الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٦ مساءً

العقل الايراني يصطاد مجددا

يحي احمد
الخميس ، ٠٦ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
في 4 ديسمبر 2011 ميلادية تمكنت ايران من الاستيلاء على طائرة تجسس امريكية بدون طيار من طراز RQ - 170 في شرق البلاد ، وقد مثلت تلك العملية النوعية ضربة موجعة لأمريكا التي تعلم جيدا ماذا يعني الاستيلاء على طائرة بدون طيار وانزالها سليمة ، وقد دهشت امريكا كما اسرائيل من القدرات الايرانية في مجال الحرب السايبرية (الالكترونية) كما وصف ذلك تقرير اسرائيلي نشره موقع ديبكا المقرب من الاستخبارات الاسرائيلية واشار الى انتكاسة عظمى للتكنولوجيا الامريكية واكد التقرير بان العملية تظهر مدى تقدم القوات الايرانية في مجال الحرب الالكترونية حيث استطاعت تعطيل شبكة اتصالات الطائرة والاستحواذ على نظام تحكمها مما ادي الى انزالها بشكل سليم دون تعرضها لأضرار جسيمة.

الشيء المزعج الذي اشار اليه التقرير الاسرائيلي ان الطائرة لا يكتشفها الرادار فكيف اكتشفها الايرانيون والأهم من ذلك كله ، لماذا يفشل نظام التدمير الذاتي الذي برمج للتنشيط تلقائيا فور حصول اي خلل في نظام اتصال الطائرة مع موقع التحكم عن بعد ؟واذا حدث خلل في ذلك، لماذا لم تنجح محاولة تدميرها من خلال التحكم عن بعد؟

ايران كان بمقدورها ان تضرب الطائرة الامريكية من اول وهلة وتدمرها دون الاستفادة منها ولكنهم فضلوا التغلب عليها تقنيا واختراق انظمتها وفك شفرتها واعادت توجيهها لإنزالها في مكان امن لتحليلها ودراستها دراسة دقيقة لمعرفة ما لدى امريكا من تكنولوجيا ولاستنساخها لتوظيفها واستثمارها .وقد وصفت الصحف الامريكية تلك العملية بالهدية الثمينة وهي فعلا كذلك.

اثبتت ايران بتلك العملية الناجحة والمذهلة قدراتها الدفاعية السايبرية ، وبعدها تمكنت طائرة ايوب الايرانية التي اطلقها حزب الله من اختراق الاجواء الفلسطينية المحتلة لتحلق في اكثر الاماكن حساسية متحدية اجهزة الرصد والاستكشاف الاسرائيلية لاكثر من ثلاث مائة كيلو متر حتى اقتربت كثيرا من مفاعل ديمونة وبعد اكتشافها دمرت بعد محاولات عدة ، ومثلت هذه العملية اقتدار ايران على الهجوم واختراق منظومات العدو وتظليل اجهزة رصده.

ومن مصادفات القدر ان تتمكن ايران مجددا وفي مثل ذلك اليوم 4 ديسمبر 2012 ميلادية من الاستيلاء على طائرة امريكية اخرى من طراز سكن ايغل وانزالها معافاة كسالفتها ،ما يمثل ضربة اخرى للقدرات الامريكية في مقابل قدرات ايران التي تتعزز يوما بعد اخر، ان تخترق ايران نظم الشبكات وتخترق البرمجيات وتكسر الشفرات وتعيد توجيه الطائرة من جديد لمؤشر خطر للغاية ، فماذا يمنعها والحال هذه من اختراق انظمة اكثر حيوية واهمية مثل اختراق انظمة الصواريخ البالستية وشبكات الرصد والاستكشاف والدفاعات الجوية والقوة البحرية ؟؟
في الحقيقة لا شيء يمنع من ذلك .

ايران تعلم ان ما يسمى بالحرب الناعمة هي الاوفر حظا والاعم ضررا والاقل كلفة ،ولذلك فقد رصدت اموالا كافية وجندت عقولا فذة لتحتل مكانة مرموقة في هذا المجال وتتربع في أعلى قمة الهرم السايبري لتطوير قدراتها الدفاعيه لحمايه منظوماتها الحساسه، ولتبتكر وتطور قدرات هجوميه لاختراق منظومات العدو، اما بهدف التعطيل او التجسس.

الحرب الالكترونية بين ايران من جهة وامريكا واسرائيل من جهة اخرى تشتد ضراوة ، ويبدو ان العقل الايراني خارق وخطير ولا يستهان به وقد اعترف بذلك وزير الدفاع الامريكي ورئيس الحكومة الاسرائيلية نتانياهو.

ان امريكا كانت السباقة الى هذا النوع من الحرب (الناعمة )الالكترونية حيث ضرب فيروس امريكي يدعى ستاكسنت منشآت ايران النووية والحق بها اضرارا جسيمة مما ادى الى ان تسلك ايران السلوك نفسه وقد تمكنت ايران من تحقيق انجازات مذهلة في هذا المجال وفي فترة زمنية وجيزة حيث اصابت العديد من الفيروسات بعض المصارف والبنوك الامريكية خلال الاشهر الماضية من بينها مواقع تابعة للبنك الأمريكي، وبنك ''سيتي جروب''، وبنك ''مورغن شيس''. ونسب مسؤولون أمريكيون الهجمات المذكورة لإيران، وأنها رد على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وشن هجوم هو الأكثر تدميرا واضرارا ضد حواسيب شركة النفط Aramco السعودية وضد شركة الغاز القطرية RasGas ، خلال شهر أغسطس من هذا العام. وقد دمر قرابة الخمسة والثلاثين الف حاسب الي في شركة النفط السعودية ارامكو، وعلى الرغم من النفي الايراني الا ان السعودية تشارك بفعالية في الحصار المفروض على ايران من امريكا وحلفائها وذلك بتعويض النقص في النفط الناجم عن حضر استيراد النفط الايراني ،ولهذا فانه من غير المستبعد ان ايران ارتأت ان توجه انذارا ناعما لكنه شديد الخطورة للمملكة السعودية مفاده ان بإمكاننا ان نعطل شركة ارامكو ونوقف انتاج النفط السعودي وندمر الاقتصاد العالمي بقوانا الناعمة بدون المساس بمضيق هرمز بالقوة الخشنة .

وقد توجت القدرات الايرانية اليوم بإنزال طائرة من نوع اسكن ايغل (ScanEagle وهي طائرة متطورة مما يعد انتصارا للعقل الايراني الحاضر على كل المستويات ، وقد تتبع الجيش السايبري الايراني الطائرة لحظة بلحظة اثناء تحليقها فوق اجواء المياه الايرانية وبدلا من ان توجه لها قذيفة_ كما فعلت اسرائيل مع طائرة ايوب _مضادة لتحيلها الى كومة من رماد فقد اسالت هذه الطائرة لعاب الحرس الثوري فتمكن من انزالها واخفائها عن انظار الامريكيين الذين ينكرون الى الان افتقادهم أي من طائراتهم وقد دعتهم ايران بكل سخرية لإعادة حصر طائراتهم من جديد.

الايرانيون يعملون في الليل والنهار من اجل تطوير دفاعاتهم الجوية وحفظ امنهم القومي وسيادتهم المصونة رغم ما يمرون به من ضائقة مالية جراء الحصار المفروض عليهم منذ عقود ولكن ذلك لم يضعف من عزيمتهم وارادتهم الصلبة التي لا تعرف الانثناء .