السبت ، ١٨ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٨ مساءً

مذكرات ثور صومالي

أحمد غراب
الخميس ، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٥٠ صباحاً


البلاد هذه لا تنفع فيها ثورات، لأننا شعوب يومك عيدك، شعوب تثور بسرعة وتبرد بسرعة. زد على ذلك أن أهم مرحلة في الثورة هي مرحلة ما بعد الثورة، ونحن متعودون منذ قدم التاريخ، نولع الثورة ونسير "نخزّن"، تماما مثلما يولع النجار الحبة السيجارة وينساها في أذنه.

في البلدان المتقدمة الشعوب بعد الثورات تعيش وتربي ريش، ناس "مقطّفين"، يقوموا بثورة أو ثورتين في تاريخهم تساوي مائة ثورة من ثوراتنا.

ثوراتهم إلى الأمام سر، وثوراتنا على كلمات سر "إلى الخلف در".

في الدول المتقدمة تقوم الثورة الشعبية مرة واحدة، لتقول بعدها للثورات الاقتصادية والتكنولوجية والعلمية هلمي، وأقبلي، ولتقول للشعب "عيش عيش، عمّر بوري، وادغز ريش".

انظروا الزخم الذي شهدته دول أميركا الجنوبية بعد ثوراتها، كوبا اليوم آية في الطب البشري!

الرئيس البرازيلي الذي لم أستطع حفظ اسمه، بنى وصلح بلاده، ثم سلم الحكم وشعبه يبكي على فراقه!

نيلسون مانديلا حرر بلاده وهو محبوس، وخرج من السجن واشتغل شاقي من أجل بلده!

غاندي مشى حافي عاري إلا من سروال قصير كذلك الذي كان يرتديه جدي في الحرب العالمية الثانية.

في كل دول العالم الثورة يأتي بعدها زخم تطور وصادرات وواردات، في بلادنا بعد الثورة يأتي زخم ثوري، الثورة تعيد إنتاج نفسها، الثورة كالبصلة قشرة داخل قشرة.

عندنا ثورة قفا ثورة قفا ثورة لما يطلعوووا عين أم الشعب، ويجوعوه، ويخلوه كسيح عالة لا شغل ولا مشغلة، بالكاد يلاحق بعد المانحين والخدمات الأساسية: ماء وكهرباء، أما هو فقد صار وقفاً للمتصارعين.

الثورات بخواتيمها، ولذلك قال الشاعر العظيم أحمد غرابي: "لقد عاهدت نفسي ألا أقوم بثورة وأنا نائم، فالثورة كالسلتة فالحقها وهي حامية، وإياك ثم إياك ثم إياك من القات البغرة فإنه يورث الدبور".

اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.