الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥١ صباحاً

أحمد شوقي يكتب عن :فجور المؤمنين " أنا الصوفي وعقدة التشفي"

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
بقلم أحمد شوقي

أكتبُ هنا لأنّ بي شبقٌ للكتابة عن فجور المؤمنين الأطهار، عن فحش الرهابنة وعبادَ الأديرة، عن منشدي القداس الأعظم، يدعونَ دينَ الله، ويلبسونَ ثيابَ الرهابنة والتقاة، ويلقونَ من أيديهم "ماء الربّ".. يا لها من سماجة..

يضيع الصحفي العظيم والكبير والمتضخم والنرجسي والمغرور والعالي والمرتفع والشاهق والمنتفخ والمتوّرم والذاتي نبيل الصوفي كلّ ما يمكن أن يدعوكَ لتجاهل رأيك القاسي فيه وليجعلك تبحر بعيداً عن تناوله وعن شجبه على افتراضية عدم الأذية لمن لم يأتيكَ بالأذية..

إنني أبحث عن سببٍ مقنع لما يقوم بهِ نبيل الصوفي من أجل تقديم نفسه بتلك الطريقة التي تجعلني أحاول التهرّب منه والتغرّب عنه بدعوى أنه لم يعد يمكن تقبّل نبيل الصوفي لأنّه يصادر هواء الآخرين في سبيل نفخ ذاته وسيطرتها على الأجواء، أنا أشعر بأنّ نبيل الصوفي يريد مصادرة بطولات الآخرين وإنجازاتهم واختزال الفضيلة في ذاته وللأسف..

قرأتُ مؤخراً نزراً مما كتبهُ نبيل الصوفي في الأستاذ/ خالد ابراهيم سلمان، لم أشعر إلا ونبيل يتساقط ويتداعى في داخلي أكثر وأكثر، لم أشعر إلا وأنا أراني مشمئزاً من تلكَ الطريقة وذلك الأسلوب وذاك التبرير، إنه يذكرني ببعض "النيوليبراليين" العرب الذين دائماً ينظرونَ لكَ من خلف الرجاء الصالح..

خالد إبراهيم سلمان هو الديمقراطيّ الشهم البطل العظيم، الذي قدّمَ لنا أولئك الرائعينَ جداً في صحيفته "الثوري" إنه المناضل الذي أضلّه الوقت وأضلّه الرجال، إنّ خالد سلمان عظيمٌ بما يكفي لأن يكبر مزيداً حدّ السحاب، فليسَ للسابلة وأترابهم وأذنابهم أن يرونا بتلك الطريقة الشائنة رأياً في خالد سلمان على سبيل التشمّت والإهانة..

إنّ خالد سلمان هوَ الذي وفر لنبيل وغيرَ نبيل أن يتكلم بأيّ طريقةٍ يحبّ عن هذا النظام، إنه الدرع البشري الأعظم الذي واجهَ نيابةً عنّا تبعات الحريّة، إنه الرمز الذيذ لألم الكلمة وجرأتها وقوتها وصلابتها، إنني أحزن ليسَ لأنّ خالد ذهبَ إلى لندن، وليسَ لأنّ خالد تخلى مثلاً عن البقاء هنا، ولكني حزين لأني أفتقدُ سطوره بيننا.. إنّ كلمات خالد سلمان ستبقى آيات حريتنا القادمة، لأرى وحقّ لي الرأي أن يبنى في يومٍ قريب تمثالٌ عظيم في ميدان السبعين بصنعاء لبطلٍ يمانيّ كبير يدعى خالد سلمان..

إنّ خالد أشجع وأكثر تهوّراً من البقاء خلف الأقنعة، أو المناغزة من خلفِ جُدُر كما يفعل البعض، إنه أجمل من أن يتقابح بتلك المساحيق التجميلية التملقية التي يستخدمها البعض، إنه أروع من أولئك الذين يتعلّمون الرقصات المبتذلة على صحنِ القصر الجمهوري وفروعهِ في مؤسساتهم وأحزابهم وانتماءاتهم، إنه زورو ومهاتما وجيفارا بنسبٍ مصغرة، إنهُ رجلٌ في جلّ الأوضاع..

لا أستطيع أن أفكر أو أن أشعر أو أن أظنّ أو أن يخطر لي على بال وأنا أرى خالد سلمان يلجأ إلى لندن إلا أن أحسّ بأنه ذلك البطل العملاق والرجل الفذ والرائع المتربّع على القلوب، إنني لأشعر بأنّ خالد معنا حتى وهوَ هناك، إنّ خالد قد علا بأفعاله إلى المستوى الذي لم يعد معهُ ممكناً أن تنال من مصداقيتهِ ورائقتهِ لدينا أيّةُ تصرفات تحسب عليه أو أيةُ دعاوى موتورةٌ في الأساس استولى عليها الحسد من المكانة والإغراء بالمكانة فصارت تضربُ ذاتَ اليمين وذاتَ الشمال على رأبة التوسط المزعوم والذي وإن لا يسمّى توسطاً إلا أني سأستدلٌ ببيتٍ للبردّوني آسفاً على الاستدلال المجافي لمقترفةِ الصوفي

إنّ التوسطَ موتٌ == أقسى وسموهُ ألطف

لقد سفّه نبيل أحلامنا وسبّ أعلامنا ونالَ من خالد سلمان آخر قلاع الحريّة في هذا البلد، في هذا العام..

خالد لا نمتلكُ إلا أنّ نحبك، قريباً منا نحبك، وبعيداً عنّا نحبك، كيفما كنتَ نحبّك.. نخبُ الجمال نحبك، نحب السلامِ نحبّك نخب الحرية نحبّك أيها الرائع..

لا تحرمنا منكَ.. نرجوك.