الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٠٨ مساءً

اسرائيل تستفز والسودان تحتفظ بحق الرد

يحي احمد
السبت ، ٢٧ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
ما قامت به اسرائيل من استهداف لجزأ لا يتجزأ من كيان أمتنا العربية ليس الا تماديا في اذلالنا واستلاب لما تبقى من عروبتنا وامتهان لكرامتنا _وان كانت تستعاد جزئيا هنا وهناك بفضل المقامة في لبنان وفلسطين_

اننا اليوم لا نملك الشجاعة الا على بعضنا ولا نغار الا من ذواتنا . اسرائيل تستفزنا بل تستذلنا .وكل ما نفعله التحلي بالصبر وضبط النفس. إن ضرب مصنع الاسلحة السوداني من قبل الطائرات الاسرائيلية استفزاز واذلال لكل عربي تجري ذرة من كرامة في عروقه. صحيح انه ليس الإذلال الأول ولا التجني الاكبر .ففلسطين محتلة وأجزاء من دول أخرى. لكن ضرب السودان اتى أخيرا في وقت لم يعد للكيان الاسرائيلي تلك المهابة بعد توالي الانكسارات امام صمود المقاومة اللبنانية والفلسطينية.

اسرائيل لم تقتصر في تجنيها على الدول اللصيقة جغرافيا بفلسطين المحتلة بل تتعداها اذا ما استشعرت خطرا ما ،ففي عام 1981 ضربت اسرائيل مفاعلات العراق وفي 2007 ضربت مفاعلات سوريا وفي الالفين وتسعة ضربت في السودان ما قيل انها قافلة اسلحة لحماس واليوم في السودان مجددا وغدا ربما في أي دولة عربية اخرى وما يمنعها من ان تضرب دولة عربية اخرى مادام العرب يتحلون بالصبر وضبط النفس وفي احسن الاحوال يحتفظون بحق الرد .

مرت ضَربة اسرائيل لمفاعلات العراق بسلام لأنها كانت تخوض حربا بالوكالة مع جارتها ايران، وكذلك مرت ضربة اسرائيل في سوريا حيث تحلى النظام السوري بضبط النفس حينها .ومن ثم السودان في 2009 لكنها الاخرى تحلت بالصبر واليوم ضربة ثانية توجهها الطائرات الاسرائيلية لمصنع اسلحة سوداني .السودان يحتفظ بحق الرد ، صحيح ان السودان بلد فقير وانهكته الحروب الداخلية في دار فور وجنوب النيل الازرق و كردفان وفقد جنوبه الغني بالنفط ،لكن الا تملك دولة كالسودان ما ترد به .

لا يملك أحدنا الا ان يتساءل هل بإمكان السودان ان ترد وكيف يمكنها ذلك ؟ السودان لا يعدم سبل الرد فالمصالح الاسرائيلية موجودة بكثافة في القارة السمراء في اريتريا وفي الجنوب السوداني و في اثيوبيا وغيرها ،وقد يكون لدى السودان صواريخ هجومية يبلغ مداها قرابة 1900 كيلو متر وهي تقريبا المسافة التي قطعتها الطائرات الاسرائيلية لضرب مصنع الاسلحة في الخرطوم ان كانت هذه الطائرات اتت من فلسطين المحتلة . ان كان لدى قادت السودان حس وطني لاسيما بعد تلقيها ضربة استفزازية في الالفين وتسعة فسيكون لديهم صواريخ يبلغ مداها اسرائيل وما المانع من ان تكون قد اشترت من حلفائها وهم كثر فالصين وايران وروسيا واكرانيا لديهم ما تحتاج اليه . لا يوجد الا احتمالين اما ان السودان لا يملك ما يرد به أو انه خائف من تبعات الرد . الأول باطل لان المصالح الاسرائيلية في متناولها.

لكن و في كل الاحوال الخوف غير مبرر لا سيما وان حزب الله والمقاومة الفلسطينية قد كسرا حاجز الخوف من اسرائيل .كان يجب على السودان ان لا يتردد في الرد لأنه بتحفظه سيجعل اسرائيل تتطاول عليه وعلى غيره من العرب مرة ثالثة ورابعة .

من اين اتت الطائرات الاسرائيلية لتضرب وكيف تسمح مصر او الاردن وربما السعودية لطائرات العدو بخرق اجوائها ، ممكن ان ليس لهذه الدول اجهزة رصد دقيقة فلم تتمكن من رصدها لكن الأن وبعد الضربة اليس بالإمكان مسائلة اسرائيل من اين اتت اذا لم تكن من الجنوب السوداني المستقل حديثا او من الاساطيل الامريكية الرابضة في مياهنا !!

عندما تسلل مجموعة من الاسلاميين من سينا لتضرب في فلسطين المحتلة ,استنكر مجلس الامن واربا وامريكا .لكن السودان وكأن شيئا لم يكن . اين الجامعة العربية الم تعد تشعر بالعار .منظمة المؤتمر الاسلامي ماذا فعلت اليس السودان شعب مسلم بامتياز خاصة بعد فصل جنوبه كذلك منظمة عدم الانحياز ماذا فعلت ؟ على السودان الا يعول على أي من هذه المنظمات عليه ان يتحلى بالشجاعة ويتهور او يغامر كما غامر من قبله من هو اصغر منه كحزب الله والمقاومة في فلسطين .

اخترقت طائرة ايوب التي ارسلها حزب الله الاجواء الفلسطينية المحتلة ووصلت بالقرب من مفاعل ديمونة مما اشعر اسرائيل بالذل والعجز امام حزب الله فلم تجرؤ على ضربه وان كانت تخرق اجواء لبنان باستمرار. لكنها لا تجرؤ على ضربه ؟؟ لا نه سيرد لا نه لا يخاف التبعات.

لقد ضُرب السودان وسوريا يوم ضُربت مفاعلات العراق في 1981 وستضرب دول اخرى اذا لم يتعامل العرب مع هكذا اذلال بجدية .ولو ردت العراق يوم ضَربت اسرائيل مفاعلاتها ما تجرأت اسرائيل على ان تضرب في سوريا في 2007 ولو ردت سوريا يوم ضُربت لما ضُربت السودان ولو رد السودان في 2009 لما ضرب في 2012 .

اذا كانت السودان تُضرب لأنها تملك مصنع اسلحة لان لديها الارادة والتصميم على ان تمتلك القوة فهذه رسالة ليست موجهة الى احد سوى العرب رسالة للدول العربية التي تريد ان تمتلك مفاعلات نووية .

لقد صرح ملك الاردن في مقابلة تلفزيونية قبل ايام ان المعرقل للبرنامج النووي الاردني هي اسرائيل . هناك دول عربية أخرى تسعى لامتلاك مفاعلات نووية سلمية لتوليد الطاقة وعلى رأسها السعودية التي تدرس الان جغرافيا المكان المناسب لإقامة مفاعلاتها النووية .اسرائيل تدرك ان الأنظمة تتغير وان الشعوب العربية غير راضية عن وجودها القسري في وطننا العربي ،ولهذا فإنها لا تريد لأي دولة في المنطقة ان تصبح قوة مناوئة تشكل تهديدا لكيانها . ولكن اسرائيل ترسل رسائل غير مباشرة وكما يقال: اياك اعني وأسمعي يا جارة .
اسرائيل اطمأنت ولو مؤقتا على اتفاقية كامب ديفيد و ذلك واضح من خلال مواقف الاخوان المسلمين المعلنة لاسيما بعد رسالة مرسي المفعمة بالمحبة او بالأحرى المليئة بالذل.

ولهذا حاولت ان ترد الجميل لمصر بضرب عمقها الاستراتيجي السودان وربما بانتهاك اجوائها . يجب على مصر ان تتساءل هل اخترقت اسرائيل اجوائها اليس في ذلك فرصة للانعتاق من اتفاقية كامب ديفيد التي تكبل مصر .