السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٣ صباحاً

الأستاذ سمير ،،،،، ورحلة السندباد ( 5 )

عباس القاضي
الاربعاء ، ٠٢ يناير ٢٠١٣ الساعة ٠١:٠٨ صباحاً
صعد على الشجرة بخفة ، وكأنه صعد على حمار صغير ،،، فقد تدرب على تسلقها مرارا ، جلس بين الشعبتين ورجلاه متدليتان إلى أسفل ، صحيح ، إن الجلسة غير مريحة ، لكنها ليست الشيء الوحيد الغير مريح في هذه الرحلة .

رآه يقترب وعيونه كأنها " كشافات " سيارة ذات اللون الأصفر الداكن ،، يحدث نفسه : يا هل ترى ،، هل هذا المخلوق من فصيلة الحمير التي ترى الشياطين ؟ أم فصيلة الديوك التي ترى الملائكة ؟، وأردف : ما هذه التساؤلات الغريبة ؟ أنا ، لا ، هذا ولا ذاك ،،، يبدو أنه متخصص لرؤية المدرسين.!

ها هو يقترب ، وعيناه مركزة نحوه ، حف قدميه إلى أعلى رعبا من مَقْدَمِه ،،، لن يستطيع أن يصعد إليه ، هكذا عرف من الحكايات الشعبية ، التي سمعها صغيرا ، تربع في جلسته ، نظر إلى أسفل ،، رآه يتشمم الكيس والحقيبة ،،، قال له : خذ لك " جماع صليعات " وامش لك ، أما رجلي والله ما دخلت بطنك .

كان النمر يدس أنفه داخل الكيس ، وينفخ لعله يرى شيئا يأكله ، إلا إنه حيوان لاحم لا يستسيغ أكل الفطائر ، وعاود النظر إلى أعلى ، نظرات مرعبة ، ظل يحلق حول الشجرة ، ينظر إلى سمير كأنه ثمرة ينتظر سقوطها ، وسمير ينظر إليه يخاله أسدا شرسا عند صمته ، وقطا أليفا عند تسبيحه ، كان واثقا من دعاء أمه له ، وهي تودعه قائلة : تعود بالسلامة ، مطمئنا بالله أنه لن يفجع أمه به ، وما هذه إلا نوع من المغامرات ، هكذا أراد سمير أن يطمئن نفسه .

بدأ النمر يحك جسده في جذع الشجرة حتى تهيأ لسمير كأنه منشار يحاول قطعها ، كان سمير يحرك رأسه مع حركة النمر جسده ،، ومن " حنقه وزعله " يردد : " ألا ليل ، ليل ، ليل ، ليل " " ،،، ليس بيده عصا حتى يؤذيه به ،،، لكن كان الدعاء حاضرا في قلبه تسبيحا واستغفارا ،،، وفعلا بدأت أساريره تنفرج ، عندما سمع صوت كلاب ،،، عندها توقف النمر من حك جسده ، وبدأ يشنف السمع ، ويبتعد عن الشجرة ، يبحث عن المصدر ، لكن النباح لم يتوقف ،،، بدأت نوازع الرغبة للعودة إلى الشجرة ، ونوازع الخوف من نباح الكلاب يتصارعان ، لكن الأخير سيطرت عليه فولى هاربا من حيث أتى .

قال سمير : سبحان الله ! إن الله لم يخلق شيئا عبثا ،،، فهذه الكلاب ، رغم نجاستها ،،، إلا إنها لا تخلو من فائدة .

نزل من الشجرة ليستريح بعد جلوسه على وضع واحد لفترة طويلة .