منفرة حين زاحم السلاح الصدور العارية ،حين حلت الايديولوجيات الضيقة محل أمال وتطلعات عشاق الحرية والمدنية

لقد نجح ادعياء الثورة في صبغها وتلوينها بأيديولوجياتهم المنفرة ، كانت الثورة قد فقدت جزء من بريقها ونقائها حين أذعنت للمشترك ، وحين قبل الثوار التمويل من الاصلاح كانوا بذلك يرهنون ثورتهم لغيرهم ، لقد اعطوا مقود الثورة لقوى خلوة من أي مشروع وطني جامع ، قوى دخلت الثورة بعقلية القبيلة والحزب والولاءات العصبية الضيقة، لا يعني هذا ان الثورة لا تقبل المتحزبين والقبائل ولكن عقلية القبيلة والحزب وولاءات العشيرة ما كان يحق لها ان تظهر على المشهد الثوري الا موحدة كجسم واحد . لأنها بذلك طبعت الثورة بعقليتها المثقلة بموروث الماضي غير المنسجم بأي حال مع الثورة.

فالثورة بمعناها الواسع هي القطيعة مع السيء من الماضي القريب والبعيد ، الثورة سلوك جديد وعقل جديد ورؤية واسعة وجديدة .

لقد مثل انضمام الفرقة الى الثورة عملية وصل واستمرارية للنظام السابق فالحدث الثوري الذي كاد يقطع او كان في طريقه للقطيعة مع النظام المستبد عاد ليلتقي به بحميمية من خلال علي محسن وفرقته ، وما كان لهذا اللقاء ان يتم لولا المشترك.

كان سابقوا الجنرال الى الثورة من المشترك قد أخضعوا الثورة وامسكوا بتلابيبها حين قبل الثوار المعدمين بتمويلهم وتبييتهم في الساحات ، فالتمويل اضافة الى عدم القدرة على التنظيم وغياب النخب المفكرة والتي تتمتع بكاريزما قيادية وتحظى بقبول شعبي ساق الى الابتزاز والخضوع.

من النافل القول ان الاصلاح اكبر احزاب المشترك هو من تولى كبرها وكان قد بدأ يستبد بالثورة ويوجهها ويمنحها خطابا جديدا هش البنية سطحي وتضليلي مجزأ وانتقائي، وكم كانت الشعارات الانتقائية مبتذلة وسطحية اقصد الموجهة الى شخص الرئيس وعائلته حين اختزلت الاستبداد كمنظومة في افراد معينين، كان الخطاب بمجمله بعيدا عن التجريد والتعميم لم يوجه للاستبداد والفساد كمنظومة ، وما كان ذلك مفاجئا في ظل غياب نخبة قائدة وموجهة للجماهير حتى قبل انضمام هؤلاء جميعا ، فالثورة كما قال المفكر الطاهر لبيب (تحتاج إلى خطاب تبنيه، له من التماسك ما يضمن نشره وفاعليته واستمراره. هذا الخطاب جماعيّ وروافده من كل مجال، ولكن صياغته من مهام فئةٍ لها القدرة على تحويل «الخام» إلى منظومة تستوعب عمق التجربة الثورية وتكسبها بعدا فكريا ومعرفيا ييسّر التأمل فيها وتناقلَها ويبنى مرجعيّتها. هذه الفئة فكرية، بالدرجة الأولى، وقد لا يكون لها منزع إلى القيادة، كما أنّ لها أن تسميّ نفسها أو أن تسمَّى بأسماء كثيرة، ولكنّ مكانتها المعروفة هى مكانة ما يسمَّى نخبة. ) .

فتماسك الخطاب وجماعيته وغنى روافده كان بعيدا عن خطاب الثورة من الوهلة الاولى ، ولكن هذا يرجع الى غياب النخب المفكرة وحداثة التجربة وقلة الخبرة، نعود لدور المشترك في تهيئته الاجواء وتلطيفها تمهيدا لانضمام الفرقة، الاصلاح بما يملك من خبرة كان يمارس في الخفاء دورا تلميعي تجميلي للجنرال صاحب السابقة السيئة والتاريخ المهين ، الجنرال الذي ترك بصماته ماثلة للعيان على كل قبيح وسوء في طول اليمن وعرضه، كانت اليافطات التي كتب عليها اسماء كبار رجالات النظام في اغلبها خالية من اسم علي محسن ، كانت الشعارات التي تردد من على المنصة لا تشير للجنرال في اغلبها هذا كان جزءا من عمل الاصلاح التمهيدي .

وفجأة اعلن محسن انضمامه للثورة بكل وقاحة وخبث وقلة حياء وفي لحظة خداع ماكر واستغلال رخيص لتراجيديا مجزرة جمعة الكرامة حاول على محسن بمساعدة مرقعي وملمعي سمعته المشوهة الى اقصى حد عبور بوابة الثورة للإيهام بانه خلع ما تراكم عليه من قبح وليكفر عن سيئات الماضي وليرتدي ثياب التائبين ، ما كانت هذه العروض لتنطلي الا على الاتباع والمؤيدين الذين تشربوا التقليد والاتباع كعقيدة من صميم الدين ، لكن الكثير من شباب الثورة لم يخفوا امتعاضهم من هذه العروض المسرحية ، صحيح ان ولاء الجيش و تبعيته الخاصة جعل منه عقبة كأداء امام نجاح الثورة ، فما دام الجيش كتلة واحدة الى جانب النظام كيف ستكون الانفراجة هكذا كان يفكر المشترك ، ولهذا بحث له عن ظهر وحامية . ولم يكن يعلم انه باستمالته للفرقة سيسلم الثورة للنظام نفسه الذي ثار عليه.

فلم يكن انضمام الفرقة ومن قبلها المشترك يعني أي شيء ايجابي للثورة ، بل لقد أفضت الى تسوية سياسية برعاية برانية غير نزيهة ولا حيادية والى تقاسم السلطة وقانون الحصانة وأخيرا حوار عقيم لا يفضي بتركيبته الحالية الا الى الفوضى والتشظي ولم تزح هذه التسويات الثوار من المكان المفترض بهم في السلطة وحسب بل ازاحتهم من مؤتمر الحوار _ففي كل الثورات يزاح النظام من السلطة ليحل محله نظام يختاره الثوار بينما في يمن العجائب لا زال النظام السابق في السلطة والثوار في الخارج مفارقة عجيبة ، وبعملية حسابية بسيطة ستجد نسبة اعضاء غير المحسوبين على النظام ضئيلة جدا في مؤتمر الحوار وهذا من بركات على محسن والمشترك