شذرات من ذكريات ،، أبي
عباس القاضي
الاثنين , 23 يوليو 2012
الساعة 06:16
مساء
لم أر أبي غاضبا قَطْ...إذا رآني ألعب مع أقراني وبيده ما يريد توصيله إلى البيت ، ناولني إياها وهو يقول : سألعب بدلا عنك ، ومن فرط براءتي كنت أصدقه أن سيلعب مع أصحابي \" الغماية \" ، فتطير قدماي النحيلتان في الهواء إلى البيت فرحا بأريحية أبي ، وبطبعه المختلف عن بقية الآباء ، الذين لا يتحملون منظر أبنائهم وهم يلعبون.
كان أبي له أصدقاء كُثُر غير أن له أصفياء يلازمونه ثلاثة أيام من كل أسبوع من يوم الأربعاء سوق القرية الذي كان إلى يوم الجمعة سوق الجند ، وكانوا يتسامرون وهم الكبار سنا وشأنا ، وكأنهم شباب في صفاء سريرتهم وخلو همومهم.
كان يحبني ، يدللني صغيرا بدليل أنه أختار لي إسما ، كان في ذلك الوقت يعتبر عصريا ( عباس )، حيث كان أسماء إخوتي تقليدية ( محمد – علي – أحمد عبدالله ) ولأنني اغتربت صغيرا وكان وجودي في حضرته نادرا وعندما كبرت كان يخفي علي مشاعره ، ولكنني كنت أعرف حبه لي من خلال حبه لأصدقائي.
ما كان أبي يملك مالا كثيرا، لكنه كان كنزا يمشي على الأرض بقناعته وشكره لخالقه.
في وداعه الأخير لي وأنا أغادر الوطن ، ودَّعَنِي مرتين ، مرة في البيت ، وأخرى في المفرق ، وكان حزنه لفراقي ليس مثل كل مرة ، بكاني بحرقة ، وكنت ألاحظ تعلق عينيه على صفحة وجهي والدموع تنساح على خده ، لم أدرك سر هذه النظرة ، إلا عندما جاءني خبر وفاته - وأنا في السعودية في أول يوم من اختباري الثانوية العامة – فكأنها نظرة وداع _ رحمك الله يا أبي –.
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |