الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥١ صباحاً

بعد فشل آخر العمليات العسكرية .. مالذي يحدث ؟

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
موسى النمراني-يمن برس:

مرة أخرى نشاهد على شاشة التلفزيون اليمني فيلما رديئا من انتاج هواة المخابرات اليمنية .. لا ندري هل صمم لخداعنا أم لخداع الأمريكان وفي كلا الحالتين فالأمر مثير للتساؤل عن حقيقة مايحدث هل النظام اليمني هو من يصنع الأحدث لتحقيق أهداف يخطط لها أم أن النظام مجرد حلقة في يد نظام أكثر قدرة على صناعة الأحداث وبالتالي فهو يسير على غير هدى ويتخبط وكل مايحدث من عمليات ليست سوى عبارة عن ردات فعل مهووسة موجهة إلى جهة لا يدري النظام شيئا غير أن عليه أن يواجهها ؛ لماذا انتهى شهر العسل سريعا بين النظام اليمني وبين شبح القاعدة ؟ لماذا تحول عناصر القاعدة إلى مخبرين للأمن السياسي واستلموا مخصصاتهم من القصر الجمهوري ثم فجأة عادت القاعدة إلى واجهة الأحداث في اليمن ؟ هل من المعقول أن تكون عناصر القاعدة تعمل مع قيادات حقيقية لها ثقل في النظام اليمني وبدأت تشعر بأن مكانتها بدأت تهتز جراء الهدوء الممل ؟ أم أن هناك جهات كبرى بدأت تتحارب في اليمن وهذه هي الشرارات الأولى "صعدة ومأرب" ؟
المخابرات اليمنية ليست بدعا من المخابرات بل هي كأخواتها العرب سخيفة وعاجزة تماما حين يكون الخطر حقيقي .. وفاشلة بامتياز حين يتعلق الأمر بحياة الناس ومصالح المجتمع .. ومع كل فشل تلجأ إلى موظفين تخصصوا في كتابة القصص الرديئة وآخرين تخصصوا في تصوريها .. وبنفس الرداءة ..
عملية قوات مكافحة الإرهاب في مأرب الاربعاء الماضي ربما هي آخر انتاجات المخابرات العربية بشكل عام ولعلها الأكثر ركاكة ولا موضوعية
فبعد أربعة أيام فقط من لقاء الرئيس بالمشائخ من قبيلة عبيدة الذين قالت الاجهزة المنية أن الارهابيين يتواجدون فيها نفذت العملية ولكن في منطقة حدودية بين ثلاث قبائل ومحافظتين بطريقة تقول لنا أن المشائخ هم الذين كانوا يحمون القاعدة وأن الرئيس اشتراهم وبطريقة أخرى أن المشائخ على الأقل كانوا يعلمون بأماكن تواجد عناصر القاعدة ولم يدلوا بالمعلومات المطلوبة إلا بعد أن التقاهم الرئيس شخصيا وأيا كانت مدلولات الهاجسين سابقي الذكر فإنه يتبين لنا أن ذلك كله بعيد عن الحقيقة لأن العملية في الحقيقة لم تستهدف القاعدة بل استهدفت عصابة لتهريب المخدرات وأجزم بذلك من خلال عدم وجود أي اسم معروف من القاعدة من قبل ضمن قتلى العملية وكل القتلى هم من أبناء المنطقة التي يشار إليها بأصابع الاتهام في عمليات تهريب المخدرات. كما أن المنطقة التي قتلوا فيها ليست منطقة مخصصة للقاعدة بقدر ما هي منطقة معروفة لتجمع والتقاء عصابات تهريب المخدرات كما أن استشهاد العقيد علي قصيلة جاء بعد قيامه بإحباط عملية تهريب مخدرات الأمر الذي يمكننا أن نعتبره أقوى من مجرد تخطيطه للامساك بأحد فاري الهروب الكبير أي أن من قتل العقيد قصيلة ليس القاعدة بقدر ما قد تكون جهة أخرى تماما ليس لها علاقة بالقاعدة بقدر مالها علاقة بعملية المخدرات المحبطة وبالتالي فإنه من المنطقي السؤال هل كانت العملية تستهدف تنظيم القاعدة المتهم بقتل الاسبان أم عصابة تهريب المخدرات المتهمة بقتل قصيلة ؟ ماذا يمكن ان تكون الإجابة خاصة إذا ما عرفنا أن قاسم الريمي لم يقتل في العملية ولم يعتقل أحد من المعروفين من زملائه؟ هل تريد الحكومة أن نقول لنا أن تنظيم القاعدة يعمل في تهريب المخدرات أسوة بالكذبة الأمريكية في حق طالبان ؟ لنفترض أن نكتة كهذه قد ترضي الأمريكان كنوع من الحرب التكتيتة ضد القاعدة لكنها بالتأكيد لن تصدقها وعلى الحكومة أن تعد رواية أخرى أكثر مصداقية أو أكثر إقناعا لاستخدامها في التعامل مع الأمريكان والاسبان .. ولنا لاحقا
وإن سلمنا جدلا بأن العملية استهدفت عناصر من تنظيم القاعدة فإن نتائج العملية مخيبة للآمال من حيث التالي :
أولا أن العملية تمت في توقيت مناسب لإثارة عناصر القاعدة ضد المشائخ ما يعني أحد أمرين إما ان الحكومة تقصد إثارة مواجهة بين القاعدة والمشائخ لأنهم لم يقوموا بالدور المطلوب ومن خلال هذه العملية تدفع الحومة القاعدة إلى اتخاذ موقف ما من المشائخ ليضطر المشائخ حينها إلى الانحياز إلى الحكومة كدفاع عن النفس أو أن الحكومة فعلا حصلت على معلومات من المشائخ واستعجلت في استخدامها ما أدى إلى فشل العملية من جهة وانكشاف مصادر الحكومة المعلوماتية من جهة أخرى وفقدان الأمن اليمني لحليف مهم من الناحية المعلوماتية وهي المهمة الوحيدة التي يمكن أن يقوم بها المشائخ لأن الدعم العسكري يعد خيارا غير مطروح إذا ما أخذنا في الحسبان أن عناصر القاعدة هم من أبناء القبائل التي يستمد منها المشائخ قوتهم .
ثانيا أن العملية التي أعلنت الحكومة أنها قتلت فيها قاسم الريمي واعتبرت ناجحة على هذا الأساس لم تخرج بهذه النتيجة ولم يقتل من عناصر القاعدة المعروفين أحد .
ثالثا أن كلا من قتل قصيلة وقتل الأسبان لم تعلن عن مسئوليتها القاعدة ولم يبت فيها القضاء بل تضلان في حيز التهمة التي من حق المتهم ان يدافع عن نفسه حيالها ولا يجوز للحكومة أن تستخدم القوة العسكرية بقصد القتل بدون حكم قضائي يخولها الحق في القيام بذلك ؛ ان الحكومة في العمليات الأخيرة تتبرع باتهام القاعدة قبل أن تعلن القاعدة مسئوليتها ن العمليات وكأن وزارة الإعلام أصبحت كيانا مشتركا بين الحكومة والقاعدة تتحدث بالنيابة عن الجانبين . الأمر الذي ربما يدل على أن هناك جهة أخرى تعرفها الحكومة وتتعامل معها بشكل عسكري وتعلن مسئولية القاعدة الكيان الذي تعرف أن لا أحد يمثله في اليمن سوى تسجيلين صوتيين أحدهما للوحيشي والآخر للريمي اللذين لا يدري أحد أين هما ؟.. ربما يكونان في مكان أمين تحرسهما عناصر من الأمن وتسهل لهما تسجيل ما ينشرانه .
وبناء على ما سبق فإنه يمكننا أن نقرأ ما يحدث كالتالي
أولا مأزق تمر به الحكومة في العلاقة مع المشائخ بعد استخدام معلوماتهم بشكل مباشر
ثانيا مأزق تمر به الحكومة بسبب فشل الحكومة في تحقيق أي نجاح حقيقي في حرب الارهاب بعد انكشاف كذبة البسيوني ودعمه اللوجستي ثم انكشاف عدم قتل الريمي في العملية الأخيرة وإعلان فراره الأمر الذي لم يثبت بعد لعدم ثبوت تواجده في ذلك المكان من قبل أصلا أو حتى صلة القاعدة بقتلة قصيلة الذين ربما يكونون مهربي مخدرات لا علاقة لهم بالقاعدة
ثالثا مأزق الحكومة في التعامل مع فريقي التحقيق الأسباني والأمريكي وإقناعهم بأن هذه العملية رد على قتل الأسبان بعد تأكد الجميع من عدم علاقة القتلى بالعملية المذكورة .
رابعا مأزق الحكومة مع القانون ومع المنظمات الحقوقية في العالم التي تدين القتل بلا محاكمة الأمر الذي يحدث في كل عمليات الأمن اليمني .
خامسا تهميش دور الدولة من خلال طلب الرئيس من المشائخ تطهير مناطقهم الأمر الذي يدل على ضعف قدرة الدولة على السيطرة الأمنية على مناطق نفوذها علاوة على مؤشر خطير لفشل خطة الانتشار الأمني التي دشن الرئيس بالأمس المرحلة الأخيرة منها !