الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٣ صباحاً

جيش الثورة.. عَبرةُ وزهرة

عباس القاضي
الثلاثاء ، ٢٣ أغسطس ٢٠١١ الساعة ١١:٠١ صباحاً
ونحن نعيش هذه الحالة الثورية, لا أدري لماذا يطاردني ذلك المشهد الذي كان قبل سنوات,حينها كنت أؤدي صلاة الجمعة في المسجد وفيه خطيب تميز بإسلوبه الذي يخاطب المشاعر والوجدان برقائقه التي تجعلك تحلق في فضاءات يكاد قلبك يلامس السماء,وانا أتحسس ابني الاصغر على يميني وقع نظري على شاب كان بجانبه,هذا الشاب في مقتبل العمر طري العود ,حسن السًمت ,يلبس بِِزًةً عسكرية ,وما شدني إليه دموعه التي كانت تنهمر بغزارة ,حينها شيئا ما أغلق أذني فلم أعد أسمع صوت الخطيب,وإذابي احلق في تفكير أخذني من دموع هذا الشاب إلى الواقع المعاش, وبدأت الاسئلة تتزاحم في خلدي ياهل ترى هل يستطيع هذا الشاب وبدخله المتواضع أن يعيش حياة كريمة ؟ بمعنى هل يمكنه أن يكمل تعليمه ويساعد والديه وأن يتزوج ويفتح بيت ويربي اولاده معتمدا على دخله ليحافظ على نقائه وطهره أم أنه وتحت ضغط الحاجة سيضطر أن يخدش هذا النقاء وهذا الطهر,وهل يستطيع أن يقول لا فيما إذا أُمِر بخطأ وبينما انا على هذا الحال والصور تتعدد في مخيلتي ترسم أوضاع هذه الشريحة الهامة في المجتمع-الحالة والضرورة والضرر,إذا بي أسمع الخطيب يقول :"إن الله يأمر بالعدل والإحسان ,,,,,,,,"

وفي أول جمعة في ساحة التغيير بالجامعة وأثناء عودتي إلى البيت, كنت أستقل سيارتي والجماهير تمشي زرافات وجماعات تردد الشعب يريد إسقاط النظام وكانت أمامي سيارة جيش فيها مجموعة من الجنود –قرب جسر مذبح- كان احدهم وجهه في اتجاهنا وعندما حاولت استفزازه بإخراج يدي مقبضه مرددا الشعب يريد اسقاط النظام وأنا انظر الى وجهه لأرى ردة فعله فإذا به يومئ برأسه تجاه يده فعرفت قصده,حيث كان بيده زهرة يدورها بين الابهام والسبابة ,وتفتر شفتاه بابتسامة خفيفة تدل على تعاطيه ورضاه على ما نقول ولكنه لا يمتلك الشجاعة الكافية بأن يقولها بصوت عال, وكانت سعادتي لاتوصف حينها حيث لم يكن أحدا من الجيش او الأمن قد أنضم للثورة, لم ينته المشهد هنا بل نقلني إلى المشهد الاول ,وذلك الشاب صاحب البزة العسكرية الذي كانت عيناه تنهمران بالدموع والذي أفسد عليً جمعتي تلك واستحضرت صورته فإذا بها تطابق صورة هذا الشاب صاحب الزهرة, حينها تنفست الصعداء وشعرت بالإطمئنان أنه بالإمكان الجمع بين الحياة الكريمة والمحافظة على النقاء والطهارة في ظل الدولة التي ننشدها وخرجنا للبحث عنها.

وفي الاسبوع الأخير من شهر مارس وبعد جمعة الكرامة كانت الإنضمامات للثورة من قِبَل الجيش والأمن شيئ مذهل فمنهم من تولى حماية مداخل الإعتصام ومنهم من رابط أمام المنصة يردد الهتافات صباح مساء.

وانتهيت إلى أن اسباب ودوافع الإنضمام لا تخلو من أحد المشهدين فإما عبرة(دمعة) وإما زهرة .ولكن كيف ؟
العبرة :قد تكون سببا دفعت صاحبها للانضمام وذلك لفطرته السليمة وإيمانه العميق , رأى الظلم فأنكره ورأى الحق فاتبعه , هذا سلوك الرجل المستقيم الذي يغمر قلبه الإيمان فيفيض من مقلتيه دمعا, هذه الدمعة دفعته للإنضمام للثورة.
الزهرة : فقد يكون المنضم أقل صفاءً من الأول ولكن الذي دفعه للانضمام هو سلمية هذه الثورة فعندما كان يواجه الثوار ورغم التهديد والوعيد إلا أن الزهور التي كانت تلقى عليهم أثرت عليه , فدفعته هذه الزهورللإنضمام للثورة,