الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٤ مساءً

الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم.. مسيرة عطاء

فوزي العزي
الثلاثاء ، ٠٥ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
يشكل العمل لخدمة كتاب الله تعالى عملاً عظيماً؛ لأنه كلام رب العالمين، فضلاً عن أنه هداية للثقلين (الإنس والجن)؛ يخرجهم من الظلمات إلى النور؛ ويُصدِّق ذلك قول ربنا في كتابه الكريم: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً)] الإسراء: 9 ]، بل هو أعظم معجزة خالدة أَيَّدَ الله بها رسوله محمداً– صلى الله عليه وآله وسلم-، وقد تكفل الله بحفظه، وصيانته عن الزيادة والنقصان والتحريف؛ كما قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ] الحجر: 9 ].
ومن ناحية أخرى؛ فإنه مما طمأن نفوسنا وأقر أعيننا وأثلج صدورنا أن نرى مؤسسة تعليمية قرآنية، متخصصة وغير ربحية؛ تسهم في خدمة كتاب الله عز وجل؛ من خلال تعليمه لأبناء اليمن وأبناء من سكن هذا البلد الطيب، في الجوانب التالية (الحفظ- التلاوة- التجويد- القراءات)، علماً أنه أنشأها كوكبة من الناس الخيرين، وقد سموها "الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم".
وهذا الشاعر الشاب المتألق سليم خالد الشعيبي يقول عن هذه الجمعية:
جمـعيـة القرآن فخـر بلادنا أضحـت لطلاب المفاخر مقصـداً
في كل عام نجتنـي مـن خيرهـا ثمراً رغيـداً يانعاً متجـدداً

((نبذة عن الجمعية))

- التأسيس: أسست في الثالث من شهر ربيع الأول من العام 1413هـ الموافق الأول من شهر سبتمبر 1992م. وهي عضو مؤسس في الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم، ومشروع سهم النور الوقفي العالمي، وعضو مساهم في الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
- رؤيتها: الريادة في تعليم ونشر القرآن الكريم وعلومه.
- رسالتها: العناية بالقرآن الكريم وعلومه، تعليماً وبحثاً ونشراً، في ظل الكفاءة والإتقان وتعزيز الشراكة والقيم وتحقيق الخيرية على أوسع نطاق ممكن.
- قيمها: الشراكة.. الشفافية.. الإتقان.
- تميزها: حصلت على المرتبة الأولى كأفضل مؤسسة قرآنية في العالم، للعام 1429هـ - 2008م.
- عنوانها: الجمهورية اليمنية، مركزها الرئيس في العاصمة صنعاء- شارع ياسر عرفات (الستين الشمالي)، ويتبعها (17) فرعاً في عموم محافظات الجمهورية.
- عنوان الموقع الإلكتروني للمركز الرئيس: .www.cshq-ye.orq
- عنون البريد الإلكتروني للمركز الرئيس: [email protected]

((أهدافها))

حددت لها مجموعة أهداف؛ منها: 1- العمل على تحفيظ القرآن الكريم على أوسع نطاق ممكن. 2- توحيد جهود وإمكانات محبي القرآن الكريم والباذلين من أجله والمضحين في سبيله. 3- المحافظة على القراءات بأسانيدها. 4- العناية بالقرآن الكريم وعلومه تعليماً وتأليفاً وبحثاً ونشراً. 5- تربية النشء على نهج القرآن الكريم والتخلق بأخلاقه.

((مشاريعها))

قامت بتنفيذ العديد من المشاريع؛ منها: 1- الحلقات القرآنية النموذجية. 2- جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية. 3- المراكز النموذجية النسوية. 4- الدورات التأهيلية لمعلمي القرآن الكريم. 5- المراكز الصيفية. 6- توزيع المصحف الشريف. 7- الوقف الخيري للقرآن الكريم. 8- مراكز الإقراء والإجازة بالسند. 9- كفالة المعلم الداعية. 10- تكريم الخريجين من حفظة القرآن الكريم.

((مشكلات وعوائق))

هناك العديد من المشكلات والعوائق التي تؤثر سلباً في تحقيق رسالة الجمعية؛ منها:
- شحة الإمكانيات المادية ومحدودية الموارد المالية؛ بسبب قلة الدعم المادي والمعنوي من قبل الدولة والتجار وأصحاب رؤوس الأموال، إضافة إلى اعتذار بعض الكافلين عن كفالة بعض الحلقات القرآنية والتمويل لبعض مشاريع الجمعية؛ مما نتج عنه الآتي:
• إلغاء بعض الحلقات القرآنية، وتقليص أداء البعض الآخر بشكل ملحوظ.
• ضعف الاهتمام بالمعلم باعتباره محور العملية التعليمية؛ من حيث التأهيل والتدريب والارتقاء بمستواه التعليمي والتربوي، إضافة إلى قلة المرتب الشهري.
• قلة الدعم المادي والمعنوي للأنشطة التربوية والثقافية والعلمية لطلاب الحلقات القرآنية.
- عدم وجود منهج خاص بطلاب الحلقات القرآنية، بحيث يحتوي على العلوم الشرعية التي يجب على كل مسلم تعلمها؛ كأحكام العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات، وتتصف بالوسطية والاعتدال.
- انتشار ظاهرة تسرب الطلاب من الحلقات القرآنية.
- عدم تفعيل قطاع العلاقات العامة؛ فهناك ضعف في وسيلة الاتصال بين إدارة الجمعية والداعمين من التجار ورجال الأعمال والهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة.
- ضعف قطاع الإعلام؛ من حيث إبراز الجمعية وفروعها وأنشطتها في خدمة القرآن الكريم بالشكل المطلوب، في مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.
- عدم وجود برامج تدريبية وتأهيلية لحفظة القرآن الكريم؛ من أجل دمجهم في المجتمع، ومشاركتهم بإيجابية في خدمته وتنميته.

((المتطلبات))

نقترح بعض الخطوات التي تعمل على تحسين سير عمل الجمعية، والارتقاء بحالها إلى وضع أفضل؛ منها:
- العمل على حل كافة المشكلات والمعوقات المتقدم ذكرها.
- الزيارات الميدانية من قبل المكتب الرئيس لإدارة الجمعية إلى الفروع والحلقات القرآنية، والحرص على الالتقاء بالإداريين والمشرفين والمدرسين والطلاب، ومعرفة المشاكل التي تواجههم، وتقديم الحلول الممكنة لها.
- تبادل التجارب والخبرات مع المؤسسات القرآنية (المحلية، الإقليمية، الدولية)، في المؤتمرات والندوات وورش العمل؛ للارتقاء بمستوى العمل القرآني.
- تشكيل "مجالس أولياء أمور الطلبة"؛ لأنها أهم قناة للاتصالات واللقاءات الدورية بين أولياء أمور الطلبة والجمعية؛ لمعرفة مشاكل الطلبة وحلها، ورفع المستوى التربوي والتعليمي لهم، فضلاً عن تفعيل الدور الإيجابي لأولياء الأمور في خدمة ورعاية ودعم كتاب الله تعالى.
- إنشاء منتدى/ رابطة لحفاظ القرآن الكريم في بلادنا؛ بهدف رعايتهم، واكتشاف مواهبهم ومهاراتهم، والعمل على تنميتها؛ بما يؤهلهم للدخول إلى سوق العمل، أو ليصبحوا قادة صالحين في مجتمعهم.
- الاهتمام بالمجالات المتعددة للمشاريع الوقفية والاستثمارية المجدية (بيوت سكنية، محلات تجارية، مدارس أهلية، مستشفيات، قاعات أفراح ومؤتمرات، وغيرها).
- عقد ورش عمل ودورات تدريبية للعاملين في الجمعية من إداريين ومعلمين وموجهين ومشرفين على مستوى الفروع والمكاتب والمحافظات؛ بهدف تأهيلهم، وتقديم مخرجات أكثر جودة وإتقاناً في العمل القرآني.
- إقامة مسابقات قرآنية لمختلف شرائح المجتمع، في المساجد والمدارس والجامعات والمعسكرات والمراكز الثقافية، وتشجيع الفائزين وتكريمهم بالجوائز والمكافآت العينية والنقدية؛ بهدف بث روح المنافسة بين حفظة القرآن الكريم، ولفت أنظار الناس إلى العناية به.
- التعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة؛ كوزارة التربية والتعليم، ووزارة الأوقاف والإرشاد، ووزارة الشباب والرياضة، ووزارة التعليم الفني والتدريب المهني، في تقديم سبل الرعاية لحفظة القرآن الكريم، وتأهيلهم روحياً وبدنياً وعلمياً؛ ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع.
- رعاية ودعم المؤسسات الناشئة التي تخدم القرآن الكريم.
- الانضمام إلى عضوية المنظمات الإسلامية (الإقليمية، الدولية)؛ بهدف تطوير وتدعيم العلاقات معها في مختلف المجالات التي تخدم القرآن الكريم، وما يرتبط به من علوم؛ كالتفسير والقراءات والحديث واللغة وغيرها.
- الانضمام إلى عضوية المنظمات الدولية؛ بهدف ترسيخ علاقات الصداقة والتفاهم مع شعوب العالم، إضافة إلى إقامة شراكة معها في المجالات الثقافية والاجتماعية والعلمية.
- الاستفادة من وسائل الإعلام العصرية الحديثة في تعليم القرآن الكريم ونشر علومه؛ مثل: (القنوات الفضائية، الصحف والمجلات، مواقع إخبارية، فيس بوك، تويتر، برامج حاسوبية، أجهزة الكترونية)؛ من أجل إيصاله إلى أكبر شريحة ممكنة من المواطنين.
- إنشاء إذاعة وقناة فضائية متخصصتان بالقرآن الكريم، إضافة إلى مجمع "لطباعة المصحف الشريف"، و مركز "للدراسات والبحوث القرآنية"؛ يعمل على إصدار البحوث والكتب والمؤلفات التي تهتم بجوانب التلاوة والتجويد وعلوم القرآن المختلفة باسم الجمعية، بالإضافة إلى إنتاج صوتيات ومرئيات قرآنية؛ تضم أصوات المقرئين المشهورين من خريجيها من حفظة القرآن الكريم، ويكون من أنشطتها.

((رسالة إلى أهل الخير والمحسنين))

من هنا ندعو القيادة السياسية والمؤسسات الحكومية والخاصة و التجار ورجال الأعمال إلى الشراكة المجتمعية في تعليم ونشر القرآن الكريم؛ عن طريق مد يد العون والمساعدة معنوياً ومادياً إلى هذه الجمعية المباركة؛ من خلال كفالة حلقاتها القرآنية، وتمويل برامجها وأنشطتها، وتبني مشاريعها الخدمية في مجال القرآن الكريم.
كما أننا نهمس في آذانهم، بالقول: إن هذه الشراكة تجارة رابحة؛ لأنها من أوجه الإنفاق في خدمة كتاب الله عزوجل، إضافة إلى كسب ثوابه ومضاعفة الحسنات ونيل رضوانه ورحمته، وسيعوضهم عنه خيراً كثيراً.. قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)) ] فاطر: 29-30 ].

((مسك الختام))

وهكذا نطوي صفحات هذا البحث الذي عَرَّفَنَا بالجهود الكبيرة التي بذلها و ما زال يبذلها الأخوة القائمون على هذه الجمعية المباركة للمساهمة في النهضة القرآنية؛ المتمثلة في خدمة القرآن الكريم تعليماً وبحثاً ونشراً، وتخريج عشرات الآلاف من الحفاظ والقراء المرتلين المجودين له، من الذكور والإناث، إضافة إلى إحياء الأخلاق العظيمة والمفاهيم القرآنية في أوساط المجتمع، بعيداً عن الغلو والتطرف والآراء الضيقة والمذاهب الفكرية المنحرفة، وبالتالي تعمل على إحداث التغيير والإبداع والتطوير فيه، والارتقاء به إلى مصاف المجتمعات العالمية، التي تعزز وترسخ مبادئ الحق والعدل والتسامح والسلام والتعاون بين الدول والشعوب.
كما أننا لا ننسى أن نذكرهم بالحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن عثمان بن عفان– رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
أخيراً؛ نسأل المولى عز وجل أن يجزيهم عن القرآن وأهله خير الجزاء، و يكتب ذلك في ميزان حسناتهم يوم القيامة، كما نسأله أن يوفقنا لخدمة كتابه الكريم، و يجعلنا من أهل القران؛ الذين هم أهل الله وخاصته، ويجمع كلمة المسلمين على تعظيمه والعمل به، واتخاذه شريعة ومنهاجاً للحياة، إنه سميع الدعاء، والحمد لله رب العالمين.