الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٤ مساءً

الأستاذ سمير ،،، ورحلة السندباد (8 )

عباس القاضي
الخميس ، ١٠ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٣٠ مساءً
الأشجار هنا نادرة ، لذلك لا طيور فيها ، فلا زقزقة ولا سجوع ، غير غراب يحوم هنا وهناك .

كان يتمنى أن يرى جمال البكور خاصة وهو خارج البيت ، ليدرك في الوبر ما لم يدركه في المدر ، لكن الحياة من الحياة .

التأمل يصنع الفلاسفة ، وتكون القراءة بحسب مفردات الكون ،،، والتي هي محدودة هنا عدا الظواهر الفيزيائية ( الطبيعية ) الغير قابلة للتحول كما هي علم الكيمياء المرتبطة بتخصصه .

ها هي الشمس ترتفع بمقدار رمح ، يرى استدارة حوافها ، قبل أن يقدح الشعاع فيها لتخطف الأبصار ،،، يبتسم في اتجاهها ، أملا بفرج قريب ، يغمره الاطمئنان مقارنة بليل مفزع ، يشعر أنه أصبح صديقا للمكان .

وهذه الشجرة الحبيبة ،،، التي آويتني من ذلك الوحش وأحسست وأنا عليها بدفء دون دثار ،، حتى الحصى والحشائش اليابسة تحتها لانت لمخدعي ،،، سأعود إليها في يوم ما وأنا أركب سيارتي الفارهة ومعي زوجتي وأولادي ، لأقضي فيها ساعات من نهار ، استجر فيها ذكرياتي ، نعم سيارتي الفارهة أنا واثق بالله أن يستجيب دعوات أمي لي : إلهي يعلي مراتبك ،،، لكن خوفي من أن يقطعها صاحبها ،،، ليتني أعرفه لأشتريها منها بأول راتب أقبضه ! يقول كل هذا ، وهو يحدث نفسه بصوت عال ، فلا أحد يسمعه .

قام يتحرك يستطلع المكان فلا أثرا لدخان هنا أوهناك ، حتى الكلاب تنام بعد نباحها في صلاة الفجر ، لقد أتعبها السهر ، وهي تحميه من ذلك الوحش صاحب العيون المضيئة ، وهي لا تدري .

سمع همهمة وأصوت تأتي من بعيد ،،شنف سمعه نحو المصدر ،، نعم الأصوات تزداد قربا ووضوحا ،،، ظهرت الرؤوس الأبدان إنهم طلاب ، عرفهم من الأكياس التي تتدلى في ظهورهم والمربوطة بخيوط إلى أعناقهم ، استوقفهم ،، إلى أين ذاهبون؟ ردوا بصوت واحد : إلى المدرسة ،،، هو يعرف ذلك ولكن أراد أن يسمعها منهم أنسا في المكان ،،، أين هي المدرسة ؟ رد عليه أحدهم : خلف تلك الجبال ،،، هل أستطيع مرافقتكم إلى هناك ؟ ،،، رد عليه آخر : نعم .

عاد ليأخذ حقيبته ،، وكيسه الذي فيه مؤنة تكفيه لشهر ،،، اقترب من الشجرة ،،، احتضن جذعها ،،، ثم قال لها : في أمان الله ، يا أمي الثانية ،،، ثم أجهش بالبكاء .