الخميس ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٠ مساءً

ثورة على الموتورات (الدراجات النارية)

عبدالواسع السقاف
الاربعاء ، ٠٩ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
الدراجات النارية أو ما نسميها بالعامية "الموتورات" هي في الأصل وسيلة مواصلات لذوي الدخل المحدود تتميز بقدرتها على الانسيابية وتخطي الاختناقات المرورية وإيصال الراكب بسرعة أكبر من السيارة العادية، وهي وسيلة دخل لكثير من الأسر اليمنية التي يعتمد أفراد تلك الأسر عليها في تحصيل الرزق.. ولكنها للأسف ظهرت في الفترة الأخيرة بشكل غير مسبوق بحيث تجاوز عددها عشرا الآلاف في المدينة الواحدة مما سبب حوادث مرورية مروعة خاصة وأن أغلب سائقي تلك الدراجات فهموا الغرض منها بشكل خاطئ فلم يعتادوا في قيادتها على الانضباط وإتباع إرشادات المرور وسلامة المارة فتجدهم يقطعون الإشارات المرورية ويعكسون الخط ويتجاوزون المنحنيات والطرق بكل برود أعصاب وكأنهم يقودون تلك الدرجات في صحراء الربع الخالي متناسين أنهم بذلك يعرضون أنفسهم وركاب الدراجة والسيارات المقابلة لأخطر الحوادث التي تتسبب في ارتفاع نسبة الوفيات والعاهات بشكل مخيف.. ناهيك عن التلوث البيئي الناتج عن أدخنة تلك الدراجات والتلوث السمعي التي تسببه أصواتها ليل نهار دون مراعاة لأبسط قواعد الذوق العام.

ورغم كل هذه المنغصات التي سببها دخول هذا النوع من وسائل المواصلات في الخدمة، إلا أن أخطر ما تم استخدامها للقيام به هو الكم الهائل من الاغتيالات السياسية والعسكرية والتفجيرات وغيرها من الأعمال الإرهابية التي طالت عدد كبير من قيادات الجيش والأمن في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية والتي استخدمت فيها الدراجات النارية كوسيلة سهلة للقتل والهروب من مسرح الجريمة بكل بساطة ويُسر.. حتى أصبح السكوت عن هذه الفضائع الدموية ضرباً من اللاحكمة في بلد "الإيمان والحكمة"!!

صحيح أن نسبة المستفيدين من هذه الوسيلة من المواطنين البسطاء كبيرة جداً ولكن الخطورة والكارثة الناجمة عنها أكبر بكثير من كل هذه الفائدة، فروح الإنسان أكبر بكثير من كل شيء ناهيك أن يكون هذا الإنسان هو مسلم حرم الله دمه وجعل حرمة دم المسلم أعظم من حرمة الكعبة المشرفة! إن الاستهتار بأرواح البشر جريمة ما بعدها جريمة! كيف يمكن لدولة تسعى لأن تكون دولة مدنية حديثة وترفع شعار "المواطن أولاً" أن تسمح بكل هذه الجرائم المرورية والإرهابية وتتغاضى عن إزهاق أروح مواطنيها العاديين والقياديين! كيف تعجز دولة بكامل عُدتها وعتادها أن تنظم سير هذه الوسيلة أو حتى تمنعها بالمرة، فما ينتج عنها من كوارث أكبر بكثير من كل الجدالات والأعذار التي تُقال هنا أو هناك، وأمن الوطن والمواطن أهم بكثير من فرصة عمل لمجموعة من المواطنين الذين يمكنهم إيجاد البديل!! لا يكفي أن تقوم الدولة بعمل حملات بين الحين والحين وتقوم بمصادرة بعض هذه الدراجات التي لا تحمل لوحات، بل يجب عليها تنظيم سيرها وإلزام سائقيها باحترام قواعد وإرشادات المرور إذا أرادوا الاستمرار في استخدام هذه الوسيلة التي أصبحت هماً وعبئاً عن أمن وسلامة المواطنين!!

نحن نحتاج الآن إلى وقفة جادة لإيقاف نزيف الدم اليمني الذي يُهرق باستخدام هذه الوسيلة، بل ونحتاج إلى ثورة توقظ البقية الباقية من الشعور بأن أمن هذا الوطن أصبح لعبة في أيدي من لا يريدون له أن يتعافى من المحن والمؤمرات التي تحاك ضده!